كعكة رمضان

لا أحد يستطيع التقليل من أى جهد علمي مخطط يستند الى رؤى ومقاييس ومناهج موضوعية مسبقة، ونادرا ما نسمع عن اخفاق أى عمل يقام على مثل هذه الخطوات، وباتت الجهود الاعلامية الرصينة الناجعة في شتى أنحاء الدول المتقدمة ترتكز على مقاييس دقيقة للرأي العام، واستطلاعات منهجية لرأى الجمهور'' المستهلك'' المستقبل للمادة الاعلامية، ومن ثم توضع خرائط الترويج الاعلامي الناجح كاستثمار اعلامي تهدف اليه أى جهة أو قناة تليفزيونية· ومع حلول شهر رمضان المبارك ، تتسابق القنوات لنيل أكبر قدر ممكن من ''كعكة'' مائدة البرامج الرمضانية، من خلال الفوز بحقوق حصرية للأعمال الدرامية، والبرامج الخاصة بالشهر الكريم، واضعة في اعتبارها زنة الكتاب والنجوم ومكانتهم الجماهيرية، ولا تغفل بالضرورة تجارب الأعوام السابقة وما حفلت به من نجاحات واخفاقات· ففى استطلاع حديث للرأى قامت به احدى الجهات المتخصصة، أشار الى أن 90 % من المشاهدين يقبلون على القنوات والبرامج الدينية ، و85 % منهم يبحثون عن الدراما الرمضانية على أي قناة ، و70 % منهم لاتفوتهم القنوات والبرامج الاخبارية والرياضية والأفلام، بينما أشار5 % الى مشاهدة القنوات التي تبث مواد وأغان خليعة، ولم يتوصل الاستطلاع الى ترتيب أفضليات معينة بالنسبة للقنوات الفضائية في رمضان، وانما الأولويات كانت وفق نوعية المادة المقدمة ، ومن الطبيعي أن تستحوذ الدراما أكبر نسبة من اهتمام المشاهدين، يليها الأعمال التاريخية والبرامج الدينية ، والبرامج الحوارية، والمسابقات المتنوعة، وتراجع البرامج التى لاتتفق وطبيعة وروحانية الشهر الفضيل· وما من شك أن مثل هذه الاستطلاعات تتوقف نتائجها ومؤشراتها على طبيعة ونوعية العينة المشمولة، وأعمارها، وثقافتها، ، ومن المؤكد أن النتائج ستسجل انحرافا معياريا'' بلغة الاحصاء'' طبقا للعينة، فآراء الآباء والكبار تختلف حتما عن آراء الشباب والصغار، وآراء الذكور ستتباين عن آراء الاناث، لكن تبقى هناك مؤشرات ثابتة لا تتأثر بانحراف العينة· المهم هنا نود أن تستفيد الفضائيات العربية الجادة من مثل هذه النتائج، وتترجم الى خرائط برامجية موفقة تثري الاستفادة ومتعة المشاهدة والمتابعة، ومن المؤكد أيضا أن ذلك سينعكس بالضرورة على التسويق الاعلاني المنظم، دون اغراق مساحات الوقت المتاح بسيول اعلانية من كل لون تفسد المادة الأصلية، وتفرغها من جوهرها، وتشتت المشاهد ، وتصبح المسألة مجرد ''تسلية'' أوإضاعة وقت والسلام· khorshiedh@yahoo.com