الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خديجة الطنيجي تنسج التلّي وتحلم بمطبخ «تراثي»

خديجة الطنيجي تنسج التلّي وتحلم بمطبخ «تراثي»
6 فبراير 2011 20:40
بين المعارض التراثية والتجارية، تتنقل الإماراتية خديجة صالح الطنيجي “أم محمد” طوال العام، حيث تعرض وتبيع بضاعتها التراثية المختلفة من أدوات واكسسوارات منزلية مختلفة ومأكولات تفوح منها رائحة الأصالة وعبق الماضي، لتجلب الزبائن من كافة الجنسيات. رائحة مأكولاتها التراثية الشهيّة تسبقها إلى كلّ مكان تذهب إليه، والسرّ في ذلك “نَفَسها” الطيّب وطيبة نفْسها وكرمها الذي يبدو جليا من خلال تعاملها مع الزبائن ومتذوقي طعامها، أما مشغولاتها اليدوية فحكاية أخرى تسرد من خلالها تاريخ حضارة ضاربة في القدم بلغة خاصة ومميزة جدا من ابنة بارّة بوطنها. هذا ما يعتقده زبائن خديجة الطنيجي أو أم محمد الإماراتية، التي ذاع صيتها وجابت شهرتها إمارات الدولة من خلال وجباتها الشعبية الشهيّة، ومشغولاتها التراثية الملفتة. تنتهز أم محمد، التي تطهو الطعام عادة في منزلها وتبيعه للزبائن حسب الطلب أو ما يعرف باسم “التواصي”، فرصة إقامة المعارض والمهرجانات الكثيرة في الدولة، لتعدّ مأكولاتها الشعبية من ثريد وهريس ومجبوس وغيره، تضعها في أوانٍ كبيرة مناسبة، ثم تحملها معها لتعرضها أمام الرواد، وهي واثقة كلّ الثقة بأن الرائحة ستقودهم إليها بلا شك، وهو ما يحدث بالفعل على أرض الواقع. حب الناس وتتحدث أم محمد “للاتحاد” حول حياتها المهنية الحافلة بالعمل والعطاء، قائلة: “عملت في التجارة لمدة طويلة تناهز 20 عاما، وكنت جزءا من الاتحاد النسائي الذي قدم لي فرصة رائعة للقاء الناس وتكوين الزبائن وبالتالي الربح المادي. لكن في تلك الفترة لم أكن أعمل في مجال المأكولات بل في بيع الدهون والعطور والبخور، ثم تدرجت في بيع المخللات والبهارات وغيره، حتى استقريت تقريبا في مهنة طهي الطعام وبيعه إلى الزبائن”. تستطرد قائلة: “لقد شجعني أهلي وأصدقائي ومعارفي على الدخول في هذا الحقل لا سيما وأنني أجيد الطبخ، كما يعتقدون، فهم يحبّون طعامي، والحقيقة أنني أحب طهو الطعام أيضا، ينبع ذلك من حبي للناس، حتى أن بيتي في العادة يكون مليئا بالضيوف أطهو لهم وأطعمهم بكل حب وودّ، وعندما أشاروا عليّ بهذه المهنة فكرت ووجدت أنها قريبة إلى قلبي كما أنها مربحة ماديا لأن الناس تقبل على شراء الطعام كثيرا”. هوية وطنية في عملها تحرص أم محمد على أن تقدّم هويتها الوطنية للزبائن، حيث تتخصص في طهي الوجبات الشعبية الإماراتية، كالهريس والثريد والمجبوس، والعصيدة واللقيمات ومحلّى زايد والخبز بأنواعه: الرقاق، والجباب والخمير، والسبب في ذلك ليس لأن الزبائن تحب هذه الوجبات وحسب، بل لأنها هي نفسها تحبها. توضح بالقول: “أحب الوجبات الشعبية القديمة لأنها مرتبطة بالتراث الإماراتي العريق وبالأيام الجميلة الماضية، وحلمي هو أن أفتتح مطعما في المستقبل أقدم فيه هذه الوجبات الشـعبية، أما ديكـوراته فأحب أن تكون تراثية خالصة أيضا بحيث يكون المطعم كقرية تراثية تقدم المأكولات الشـعبية، ولكن للأسف فهذا الحلم يبدو لي صعب المنال كونه يكلّف الكثير من المال، واليوم كلّ شيء باهظ الثمن”. دهون وبخور في معرض آخر من المعارض التراثية تجدها واقفة كذلك، يقبل عليها الزبائن للتحية والسلام كونهم يعرفونها جيدا، وفي نفس الوقت بهدف الاطلاع على آخر منتجاتها وقطعها التراثية الفنية وشراء ما يحلو لهم منها. في ركنها الخاص تعرض أم محمد ملابس من تصاميمها مستوحاة من وحي التراث مشغولة ومطّعمة بالتلّي، فضلا عن السعفيات ذات الأشكال المتعددة، ومفارش السفرة، والعطور، والبخور والدهون، والاكسسوارات التراثية المميزة، تعرضها إلى جانب البهارات والمخللات والمأكولات التراثية. وتتفنن أم محمد في صنع البضائع والمنتجات التراثية، معترفة بأنها تستفيد من بعض القطع القديمة بإعادة تدويرها وتحويلها إلى قطع فنية جميلة. تقول أم محمد: “أصنع الاكسسوارات من مواد أولية مختلفة بعضها من الخوص والتلّي، وذلك عن طريق إعادة تدوير بعض القطع التي لم أعد أستخدمها في الوقت الحالي، وبالقليل من العمل تتحول إلى قطع فنية تحظى بإعجاب الزبائن”. عمل بلا خجل ولا تخجل أم محمد من مهنتها على الإطلاق، ولا من مشاركاتها في المعارض ووقوفها أمام الزبائن، فطلب الرزق لا يدعو إلى الخجل بل هو مدعاة للفخر والإعجاب، تقول: “لقد بدأت بالعمل كهواية ومن أجل التسلية وإشغال وقت الفراغ بأشياء مفيدة، لكن عملي أصبح فيما بعد بابا للرزق ساعدني في تأمين احتياجاتي واحتياجات أبنائي السبعة، ولذلك تجدني لا أفوّت فرصة أو وقتا يمكنني من خلاله تحقيق الكسب إلا وأستغلّه جيدا، فلا رمضان ولا الأعياد تجبرني على البقاء في المنزل، بالعكس فهي أكثر الأوقات المناسبة للسعي خلف الرزق حيث يكثر فيها البيع والتجارة، ومنفعة الناس ببضاعة جميلة مستوحاة من التراث الوطني”. وعن عملها في صنع المنتوجات والمشغولات التراثية توضح أم محمد، بأن حبها للتراث دفعها لتقديم أي شيء يندرج في إطاره بما فيه الطعام والمشغولات والاكسسوارات التراثية، تقول: “لقد تخصصت في صنع المنتوجات والمشغولات التراثية بسبب حبي للتراث، وقد أعددت غرفة تراثية في منزلي تحولت إلى متحف تراثي يجمع كافة المشغولات التراثية مثل المندوس والمدخنة، وغيرها وهي كلّها منتوجات من صنع يدي”. تعليم مسائي تزوجت أم محمد وعمرها 13 سنة، وأنجبت 7 أبناء، ومع ذلك فإن أعباء البيت والزوج والأولاد لم توقف طموحها فواصلت تعليمها حيث تابعت دراستها الإعدادية في النظام المسائي، كما انخرطت في دورات مختلفة مثل الطباعة والكمبيوتر والإسعافات الأولية، وحصلت على شهادات كثيرة، في الوقت الذي تخرج فيه أبناؤها من الجامعات. كتب الطبخ تقدم أم محمد وجبات متنوعة أهمها الشعبية الإماراتية، كونها غير متوفرة بالعادة ولا تتقنها جميع النساء، بالإضافة إلى أكلات عربية أخرى مثل المحاشي وورق العنب والملفوف والكشري وغيرها من المأكولات. وتقول أم محمد إنها لا تتابع برامج الطبخ التي تقدم على القنوات الفضائية وإنما تستعين ببعض كتب الطبخ لكي تتعلم وصفات عربية جديدة. متعة وفائدة تقدم أم محمد وجباتها الشهية للزبون، وهي تتحدث موضحة: “لا أخجل من مهنتي فالعمل مفيد للنفس والناس أيضا، فبالنسبة لي أنا استمتع به وأستفيد أيضا من مردوده المادي، كما أنه يفيد الناس ويمتعهم بتناول طعام شهي أيضا”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©