الملل نجم النجوم في فيلم "علاقات خاصة"

فيلم ''علاقات خاصة'' يدخل عالماً مختلفاً وأماكن عجيبة ليقدم وجبة فنية غير تقليدية من خلال مجموعة شباب نراهم لأول مرة في أدوار بطولة· الموضوع الذي يتناوله الفيلم يحتاج لنماذج بشرية استثنائية ربما يندر وجودها على الأرض· قد تبدو القصة لأول وهلة مجرد صداقة بين ثلاثة شبان لكل منهم مشكلة في علاقاته الخاصة أو العاطفية، وبحكم الصداقة التي تربطهم يتصارح الثلاثة بأزماتهم· ولأن المؤلف والسيناريست نبيل عزت اختار من البداية شكلاً غير تقليدي لنماذج تمثل شريحة محدودة في المجتمع فإننا نرى شباباً يتمتعون بالثراء والنجاح في العمل وليست لديهم مشاكل سوى تلك الحالة من الإحباط العاطفي التي يعيشها كل منهم· اختار المخرج ايهاب لمعي تقديم الشخصيات الرئيسية مدحت ''أحمد أبو النور'' و''جورج'' يوسف حايك وأحمد فلوكس ''أحمد'' في أول مشهد مصحوب بتعليق صوتي وكأن الاحداث التي يتضمنها الفيلم غير كافية ليعرف المتفرج طبيعة شخصياتهم· الأصدقاء الثلاثة يجتمعون في أحد الملاهي يشربون الجعة ويتبادلون الذكريات، بينما تشدو المطربة السورية سمر عبدالعزيز بأغانٍ تراثية وكأنها تعلق على الأحداث وتحلل الشخصيات و·· ينصرف الثلاثة· علاقات مشبوهة ''مدحت'' أحمد أبو النور، رجل أعمال ناجح يوحي للجميع بأنه سعيد ومغرم بزوجته اللبنانية ''تتيانا'' ويحرص على اصطحابها للعشاء والرقص· ويتضح ان زوجته لا تبادله الحب بل تعامله بجفاء بينما هو يذوب عشقا لإرضائها· حتى في حياتهم الخاصة تعامله بقدر من النفور ولا يقدم السيناريو أسباباً مقنعة لهذا الاندفاع من الزوج تجاه زوجة باردة لا تهتم به ولا تهتم حتى بأن توفر له وجبة طعام عندما يعود من عمله على الرغم من أنها لا تعمل وليس لديها أطفال· أما ''أحمد''، أحمد فاروق فلوكس فهو كما يقدمه الفيلم خبير في البورصة يبدو أنه أكثر الأصدقاء الثلاثة تحرراً ولكنه يقع في حالة حب رومانسية مع الجزائرية سارة بسام'' ''أنجي''· رأها فتاة جميلة في مقهى وتعرف إليها وأعجب بها وقرر أن يتزوجها· وهي قدمت له نفسها على أنها صاحبة محل للملابس وتحلم بأن تكون صاحبة أكبر بيت للأزياء· وتستمر علاقتهما بشكل رومانسي أقرب إلى حب التلامذة· ولعل ''جورج'' أو يوسف حايك مدرس اللغة الفرنسية، أقرب الحالات التي يطرحها الفيلم إلى الواقع· فهو مدرس مسيحي ملتزم في سلوكه تجاه تلميذاته لكنه يقع في حب إحدى تلميذاته التي تبدأ بمشاغبته وإثارة مشاعره بكل ما تملكه من جرأة واندفاع عمر المراهقة· إنها الموهوبة ''آية محمود حميدة'' ابنة الفنان محمود حميدة التي استطاعت من مساحة صغيرة على الشاشة أن تلفت الأنظار بأدائها البسيط التلقائي لتبقى صورتها الأكثر وضوحاً بعد كلمة النهاية· اللا معقول الفيلم يقدم عالماً خاصاً غير واقعي لشباب يفترض أنهم في بداية الثلاثينات لكن سلوكهم لا يتعدى المراهقة· وهو سلوك لا يمارس في العلن في عالمنا العربي· ف''مدحت'' رجل الأعمال يكتشف خيانة زوجته ويضبطها في فراش خطيبها السابق، وعلى الرغم من ذلك يعود ليسامحها ويتفاوض معها في شروطها للبقاء معه· ويستمر اسلوب اللا معقول لنرى ''أحمد'' يتأكد من ان حبيبته ''أنجي'' محترفة بغاء وعلى الرغم من ذلك يقبل اقتراحها بأن تستمر علاقتهما وتواصل الرذيلة حتى تحقق أحلامها في الثراء· وعندما يصارح ''جورج'' تلميذته الشقية بحبه تصدمه بأنها تحبه كمدرس وصديق فقط وتترك المدرسة ليواصل هو عمله ويجد نفسه يقع في حب جديد مع كل طالبة تبتسم له· هل هي ''علاقات خاصة'' بمرضى نفسيين، أم مجرد لعبة فنية أراد بها صناع الفيلم أن يلفتوا الأنظار بخروجهم عن المعقول ومخالفة المنطق في كل شيء؟· يوحي بذلك صوت المعلق الذي استعرض نهايتين لكل علاقة· الأولى منطقية وهي لم تحدث كما يؤكد· فمثلاً ''مدحت'' طلق زوجته الخائنة وتزوج أخرى أكثر جمالاً تحبه ويحبها··· و''أحمد'' ترك الفتاة الساقطة وعثر على فتاة مناسبة وتزوجها· وعادت التلميذة الشقية إلى أستاذها ''جورج'' وصارحته بحبها وتمت خطبتهما· كل هذا لم يحدث وما حدث هو أن الشباب تحولوا إلى أشباه رجال يقبلون المرأة الخائنة وينكسرون أمامها بلا أي مبررات ويلازمهم الأحباط والفشل في العثور على علاقات سوية· توزيع الأدوار واكتفى المخرج ايهاب لمعي بتوزيع الأدوار على الوجوه الجديدة التي أراد لها المنتج هاني جرجس فوزي أن تلعب البطولة في محاولة لكسر احتكار الاسماء المكررة وتقديم سينما جديدة بميزانيات متواضعة ومواهب جديدة· وعلى الرغم من أن هؤلاء الشباب سجلوا أسماءهم كأبطال فإن النتيجة النهائية أن بعضهم يستحق الحصول على فرصة حقيقية في فيلم حقيقي وأولهم آية حميدة ويوسف حايك، أما المتألق أحمد فلوكس فهو، يملك كاريزما خاصة وحضوراً قوياً ويبدو أن ايهاب لمعي وجد أن دوره كمخرج غير كافٍ، لذلك قرر أن يؤدي دور مهندس الديكور الى جانب الإخراج بما أنه دارس للديكور، لذلك حاول أن يلفت الأنظار بتكرار الديكور في أكثر من مشهد عندما يذهب ''مدحت'' و''أحمد'' و''جورج'' كل منهم بمفرده يجلس على الرصيف وخلفه الاطلال ليفكر في أزمته· وبذل مدير التصوير ايهاب حامد جهداً حقيقياً للسيطرة على حالة الملل التي تتسلل الى المتفرج واستطاع ان يكسر حدتها بتقديم صورة مميزة واعتمد على كادرات وزوايا جديدة· أما موسيقى حسن عامر فقد تم توظيفها بشكل مناسب ولم تسمح أغاني التراث بتقديم السورية سحر عبدالعزيز كمطربة لها حضورها وإنما مجرد صوت جيد فقط· أما ضيوف شرف الفيلم حنان ترك والراحلة ماجدة الخطيب وخالد سرحان وأدوارد وأميرة فتحي فلم يكن وجودهم إلا ومضات كسرت حدة الرتابة لتؤكد أن فيلم ''علاقات خاصة'' مجرد مغامرة غير مدروسة لتقديم وجوه جديدة لم يتم الاهتمام بها بقدر كافٍ·