السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

خطابات نقدية وشعرية تأبيناً لنازك الملائكة

خطابات نقدية وشعرية تأبيناً لنازك الملائكة
15 أغسطس 2007 00:45
احتفاء بذكرى الشاعرة الرائدة نازك الملائكة أقام اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي أمس الأول أمسية نقدية وشعرية في مقره بالمسرح الوطني بحضور حشد من الأدباء والشعراء تأبيناً لها· اشترك في الأمسية الشاعران حبيب الصايغ وسالم بوجمهور والناقد الدكتور حاتم الصكر والأديب سامح كعوش والناقد ذياب شاهين والدكتور رسول محمد رسول مع قراءات من شعر نازك الملائكة في صيغة ممسرحة شارك فيها الشعراء حسان عزت وهدى السعدي ونعيمة حسن· ابتدأت الأمسية بالشعر وانتهت بالشعر·· كانت البداية التي افتتحها تقديما الناقد محمد ولد عبدي قد ذكرت بأهمية نازك الملائكة في تأسيس حركة الشعر الحر وريادتها له بوصفها الشاعرة التي اخترقت السائد الشعري العربي مع بدر شاكر السياب ومن بعدهما عبدالوهاب البياتي· في القراءة الشعرية للشاعر حبيب الصايغ تألق واحتواء شفيف لمجمل عالم الشاعرة نازك الملائكة·· في قصيدته ''الشاعر'' كان حبيب الصايغ قد وصل الى تخوم العوالم الشعرية التي تؤرق الوجود الفعلي للمبدع·· قصيدة طويلة حملت ألماً وصوراً مركبة استطاع فيها حبيب الصايغ ان يرسم عالما متكاملا من الألم الذي حفلت به حياة الملائكة·· ثم قرأ (11) قصيدة قصيرة هي أشبه بالأجواء المجزأة واللقطة الموحية: في قصيدة الشاعر يقول الصايغ: ''مارد يتقافز بين جبال جليدية وزمان كئيب/ مارد والفصول تحيط بأمجاده/ وهو يذهب في نفسه ويغيب/ قال حين أتم قصيدته/ قلت شيئا مهماً/ ومضى في الينابيع حتى تفجر حبر الصباح/ ومضى في الينابيع حتى استراحت/ وحتى استراح''· ثم توالت القراءات النقدية حول شعر نازك الملائكة ابتدأها الناقد الدكتور حاتم الصكر بقراءة لمناطق ومحفزات التحديث التي قادت نازك الملائكة لاكتشاف هذا النمط الجديد من الشعر إبان نهاية الاربعينات في قصيدتها الأولى ''الكوليرا''· يرى الدكتور حاتم الصكر أن ثقافة الملائكة وحاضنتها الاجتماعية والأسرية تحديداً زرعت فيها روح التجديد وتوصل الى حقيقة مهمة هي قدرة ''الأنثى'' على كسر حالة السائد والمهيمن وان ذلك يؤكد ان الفعل الإبداعي الذي اجترحته نازك لم يأت من فراغ بل هو حصيلة جهد معرفي وموضوعي تمكنت من خلاله الوصول الى المغاير في الكتابة الشعرية والذي خلق ثورة في الشعر العربي بالرغم من ان الصكر لم يغفل مناطق الهزات الإبداعية التي لم تتمخض عن كسر المألوف بشكل حاد وبخاصة ''حركة الديوان'' وجبران خليل جبران إلا انها خلخلته وأعطت حركة التجديد التي اضطلعت بها نازك والسياب فيما بعد امكانية التغيير الحاد والاساسي الذي عدّ تاريخاً بالرغم من مؤثرات ''بروك'' عليها والتكرار الذي كان انعكاسا للشعر الغربي· سامح كعوش قرأ ''نازك الملائكة - كتبت للموت قصيدة اشتياق فأبى إلا أن يعذبها''·· ''مشيرا فيها الى ''احتفالية'' الموت منذ تكون جنين الشعر في رحم معاناتها'' انها كما يقول كعوش ''الشاعرة التي أعلنت حياتها طقساً متجدداً في احتفالية موت الأحلام التي كانت تحلمها برؤيا الشعر، وتحملها تعباً للقصيدة، قصيدة الذهول، التي بشرت بها، وماتت قبلاً منذ أن انطفأت شعلة الشعر في عينها'' ثم يكمل ''ان نازك الملائكة اشهدت التاريخ على موتها، قبل هذا الموت الآن بثلاثين عاماً''· في قراءة الناقد ذياب شاهين تناول مطولتها الأولى والتي أسمتها ''مأساة الحياة'' هذه المطولة ذات الألف والمائتي بيت من الشعر والتي وجد أو حاول الناقد أن يبحث عن اسئلة الشاعرة وتفاصيل رحلتها في البحث عن ''السعادة''، مشيرا الى تأثيرات فلسفة شوبنهاور التشاؤمية على نازك الملائكة إلا أن قراءة المتغيرات الطارئة على القصيدة خلال عشرين عاما - زمن كتابتها - هي ما اضطلع ذياب شاهين للبحث عنه وعن اسبابه ودلالات هذا التغيير، الحذف والتطوير والاستبدال ومبرراته ضمن فترات متباعدة كان الخيط الأساسي الذي بنى عليه الناقد قراءته لهذا النص الذي حفل بتغييرات لإعادة النظم كذلك العنوان الذي تغير الى ''أغنية للإنسان'' ولذا ناقش شاهين اغلب التغيرات على ثلاثة مستويات، اللغة، الموسيقى، القافية· ثم قرأ الدكتور رسول محمد رسول ''نازك الملائكة واشكالية المرأة العربية بين الحرية والجمال'' التي اشارت الى مجمل مشروعها الإبداعي الذي قسمه الى الشعري والقصصي والنقدي والفكري، ومؤثرات الحرب العالمية الثانية في صعود نجم الفلسفة الوجودية في أوروبا وهذا يؤشر ايضا إلى تأثيراته على شعر نازك الملائكة ونظرتها التشاؤمية التي تركت اثرها على شعرها في مرحلتي الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي، ثم ناقش رؤية نازك للحرية ومفهوم الجمال كونهما متلازمين في جدلية ثنائية عالجتها نازك الملائكة ضمن منظورها الفكري· انتهاء بالشعر قرأ الشاعر سالم بوجمهور قصيدة جميلة بعنوان ''وداعاً نازك الملائكة'' تألق فيها بوجمهور الذي اشتغل فيها على الموروث البابلي والفرعوني وما بينهما نازك الملائكة ''التي ولدت وعاشت في العراق وماتت في مصر''·· ''نأى الفرات فهب النيل مقتربا/ يقبل الشعر في عينيك والادبا/ وغلقت بابل في ظل دالية/ فعلقت طيبة في صدرك العنبا/·· ما كان نعش هنا بل موجة نزحت/ من الفرات فلاقت نيلها الرحبا/·· ان بات جلجامش بالهم مكتئباً/ مدّ السماء لك اخناتون والطربا/·· ''اغضب احبك'' عنوان يؤرقني/ ياربة الطهر إني اعشق الغضبا/·· ياربة الطهر إن ننعي على عجل/ فما تعجّل ذاك النهر مغتصبا/·· ما كان نهراً بل النهرين إن عشقا/ تلك الضفاف وان ناما وان وثبا/ لو جردا حول هذا الليل ما بقيت/ من الظلام وجوه تزرع الريبا''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©