الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الألفاظ الجارحة وقود المشاحنات الزوجية

الألفاظ الجارحة وقود المشاحنات الزوجية
6 مارس 2010 22:15
«أرجوكم ساعدوني.. شريك حياتي لسانه طويل وجارح يثور في أي وقت، يصرخ ويعلو صوته، ويتشاجر معي لأتفه الأسباب، وينعتني بأسوأ الألفاظ».... هذه تهمة جاءت على لسان بعض الزوجات، وقد اعترفن بها كنوع من «فشة الخلق»، والبعض الآخر منهن فكر في الزوج الجارح الذي يتعمد إهانة زوجته، مستشهدات بالبيت الشعري «وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بإني كامل». شتائم الأزواج ليست مقتصرة على «الرجل فقط»، فالزوجة أيضاً سليطة اللسان أحياناً، وقد تحمل هذه الصفة الذميمة وتمنحها فرصة السيطرة على حياتها، ونتيجة لذلك نسمع ونرى الكثير من القصص والحكايات. هذه حال بعض البيوت، حيث أصبحت في العصر الحالي حلبة صراع، الرابح هو صاحب الصوت الأعلى واللسان الأطول؟ وعندما يطفح كيل الشتم والسب بين الزوجين... لا بدَّ لأحدهما أن ينسحب من ساحة المعركة. زوجي لسانه طويل شهد أحمد واحدة من الزوجات اللاتي يعانين من طول ألسنة الأزواج، فمنذ تزوجت وهي تعيش في تعاسة، تروي قصتها بحزن: «حياتي كلها إهانات، وهذا الأمر يوقعني في الكثير من المشاحنات والمشاجرات اليومية مع زوجي، فإذا عاد من العمل ولم أكن قد أنجزت الغداء يكشر عن أنيابه، ويتهمني بأني كسولة، ولا ينسى أن يرمي عليَّ بعض البهارات الحارة التي تسم البدن والأذن، وهي تلك الألفاظ السوقية التي يستحي الإنسان من ذكرها، وكأنَّه يتلذذ بهذه الألفاظ حين ينطقها». تصمت شهد، وتعاود حديثها: «إذا تناقشنا في أي موضوع ولم يستطع الدفاع عن وجهه نظره يتخلى فجأة عن هدوئه، ويرفع صوته قائلاً: (أنت زوجة حقيرة)، وهكذا تمتلئ حياتي بالنكد يوماً بعد يوم». إهانات عبر الأثير أيضاً نهى كمال نموذج آخر لضحايا الإهانات والسب والشتم، فزوجها يثور ويتوتر عدة مرات في اليوم الواحد، على الرغم من عدم وجود مبررات قوية لهذه الثورة، تحكي نهى قصتها، وتقول: «إذا بكى طفلي ليلاً وعلا صوته، يتضايق زوجي ويصرخ في وجهي لإسكاته، وإن لم يفلح الأمر مع الطفل، فإن مصيري الشتائم والإهمال، وإذا تأخر عن موعد عمله فالويل لي، فموبايلي لا يتوقف عن المسجات التي تحتوي على إهانات وشتائم لا حصر لها». تصمت قليلاً وكأنها مترددة، ثم تتابع بهدوء: «هكذا منذ تزوجت وأنا على هذه الحال، طلبت منه ألا يشتمني أو يسبني أمام أبنائه، إلا أنه لا حياة لمن تنادي، فقد تعّود على هذا الأمر من منزله، فوالده كان يفعل ذلك مع أمه، فتربى على ذلك السلوك، ولم يستطع التخلص منه». تتابع نهى وهي منفعلة: «لا أدري متى يتخلص زوجي من هذا الطبع السيئ، لكن رغم الإهانات، فإنني أكرر عليه هذا المثل عله يفهم معناه، وهو «لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك». عقده نقص بنوع من الحدة والعصبية تروي نسيم كامل، موظفة، تجربتها مع هذه المتاعب اليومية، فتقول: «بعد أكثر من تسع سنوات، ومنذ اليوم الأول لزواجي، اكتشفت أن الرجل الذي فضلته على الجميع يعاني من (طول اللسان)، اعتقدت إنني في بداية الأمر استطيع تغيير طباعه، ولكن كل محاولاتي للأسف باءت بالفشل الذريع، بل إن حالته ازدادت سوءاً، فهو داخل المنزل يكون مثل الحمل الوديع، أما خارجه فيصبح إنساناً آخر، ينفعل بسرعة، ويسب كل من يعترض طريقة بألفاظ قبيحة، ويبدأ في إطلاق قذائف من السب والشتائم، حتي أنه في كثير من الأحيان يعمد إلى إهانتي عمداً أمام أبنائي بسبب ودون سبب، فقط من أجل إحراجي وإذلالي». تصمت نسيم ثم تستأنف حديثها ضاحكه: «أشعر أن زوجي ثم تستأنف من (عقدة نقص)، أويُحتمل أنه مريض نفسياً، ويحتاج إلى دكتور نفسي ليعالجه. رغم إهانته وإذلاله لي إلا أنني حاولت معه مراراً، وحاولت إقناعه بالذهاب إلى معالج نفسي ليعالجه، ودائماً ما يسمع صراخه إلى آخر الشارع، وحين أطلب منه التخلي عن سلوكه يرد علي بالقول: (أنا لست المجنون، بل أنت يا بنت …..»!! حب دون احترام «الإهانة كلمة يجب أن تمحى من قانون الأزواج»، بهذه العبارة بدأ صديق الجشي حديثه، قائلاً: «إن الإهانة هي من أفظع ما يمكن أن يحدث بين أي طرفين، فكيف الحال إن كانا زوجين؟! بالطبع ستتهدم من حولهما جسور الاحترام لبعضهما البعض، حيث يبدأ الرجل بالإهانة، وتردها المرأة سواء بكلامها أو تصرفاتها، ويفقدان أهم ما بني بينهما وهو الاحترام الذي مع الوقت يتطور إلى الأسوأ حتى يصل لمرحلة فقدانهما حبهما لبعضهما بعضاً أيضاً، فكيف سيأتي الحب دون الاحترام»؟ ولا يعتبر ضياء زيدان (موظف) أن شتم الزوجة لزوجها مشكلة، ويعده أمراً عادياً، ويقول: «يعتمد الأمر على ظروف المرأة، وحالتها النفسية وإذا ما كانت متضايقة. وإذا صدر من زوجتي هذا التصرف، فسأبتعد عنها حتى تهدأ وتفكر وتحس بغلطها، وتفهم أنها فعلت شيئاً خطأ. وبالنسبة لي لا أعتبرها إهانة لي ولرجولتي، ولا يمكن أن يصل الأمر إلى الطلاق حتى لو أهانتني أمام الناس». التحليل النفسي من البداية، لا بد لكل امرأة حين تعرف أنَّ زوجها من النوع الذي يملك قاموس الشتائم، أن توقفه عند حده. يوضح الطبيب النفسي محمد عمر ذلك بحسم، ثم يقول: «اعتراض الزوجة المتأخر لا يستطيع إيقاف هذا الفيضان الذي كانت السبب في حدوثه؛ لأنَّها منذ البداية كان عليها ألا تتقبل هذا الأسلوب، الذي يبدأ بنوع من الدعابة ثم ينقلب بعد ذلك إلى تّعود». يشرح الدكتور محمد ذلك بنوع من التفصيل، ويقول: «الرجل الذي اعتاد على السب والشتم قد يرجع تصرفه إلى البيئة التي ترعرع فيها، والمجتمع الذي يعطيه صلاحيات ليكون الأعلى باعتباره رجلاً قوياً، والمرأة كائناً ضعيفاً، لذلك يجد نفسه يتفوهه بهذه الألفاظ كنوع من سلوك لإسكات الزوجة، وقد يتعدى تلك الألفاظ في بعض الأحيان عند بعض الأزواج، إلى صولات وجولات في المصارعة والملاكمة. لكن للتخلص من هذا السلوك السيئ، لا بد من البدء في التخلص من عبارات وألفاظ السب العرضية، والتفكير بطريقة إيجابية، مع التدرب على الصبر، واستخدام كلمات وألفاظ بديلة، ولا ننسى التعبير عن الرأي بصورة مهذبة، وكل هذا لن يتم ويتحقق إلا في حالة التخلص من هذه العادة السيئة، التي فرقت الكثير والكثير من العلاقات الزوجية، وكانت نهايتها المحاكم والطلاق». البعد القانوني في مقاربة للمسألة من جانبها القانوني، يضع المحامي سالم بهيان جرائم السب والقذف في خانة جرائم الشكوى التي يتم تحريكها من قبل المجني عليه. وتفصيلاً يقول بهيان: «الشكوى التي اشترطها القانون في المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجزائية لجواز رفع الدعوى الجزائية في جرائم السب والقذف، هي إجراء يباشره المجني عليه أو من يقوم مقامه قانوناً يعبر فيها عن رغبته في تحريك الدعوى الجزائية لإثبات المسؤولية الجزائية للمشكو في حقه، وتوقيع العقوبة المقررة قانوناً عليه. ويترتب على تقديمها استعادة النيابة العامة حقها في تحريك الدعوى الجزائية، مما مفاده أن الشكوى مجرد قيد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى، فإذا مازال القيد بتقديم الشكوى من صاحب المصلحة تكون النيابة العامة هي صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرتها». وبالنسبة لجرائم السب والقذف الواقعة بين الأزواج، يذكر بهيان: «يتم تحريكها ببلاغ يتقدم به المجني عليه لمركز الشرطة، أو النيابة العامة للإبلاغ عن واقعة السب أو القذف لتقوم النيابة العامة بعد ذلك بدورها في متابعة الدعوى وإحالتها إلى القضاء».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©