الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشعوذة الفضائية.. "نار تحت الرماد"

الشعوذة الفضائية.. "نار تحت الرماد"
13 أغسطس 2007 03:06
السحر والشعوذة والتحايل على عقول البسطاء بقراءة كف أو فك طلاسم فنجان قهوة ليست ظاهرة جديدة ولا موجة طارئة وتزول، بل هي مرض يستفحل في خلايا المجتمعات الساعية إلى فك عقدها بعقد من نوع آخر· ومع دخول المشعوذين المتسترين خلف أقنعة التقوى والإيمان الى الفضائيات العربية بات الأمر في غاية الخطورة لأنه يستهدف وبلا وجه حق شريحة كبيرة من المشاهدين· فكم من واحد يصيبه الفضول لحل مشكلة ما أو التعرف إلى طريقة سهلة وسريعة للتداوي من مرض؟ هذا للأسف ما تروج له الشعوذة الفضائية بلا حسيب أو رقيب، وكله بهدف جني الأموال عن طريق الاتصالات التلفونية ورسائل الـ sms وهكذا اختلط الحابل بالنابل ولم يعد المتفرج قادراً على التمييز بين ما هو مشروع وغير مشروع· فأولئك الدجالون يلونون ألسنتهم بآيات قرآنية يصطادون بها ضعفاء النفوس غير القادرين على التمييز بين الرقية الشرعية والعلاج بالقرآن الكريم وأكاذيب المشعوذين· "دنيا" الاتحاد تستعرض في هذا التحقيق عدداً من المشاهد الحية لأشخاص تعرضوا لفخ الشعوذة، يروون كيف اكتشفوا الكمين وكيف أنقذوا منه· وفي المقابل نتوقف عند رأي المستشار في وزارة شؤون الرئاسة فضيلة الشيخ حسن الحفناوي والذي يفصل موقف الدين من هذا الوضع المستفحل خراباً على الشاشة والذي يدفع بالضحية الى مصيدة تجار الشعوذة الفضائية· نوبات عصبية وضاح صوفي يروي تجربته مع برنامج للشعوذة الفضائية بحيث قصده مرة على اثر إصابته بنوبات عصبية لم يكن يجد لها أي علاج· وخوفاً من أن يكون قد مسه جن، نصحه أحد المقربين بالاتصال بأحد الدجالين بقصد التداوي، وهكذا فعل· ذهبت إلى من يطلق على نفسه صفة شيخ وشرحت له حالتي فكتب لي طلاسم على مجموعة أوراق لم أفهم منها شيئاً، وطلب مني أن أبلها بكوب وأشرب ماءها· عملت بمشورته ومع ذلك لم أشف لا بل ازدادت حالتي سوءاً · بعد ذلك لجأ وضاح الى أحد القضاة المختصين بالإرشاد الاجتماعي في المحكمة وروى له ما حدث معه فنهاه عن هذا السلوك المحرم ونصحه بقراءة القرآن حتى تهدأ نفسه وتخف عصبيته· ويضيف: بفضل الله تعالى ما عدت أشعر بأي عارض من هذا النوع، وأنا مدين لكتاب الله الذي تعلمت منه أن الأمراض لا يمكن أن تشفى بالسحر والشعوذة، ولو كان كلام الدجالين صحيحاً لما عانى مريض على وجه الأرض · وباتت لديه قناعة مطلقة أن الهدف من فضائيات الشعوذة تحصيل أكبر قدر من الأموال· الماء المغلي بالملح قصة أخرى نسمعها من أحمد فهيم عن قريبة له_ يفضل عدم ذكر مدى القرابة بينهما كي لا تعرف_ لجأت الى أحدهم شيخ ، بهدف أن يساعدها على الشفاء من ألم الرأس الذي يصاحبه توتر شديد· ويقول: كنت معها عندما كتب لها على بضع أوراق وطلب منها أن تضعها تحت قدميها، ولم تمض خمس دقائق حتى شعرت بالدوار وسقطت أرضاً· ثم طلب مني أن أحضر لها وعاءً من الماء المغلي مع حبة البركة والملح حتى تغتسل بها في الصباح الباكر، فاستغربت طلبه وعرفت انه دجال· وعلى الفور خرجنا من عنده إلى المسجد حيث نصحها الإمام بأن تذهب الى العمرة، وهكذا فعلت وشفيت بإذن الله · ويعبر أحمد عن تعجبه من الوقاحة التي تتجلى بها قنوات الشعوذة والتي تعطي انطباعاً بشعاً عن الإعلام العربي الذي يجب أن يظهر بأحلى صورة وألا يكون مرآة للتخلف والانحطاط الديني والخلقي والفكري· هلوسة وتشويش ومن جهته عبد العزيز عزوزي يضع أمامنا تجربة لأحد أصدقائه الذي كان شبه متأكد أنه وقع تحت تأثير السحر فلجأ الى أحد هؤلاء المشعوذين ظنا منه أنه سوف يساعده ويفك ضيقه· وعلى العكس فقد تطورت حالته الى الأسوأ وهو اليوم على وشك الدخول الى مستشفى للأمراض العقلية بسبب ما أصابه من هلوسة بعد التنقل من دجال الى آخر· وعليه فإن عبد العزيز يأسف للمستوى المتدني من الأخلاق الإعلامية التي وصلت اليها بعض الفضائيات بحيث تسمح لفئة مضللة كهؤلاء المشعوذين بالتلاعب بمصير الناس· ويرى أنه من الضروري التمييز بين الرقية الشرعية المتعارف عليها وبين التشويش الديني في مثل هذه البرامج· وعن نفسه فهو يرقي نفسه بنفسه ويكثر من التسابيح وقراءة القرآن· أما علي حسن فهو واحد من الأشخاص الذين يتابعون برامج الشعوذة من باب الفضول· ويعتبر أن مصداقيتها لا تتجاوز 10 في المئة، لافتاً الى ضرورة التمييز بين الشعوذة والعلاج بالقرآن الكريم· وبرأيه فإن المؤمن المتمكن من دينه يعرف تماماً الفرق بين الخيط الأبيض والخيط الأسود، ثم إن المبالغة من قبل هذه الفضائيات، في التأكيد على الشفاء من السحر والمرض والربط، لا بد أن يترك في النفس متسعاً من الشك والحذر· خزعبلات واشمئزاز عندما سألنا تهامة بيرقدار وهي مدرسة عن رأيها أجابت باستياء: كم يشعر الواحد فينا بالاشمئزاز عندما يشاهد ولو بالخطأ برنامجا كهذا أو ذاك يضحك على عقول الناس البسطاء· نحس فعلاً بالقهر والانزعاج من المستوى المتدني الذي وصلت اليه بعض الفضائيات للتأثير على المشاهدين بوسيلة رخيصة تعتمد على استغلال المرضى وذوي الأزمات على اختلافها وجميعنا نعاني وبالتفاوت، من المشاكل في حياتنا · وهي لا تصدق مثل هذه الخزعبلات وتذكر أن أحد معارفها ممن يعمل في إحدى فضائيات اتصالات الشفاء على الهواء أخبرها أن معظم المكالمات التي ترد الى البرنامج ملفقة من أجل الترويج واستقطاب أكبر عدد من رسائل الـ sms والاتصالات· أما زميلتها جوسلين كرم التي تعمل مثلها في مجال التدريس فتعلق على الموضوع مستغربة أن يكون هناك من يقتنع بأن ثمة شخصاً قادراً على فك أزمته بمجرد اتصال هاتفي· وهي لا تؤمن أبدا بعلم الغيب أو القدرة البشرية في صنع المعجزات، وبالنسبة لها لا مجال أبدا للجوء الى مثل هذه الأمور· وفي حال مرضت تستعين بالأطباء، وإن عجزوا فتسلم أمرها بالدعاء الى الله وحده الشافي المعافي· تلك اللقاءات لا تمثل سوى عينة من آراء كثيرة وتعليقات نسمعها من هنا وهناك وهي في معظمها ترفض التعامل مع الشعوذة الفضائية بأي شكل من الأشكال، والسؤال: إذا كان الجميع ضد هذا الأسلوب المبتذل في المتاجرة بخصوصيات الناس، فمن هم إذن كل أولئك المتابعين والمتصلين وأصحاب الرسائل الهوائية؟ مما لا شك فيه أن من يلجأ الى مثل هذه الأمور المشبوهة يعرف ضمنا أنه يرمي نفسه في التهلكة، ويخجل بفعلته لذلك لا يعترف بها الا بعد أن تقع الفأس في الرأس· لافتاً الى ضرورة التمييز بين الشعوذة والعلاج بالقرآن الكريم· وبرأيه فإن المؤمن المتمكن من دينه يعرف تماماً الفرق بين الخيط الأبيض والخيط الأسود، ثم إن المبالغة من قبل هذه الفضائيات، في التأكيد على الشفاء من السحر والمرض والربط، لا بد أن يترك في النفس متسعاً من الشك والحذر· خزعبلات واشمئزاز عندما سألنا تهامة بيرقدار وهي مدرسة عن رأيها أجابت باستياء: كم يشعر الواحد فينا بالاشمئزاز عندما يشاهد ولو بالخطأ برنامجا كهذا أو ذاك يضحك على عقول الناس البسطاء· نحس فعلاً بالقهر والانزعاج من المستوى المتدني الذي وصلت اليه بعض الفضائيات للتأثير على المشاهدين بوسيلة رخيصة تعتمد على استغلال المرضى وذوي الأزمات على اختلافها وجميعنا نعاني وبالتفاوت، من المشاكل في حياتنا · وهي لا تصدق مثل هذه الخزعبلات وتذكر أن أحد معارفها ممن يعمل في إحدى فضائيات اتصالات الشفاء على الهواء أخبرها أن معظم المكالمات التي ترد الى البرنامج ملفقة من أجل الترويج واستقطاب أكبر عدد من رسائل الـ ٍََّّ والاتصالات· أما زميلتها جوسلين كرم التي تعمل مثلها في مجال التدريس فتعلق على الموضوع مستغربة أن يكون هناك من يقتنع بأن ثمة شخصاً قادراً على فك أزمته بمجرد اتصال هاتفي· وهي لا تؤمن أبدا بعلم الغيب أو القدرة البشرية في صنع المعجزات، وبالنسبة لها لا مجال أبدا للجوء الى مثل هذه الأمور· وفي حال مرضت تستعين بالأطباء، وإن عجزوا فتسلم أمرها بالدعاء الى الله وحده الشافي المعافي· تلك اللقاءات لا تمثل سوى عينة من آراء كثيرة وتعليقات نسمعها من هنا وهناك وبمعظمها ترفض التعامل مع الشعوذة الفضائية بأي شكل من الأشكال، والسؤال: إذا كان الجميع ضد هذا الأسلوب المبتذل في المتاجرة بخصوصيات الناس، فمن هم إذن كل أولئك المتابعين والمتصلين وأصحاب الرسائل الهوائية؟ مما لا شك فيه أن من يلجأ الى مثل هذه الأمور المشبوهة يعرف ضمنا أنه يرمي نفسه في التهلكة، ويخجل بفعلته لذلك لا يعترف بها الا بعد أن تقع الفأس بالرأس· الشيخ الحفناوي: الإسلام الحنيف دين العلم ولا يقبل الشعوذة إطلاقاً المستشار في وزارة شؤون الرئاسة الشيخ حسن الحفناوي يوضح بداية أن القرآن لم ينزل ككتاب طب بل كمنهج يتبعه المسلم في دنياه ليحظى بآخرته، وهذا لا يمنع أن يتبارك الإنسان بآيات القرآن الكريم داعياً الله أن يتمم له الشفاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه كان يتداوى بالعلاجات والأدوية وكان يصف ما يعرف منها للناس، وما عدا ذلك انحراف بالقرآن عن هدفه الأساسي· وينتقد فضيلة الشيخ الحفناوي الشعوذة الفضائية قائلاً: إن مثل هؤلاء المشعوذين الذين يدعون القدرة على شفاء المرضى، يرمون بذوراً للشعوذة بين صفوف المشاهدين كي يكتسبوا بها الأموال فيما بعد· وهذه دعاية غير مدفوعة الأجر للمشعوذين الذين يجب أن يقعوا في قبضة الملاحقة القانونية وتحت طائلة المحاكمة من الدول التي ينتمون اليها· ومعظم الدول العربية تتضمن قوانينها عقوبات لمن يتعاطى الشعوذة حماية للناس · ويتابع: إن هذا النوع من برامج الشعوذة على الفضائيات لا يندرج تحت أي قسم من أقسام الإعلام، والواجب إظهار حقيقتها الملفقة وتحذير المشاهدين من اللجوء اليها أو الثقة بها· علماً أن الأزهر الشريف وديار الافتاء، مع رفضها لهذه الظاهرات المغرضة، ليست لديها قرارات ملزمة في هذا الصدد· ويتوجه فضيلة الشيخ الحفناوي الى القراء ومشاهدي مثل هذه البرامج بأن يكونوا على وعي كامل بأن الإسلام الحنيف دين العلم لا يقبل إطلاقاً بالشعوذة · ويقول: من المؤسف أن كثيرين يتوسلون لنيل الدنيا بالقرآن، وهذا الكتاب الكريم وان كانت هناك تبريكات ببعض آياته فهذا لا يعني أنه كتاب طب وأنك إذا قرأت الآية الفلانية عدة مرات كما يقولون، فان ذلك يستتبع الشفاء· وهذا الكلام لم يتنزل القرآن لتحقيقه، ولو أراد الله تعالى انزال كتاب طب لفعل · ولا ننسى حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما قال: ما خلق الله داء الا جعل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله· وهذا دليل صريح على أن التداوي بالأدوية التي يتوصل عقل الإنسان اليها هو العلاج السليم· حذار الجن السفلي وعن السحر يورد فضيلة الشيخ الحفناوي أنه مذكور بالقرآن وقد ذكر في سورة البقرة، والسحر كما قال العلماء هو استعانة ببعض الجن لإلحاق الأذى بالغير مما قد يشعر المتأذي بأعراض لمرض هو ليس مريضاً به· وفي ذلك يقول بعض العلماء إن مس الجن للإنسان يمكن عن طريق السحر وقد أفتى بعض العلماء بأنه يمكن لمن أصيب بالسحر أن يلجأ الى من يحل له هذه الأمور بشرط أن يتوقى النصابين والمحتالين ومن يتصلون بالجن السفلي وهو الجن غير المؤمن· وهنا لا بد من التأكيد على أن من يتصلون بجن مؤمن ويستطيعون أن يستخرجوا مثل هذه الأعمال، جهدهم قليل ونادر· ومع ذلك فقد تشكك كثيرون من العلماء في جواز مثل هذه الأمور والله تعالى عندما ذكر السحر أوضح لنا توضيحا كاملا أنه لا أثر له الا بإذن الله تعالى، فإذا كان الأمر قد تم بإذنه تعالى فعلينا أن نلجأ الى من أذن به وهو الله· نلجأ اليه بالدعاء الخالص والعبادة الصحيحة والتقوى والإيمان· والأفضل أن يلجأ الإنسان الى عالم عابد ويطلب منه الدعاء ويشاركه في التضرع الى الله، وهذا خير من التوجه الى المشعوذين الذين لا هم لهم سوى إخراج الأموال من جيوب الناس·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©