الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العالم سيكون له وجه آخر لو حكمته النساء

العالم سيكون له وجه آخر لو حكمته النساء
9 ابريل 2009 03:10
النساء قادمات تقول سيغولين روايال في معرض ردها على سؤال من الصحفية التي انجزت معها الكتاب: ''العالم سيكون له وجه آخر مختلف لو أني انتخبت رئيسة لفرنسا، وتم اختيار هيلاري كلنتون لرئاسة الولايات المتحدة الاميركية مع وجود أنجيلا ميركل مستشارة لألمانيا· إن المرأة قادرة على القيادة بشكل مختلف عن الرجل، وأولى خصالها هي الرقة والنعومة، والنساء في السياسة هن أكثر رقة من الرجال، وأحيانا لا بد من استعمال القوة الناعمة لحل مشكل دبلوماسي''· وتبدو سيغولين روايال امرأة صلبة، عنيدة، وطموحة، وأحيانا نرجسيّة، ولكن في حديثها مسحة إنسانية، وكتابها: ''امرأة واقفة''، جاء ثريا بالمعلومات والأسرار، غنيا بالآراء، زاخرا بالمواقف، وتظهر فيه في صورة امرأة غاضبة حينا، ومتألمة حينا آخر، ولكنها تحرص على التأكيد بأنها مناضلة تخوض معركة سياسيّة مستمرّة، هدفها الفوز بمنصب رئيسة للجمهوريّة عام ،2012 معلنة بكل ثقة في النفس: ''بإمكاني أن أكون رئيسة جيدة جدا للدولة (···) أنا امرأة واضحة جدا، ولو وجد سياسي أفضل مني في صفوف الحزب الاشتراكي ليترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، فإني سأسير وراءه وأسانده وأقف إلى جانبه، ولكن معذرة·· حاليا لا أرى أحدا''· الطيب بشير ''انه يتقن فنّ الكذب إلى درجة أنّ بإمكانه بيع ثلاجات إلى سكّان الاسكيمو!'' هذه هي الصّورة التي أرادت سيغولين روايال، المرشحة غير المحظوظة للانتخابات الرئاسية الفرنسيّة، أن تعطيها عن منافسها السابق، والرّئيس الحالي نيكولا ساركوزي، في سياق سخريّتها المرّة ونقدها الّلاذع لشخصيّته وسياسته· وفي كتابها: ''امرأة واقفة'' Femme debout، الصادر في 5 فبراير 2009 سجّلت انطباعاتها عن اللقاء الأوّل الذي جمعها به بعد مدّة قصيرة من انتخابه قائلة: ''عندما استقبلني في قصر الاليزيه بعد فوزه وهزيمتي، لنتحادث حول أوروبا، وجدته بلا هيبة، ولا روح رياضيّة لديه، كنت انتظر منه أن يشير إلى نجاحي في الحصول على 17 مليون صوت، ولكنّه تجاهل ذلك، وسعى ليجرّني ـ وهو يقدم لي الشوكولاته - للحديث عن فراقي لفرانسوا هولاند (طليقها)· لم يكن جارحا، ولكن تنقصه الرفعة، وتبيّن لي أنه باهت، وكان كطفل صغير سعيدا بالألعاب التي تحيط به، قوّته هي حيويّته سعيا منه لجلب الانتباه إليه، وقد تعمّد، وهو يحادثني، إلى إبراز ساعته اليدويّة الفخمة وكأنه يريد أن يقول لي ها أنا ذا، وشعرت أنه كان يمكن أن يكون في أي مكان آخر غير ذاك··· لربح مزيد من المال''· وعود وإغراءات وحلّلت روايال (54 عاما)، في موضع آخر من كتابها شخصيّة الرئيس، من وجهة نظرها كمعارضة سياسيّة له، قائلة: ''إن ساركوزي لا يخفى نهمه للمال، وشراهته لمتع الحياة، يتصرف كمراهق، ويسعى لاستفزاز غيره من أجل لفت الانتباه إليه، هدفه كسب إعجاب الجميع، ولكنه ينسى أنه رئيس للجمهورية''· وهي تجزم، أنه استغلّ نفوذه كوزير سابق للداخليّة ليكلّف أعوانه بالتجسس عليها أثناء الحملة الانتخابية ليكون على علم بمشاكلها الشخصية والسياسية، وأنه كان، في تلك الفترة، يتودّد للصحفييّن المشهورين عندما يشعر أنهم ليسوا في صفه، ولا يتأخّر في محاولة استمالتهم قائلا للواحد منهم: ''أنت بلا شك تستحق مكانة أحسن ممّا قد تقدمه هي لك''، كما كان يتصل بالكثير من الشخصيات السياسية من الشق المعارض لحزبه لإغرائهم بالانضمام إليه، على غرار برنار كوشنير مثلا، (وزير الخارجية حاليا)، وهو ينتمي في الأصل إلى الحزب الاشتراكي· كان يقول له: ''لدي نتائج عمليات سبر آراء سرية··· انتهى الأمر بالنسبة لها''· وتشن روايال في كتابها الذي جاء في قالب سؤال وجواب مع الصحفية فرانسواز ديغوا هجوما بلا رحمة على ساركوزي، وتصل إلى حد التأكيد بأنه غير كفء سياسيّا، مضيفة: ''إن له طاقة عجيبة، فهو كثير التحرك، ويدفع بمن حوله للنسج على منواله، ولكن ما يثير قلقي هو غياب قيمة الأخلاق لديه في ممارسة السياسة''، كما اتهمته بالتواطؤ مع كبار رجال المال والأعمال لخدمة مصالحهم· سلاح سياسي والملفت للانتباه أن الكتاب أصبح سلاحا في المعارك السياسية الفرنسية يستعمله السياسيون في الهجوم على الخصوم والمنافسين، أو الدفاع ضد المنتقدين والرد عليهم، ولان الفرنسييّن شعب يقرأ كثيرا، فان السياسيين أدركوا أن الكتاب هو أداة ناجعة للتواصل مع الأنصار والجمهور، واختراق الرأي العام بأسلوب ذكي وجذاب، وقد شهدت الكتب التي يؤلفها سياسيون إقبالا متزايدا من القرّاء في المدة الأخيرة، وفاق توزيعها كتب الروايات والأدب، وسبق لسيغولين روايال منذ قرابة العام أن أصدرت كتابا أول عنوانه: ''أنتم أجمل قصة في حياتي'' (قدمنا عرضا له في ''الاتحاد الثقافي'')، صفت فيه حساباتها مع خصومها ومنافسيها ورفاقها في الحزب الاشتراكي، وعادت إليهم في كتابها هذا من جديد بأكثر شراسة وحدة متهمة إياهم بالأنانية وتفكيرهم الذكوري، وفتحت النار عليهم ليقينها بانهم وقفوا عقبة أمامها، بل وسخرت من البعض منهم، وتحدثت عن البعض الآخر بشكل يكاد يكون كاريكاتوريا· وقد بدأت روايال بنشرها هذا الكتاب الإعداد لخوض المعركة المقبلة بالتخطيط الجيد لإستراتيجية إعلامية، وهي تتوجه إلى خصومها بالقول: ''إني لست خائفة من الفضائح، ولا أخشى الحروب الكلامية''، مشيرة بطرف خفي لما قد ينتظرها من منافسيها الذين يصفونها ب''الثعبان'' من ضربات موجعة، وتذكر المرشحة غير المحظوظة بما تعرضت له من انتقادات شديدة من بعض أقطاب حزبها أثناء الحملة الانتخابية السابقة، ولحق الأمر حتى لباسها وتسريحة شعرها· تقول: ''في اجتماع لي بالزينيت (قاعة كبرى بباريس) استنكروا تسريحة شعري، وانتقدوا لباسي، فكل ما أقوم به مرفوض، وكل ما أبادر به لا يرضيهم ويثير سخطهم وانتقادهم· فانا عندهم لا أساوي شيئا، ولم يعجبهم إصراري عندما أعلنت على الملأ: لا شيء أبدا يجعلني ارجع إلى الوراء''· ومن الفقرات التي أثارت الاستغراب ما جاء في إحدى أجوبتها، إذ قالت: ''لو حصل زلزال، وكل شيء تهدّم، فلن أكون في الشارع، وإنما سأكون زعيمة لأقول للناس أنّ الأمر ليس خطيرا، وسنفعل شيئا هنا، وشيئا آخر هناك''· وفي فصل آخر كشفت عن جوانب شخصية، من ذلك مثلا أنها تحب التبضع من المحلات الكبرى لتكون قريبة من الناس، وأنها تميل الى المرح والضحك، وأنها امرأة هادئة، سعيدة ومطمئنة· وعن حياتها الشخصية وقرارها الانفصال عن رفيق دربها فرانسوا هولاند (الامين العام السابق للحزب الاشتراكي) اثر اكتشافها خيانته لها بعد عيش مشترك معها على امتداد 30 عاما بدون عقد زواج، وإنجابهما أربعة أبناء، تقول في كتابها: ''لم أضح بأحد، قد يقال عني إني ضحيت بكل شيء من اجل السياسة، ولذلك فإني لم انجح في علاقتي برفيق دربي·· وهذا الاستنتاج خاطئ، فقد أوليت دائما أهمية كبيرة لأبنائي ووالدهم بالموازاة مع اهتمامي بالسياسة· حاولت إنقاذ العلاقة بيني وبين رفيقي، ولكني لم أفلح، واعترف أن ذلك هو نوع من الفشل بالنسبة لي اعتبارا لتمسكي بالعائلة والأسرة· ولكن من حظي أن الانفصال جاء في وقت أمكن لي فيه ان أتدارك أمري قبل فوات الاوان· ما حدث هو شر من اجل الخير، وسمح لي بان أعتق نفسي، وفتح أمامي آفاقا جديدة''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©