الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

داكار وماذا بعد؟

19 مارس 2008 22:35
اتفاق المصالحة والمصافحة وتطبيع العلاقات بين السودان وتشاد الذي وقعه رئيسا البلدين في العاصمة السنغالية -في الثالث عشر من هذا الشهر- والذي عُرف فيما بعد باتفاق ''داكار'' بين السودان وتشاد ليس فيه جديد يميزه عما سبقه من اتفاقات وبروتوكلات وقعها الرئيسان في طرابلس والخرطوم والرياض، سوى ما ورد في الفقرة الثالثة من الوثيقة حول اتفاق البلدين على تشكيل مجموعة اتصال تجتمع مرة في الشهر في عاصمة إحدى الدول الأعضاء في المجموعة والتي تشكل تحت الرئاسة المشتركة لكل من ليبيا وجمهورية الكنغو، وتضم وزراء خارجية اريتريا والسنغال والجابون وتجمع دول الساحل والصحراء والاتحاد الأفريقي لدول وسط أفريقيا '' كما ورد في نص الاتفاق، هذه الآلية (مجموعة الاتصال) هي الأمر الإضافي على الاتفاقات السابقة التي جرى التأكيد مجدداً من قبل الرئيسين على احترامها والالتزام بها· ولأن تجربة الاتفاقات والمصافحات والمصالحات السابقة بين الرئيسين كانت مرة المذاق ولم تصمد أمام الواقع الأليم الذي انحدرت إليه علاقات البلدين الشقيقين، فإن النغمة التي سادت قبل وبعد توقيع اتفاق ''داكار'' كانت نغمة التشاؤم والإحباط عند كثير من المراقبين للتطورات المؤسفة للعلاقات التشادية السودانية والتي وصلت إلى مرحلة كادت أن تتفجر فيها حرب حقيقية مباشرة بينهما، إضافة إلي الحرب بالوكالة التي تقوم بها الحركات المسلحة المحسوبة على كلا الطرفين· وبالرغم من أن كل حسابات العقل والمنطق والمصالح المتداخلة بين البلدين والشعبين المتجاورين، وأن العلاقات بينهما لا يمكن إدارتها بقوة السلاح، ومع ذلك فإن كل الاتفاقات السابقة والحالية -التي أكدتها- عجزت أن تعيد العلاقات التشادية السودانية إلي مسارها ووضعها الطبيعي، ويبدو مع افتراض حسن النوايا من كلا الطرفين ومن الوسطاء للتفاوض بين البلدين، أن أحد أهم أسباب الفشل السابقة -ونرجو ألا يكون له حق -محاولات الوصول إلى حل لما عرف بالأزمة التشادية السودانية كانت تدور حول سطح الأزمة، ولم تتعمق أبداً في جذورها، وأنها كانت تهدف دائماً إلى نزع فتيل الأزمة البادية للعيان دون اقتلاع جذورها الحقيقية التي أوصلت البلدين إلى هذه الحالة البائسة والمؤسفة· فالأزمة الحقيقية في منشئها وأصلها هي أزمــة تشاديــة - سودانية، فإذا لم يتوصل الحكم في تشاد إلى حل عادل ومقبول بينه وبين معارضيه من بني جلدته التشاديين، ينهي المظالم والاحتكار الذي دفعهم إلى محاربته، وإذا لم يتوصل الحكم في السودان إلى حل عادل ومقبول بينه وبين معارضيه من بني جلدته الدارفوريين، فإن الأزمة ستظل تواصل مسيرتها مرات أخرى، وحتى إذا خلصت النوايا في التصافح والتصالح بين الرئيسين وحكومتيهما، فإن حركــات المعارضة المسلحة المسحوبة على كليهما قد وصلت إلى درجـــة أصبح من الصعــب على كــل من الخرطــوم و''انجمينــا'' أن تنزع ما لديها من سلاح أو تمنع ما سيرد إليها من أسلحة جديدة ستمدها بها قوى لا يهمها مصلحة السودان أو تشاد؛ فالمشكلة في الاتفاقات المعقودة بين الحكومتين بمسعى أخوي كريم من الأشقاء إنها قد هدفت كلها لنزع فتيل أزمة، ولم تجد طريقها إلى اقتلاع جذور الأزمة؛ ومع ذلك يبقى من باب الحرص على مصلحة وسلامة الشعبيين أن يعلي الناس راية التفاؤل بأن يكتب لاتفاق ''داكار'' نجاح لم يتحقق لما سبقه من اتفاقات· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©