السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جزائريون يتحايلون على البطالة بعرض بضائعهم على قارعة الطريق

جزائريون يتحايلون على البطالة بعرض بضائعهم على قارعة الطريق
4 يناير 2011 19:51
للتحايل على البطالة التي تؤرق قطاعاً واسعاً من الشباب في الجزائر، اهتدى مئات الشبان إلى ممارسة التجارة على رصيف “ما تبقى” من الطريق الوطني رقم 05 حيث يعرضون سلعاً متنوعة أمام عابري السبيل ومنها عدد من المواد الغذائية والمشروبات المعدنية والغازية والفواكه، وأهمها التين المجفف الذي يحظى بإقبال كبير من الزبائن لمذاقه الشهي. مع أن هذه “تجارة قارعة الطريق” ليست جديدة في الجزائر وتعود إلى سنوات عديدة، حيث يعرض عددٌ من التجار الشبان التين المجفف للبيع على رصيف الطريق الذي يعبره يومياً مسافرو 14 ولاية من الشرق الجزائري على الأقل، إلا أن فتح أجزاء كبيرة من الطريق السيار شرق- غرب، دفع عدداً منهم إلى “إعادة الانتشار” في مساحات ضيقة تمتد على نحو 30 كيلومتراً فقط بدل الانتشار على نحو 150 كيلومتراً كما كان الأمر قبل فتح الطريق السيار، كما دفع عدداً آخر إلى الانتقال إلى مدينة الجزائر العاصمة وعرض هذه السلعة في بعض أسواقها. أرباح متذبذبة يقول السعيد علي (من منطقة الثنية، 60 كم شرق الجزائر) “مئات الشبان الذين كانوا يبيعون مختلف السلع على الطريق الوطني رقم 05 فضلوا دخول العاصمة أو أطرافها على الأقل، ففي سوق الرغاية وحده يوجد العشرات ممن يعرضون التين المجفف للبيع، سواءً بشكل مباشر أو من خلال التعامل مع تجار آخرين”. ويمكن للمسافرين المتجهين من الجزائر العاصمة إلى أية ولاية شرقية أو العكس، رؤية مئات التجار وهم يعرضون عليهم سلعاً عديدة على مسافات متباينة، تمتدُّ على مناطق عديدة من الطريق وبخاصة تيجلاَّبين والثنية وبني عمران وسوق الأحد وعمَّال والأخضرية. قبل أن ينتهي الطريق القديم فاسحاً المجال للطريق السيار. ويقول سمير علواش، شاب في الثامنة عشر من العمر، إنه “يمتهن بيع التين المجفف منذ سبع سنوات في منطقة تقع بين الأخضرية وعَمَّال، وهو يبيع إلى جانبه الرمانَ والبلوط وأواني فخارية. ويقول علواش إن “التجارة في هذا المكان في صعود وهبوط، ولكنها أفضل بكثير من العمل بأجرة؛ فهي تدرّ أرباحاً أفضل”. ولسمير “شريك” في هذه التجارة وهو قريبه نبيل علواش (23 سنة) الذي بدأ العمل معه منذ 3 سنوات، يقول نبيل “نحن لا ننتمي إلى هذه المنطقة، بل جئنا من بلدية آيث عزيز التي تبعد عن المكان بـ40 كيلومتراً، لدينا سيارة نجلب فيها سلعتنا كل صباح لنعرضها على مستعملي الطريق طيلة اليوم ونعود بها كل مساء إلى بيوتنا”. ويعقب سمير على كلام نبيل “المسافة طويلة والعمل بهذا الشكل يومياً وفي أجواء باردة أمر متعب، ولكن ليس هذا ما يؤرقنا، بل قرب فتح آخر جزءٍ من الطريق السيار بهذه المنطقة، ما يعني أن تجارتنا ستذبل وتنتهي كما انتهت في مناطق أخرى من قبل بسبب الطريق السيار”. ويفكر الشابان في حل لهذا “المشكلة” المؤرِّقة من خلال الانتقال إلى الجزائر العاصمة لبيع سلعتهما أو حتى ولاية برج بوعريريج التي تبعد عن مقر سكنهما بأكثر من 120 كيلومترا، ولكنهما لم يتخذا القرار النهائي بعد. عدالة وغرامات مالية إضافة إلى هاجس الطريق السيار، يعاني التجار من مشكلات أخرى تؤرقهم، يقول مامش أحمد (52 سنة) “بعد فتح هذا الجزء من الطريق السيار ستموت تجارتنا، هذه مشكلة تؤرقني لأني لستُ أعزب كباقي الشبان في هذا المكان بل متزوج وأبٌ لستة أطفال كلهم يدرسون، اكترث سيارة كل يوم لحمل سلعتي صباحاً وإعادتها مساءً إلى المنزل على مسافة 50 كيلومتراً، فلا أجني بعدها إلا القليل من المال، ليت الدولة توفر لنا محال لممارسة تجارتنا، فالأمطار لا تكف عن الهطول علينا والأجواء باردة ونحن نمارس تجارتنا في الهواء الطلق، هذه حياة مرَّة”. أما شريكه سوداني عمر (22 سنة) فقد جاء من منطقة ذراع الميزان ولاية تيزي وزو التي تبعد عن المنطقة بـ95 كم، ويقول إنه ينهض في حدود الرابعة صباحاً كل يوم للوصول إلى هذا المكان وبيع ما تيسَّر من التين وكذا الرمان والبرتقال للمسافرين، ولكن “التجارة لم تعد يسيرة كما كان الأمر من قبل برغم تقلص عدد التجار المنافسين بسبب فتح أجزاء كثيرة من الطريق السيار، فقد أصبحنا نتعرض لمضايقات الدرك الذي يأمرنا في كل مرة بإزالة سلعنا من المنطقة، وحينما رفضنا الامتثال بسبب انعدام البدائل التي تقينا شر البطالة، أحال ملفاتنا إلى العدالة”. وتدخل مجموعة من الباعة، رفضوا ذكر أسمائهم، ليُظهروا تذمرهم من الغرامات المالية الباهظة التي عوقبوا بها، مؤكدين أنها غرامات باهظة بالمقارنة بمحدودية تجارتهم. ويفكِّر أغلب الشبان الذين يبيعون التين المجفف وسلعاً أخرى بالانتقال إلى الجزائر العاصمة قريباً لمواصلة تجارتهم ولو بكراء محال واستخراج سجلات تجارية، ويقول جعفر أمْحَنَّد “الكثير من تجار منطقة القبائل التحقوا بالعاصمة لعرض سلعهم المعروفة وفي مقدمتها الأواني الفخارية والملابس النسوية القبائلية المعروفة وزيت الزيتون والتين المجفف، وهذه تقاليد في عرض منتجاتنا وهي رمز هويتنا الأمازيغية قبل أن تكون تجارة، ولذلك لن نعدم وسيلةً لمواصلة ترويجها”.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©