السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قبل النطق بالحكم

14 أغسطس 2007 01:28
هناك وفي قاعة المحكمة حيث تصطف القضايا أمام منضدة القاضي للفصل فيها، دعاني الفضول للجلوس بجانبه لسماع قضية ذلك الشاب الذي لم يتجاوز العشرين من عمره·· كان يقبض على قضبان قفص الاتهام بشدة وكأنه يريد تحطيمها، وفجأة انتبهت لصوت القاضي وهو يقول ''بعد الاطلاع على القضية رقم ·······'' ولكن القاضي لم يكمل عبارته فقد اعترضه الشاب المتهم بقوله: ''أيها القاضي اسمح لي أن أقول شيئاً قبل أن تنطق بالحكم عليّ، نعم إنني متهم، نعم لقد ارتكبت الجرم وتاجرت بالمخدرات، ولكنني لست المتهم الأول في هذه القضية، إن المتهم الأول هو أبي الذي يجلس بين الحاضرين ''ارتفع الهمس في القاعة وسرعان ما تلاشى بعد أن استكمل الشاب حديثه'' نعم أبي هو المتهم الأول، إنني ضحيته، ضحية سعيه وراء المال والثروة، لم يأمرني يوماً بالصلاة، لأنه لا يصلي إلا يوم الجمعة فقط، لا يهمه متى أخرج أو متى أعود أو من هم رفقائي، تمنيت أن اسمع من لسانه التوجيه والنصح والارشاد، ولكن لسانه لم يعرف سوى تلك العبارة ''إنني مشغول''، كان بعيداً عن همومي ومشاكلي·· تركني للقنوات الإباحية والمجلات الفاضحة أنتشل منها ثقافتي·· تركني لرفقاء السوء يديرون مستقبلي ويرسمون لي أحلامي الوردية، كان يقف في قاعة تداول الأسهم تراقب عيناه أسهم الصعود والهبوط، بينما أقف أنا في قاعة الملل والفراغ، يجلس هو مع أصدقائه يخططون للاستثمار بينما أنا أخطط للانتحار، كان يسافر للخارج لتوقيع الصفقات بينما أسافر أنا مع الشيطان للملذات والشهوات·· بدأت أطلب المال منه تلو المال حتى ألفت انتباهه، ولكن بلا جدوى، فهو مشغول بجمع الأموال ومراقبة السوق والأحوال، تجرعت المخدرات هروباً من همومي ومشاكلي''· ثم أجهش بالبكاء وهو يعتصر ألماً ويقول ''كنت أجد ملاذي بين المدمنين وتجار المخدرات والفاسقين والفاسقات حتى سلكت طريق المسكرات، ظننت سعادتي هناك ولم أعرف أنني أسير في درب الأشواك، وأن مصيري ينتظره موت وهلاك حتى وقعت في الشباك·· وارتفع صوته بالبكاء ليقول ''عاقبوه قبل أن تعاقبوني·· حاسبوه قبل أن تحاسبوني·· ضعوه في السجن قبل أن تضعوني·· فهناك آلاف الآباء مثله وهناك آلاف الشباب مثلي·· لم يحسن تربيتي ولم يحسن تأديبي وأكون أنا المذنب؟''· خرجت من قاعة المحكمة وأنا أردد قول الله عز وجل ''وقفوهم إنهم مسؤولون''·· أيها الأب اتقِ الله في أبنائك، فهم أمانة في عنقك، وتذكر قول رسولنا الكريم ''كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته''· مركز الدعم الاجتماعي شرطة أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©