الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

مكانة المعلم لا تشجع المواطنين على احتراف التدريس

مكانة المعلم لا تشجع المواطنين على احتراف التدريس
17 أغسطس 2007 02:18
قم للمعلم وفه التبجيلا ··كاد المعلم أن يكون رسولا ·· أعلمت أشرف أو أجل من الذي·· يبني وينشىء أنفسا وعقولا'' ·· هذان البيتان من قصيدة طويلة لأمير الشعراء أحمد شوقي عن مكانة المعلم أصبحت من التراث المنسي· المعلم أصبح اليوم يخجل من أن يعلن في جلسة خاصة أو عامة أنه ''معلم''، ويحاول الصمود في مواجهة أعباء وضغوط متزايدة ألقيت على عاتقه على الرغم من ضعف الامتيازات والحوافز المادية والمعنوية التي يتمتع بها، وقرر بعضهم الرحيل بصمت من إمارته التي يعمل بها قاصدا مدارس أبوظبي والعين، ليتمتع بمميزات لم تتوفر له في إمارته التي يعمل بها· أو قرر التنحي عن الرسالة جملة وتفصيلا، متجها للعمل في دائرة محلية أو مؤسسة خاصة تمنحه راتبا أعلى وامتيازات أكثر· وإذا زار المعلم المرض ولم يكن في جعبته ما يكفي لعلاجه تم توديعه في هدوء، رغم كل هذه الظروف القاهرة ما زال المعلم صامدا، ومحاولا الإبحار ضد التيار·· متسائلا: متى تأتي الرياح بما تشتهي السفن؟· الاتحاد تساءلت عن واقع المعلمين وطرحت تساؤلا حول أسباب عزوف المواطنين عن العمل بمهنة التدريس·· وكان هذا التحقيق لغة الأرقام هذا العالم المتشابك، و''بحسب التربويين'' صنع قضية شائكة تتمثل في عزوف المواطنين الذكور عن مهنة التدريس، حيث تشير لغة الأرقام والإحصائيات الرسمية إلى أن إجمالي أعداد المعلمين على مستوى المناطق التعليمية للعام الدراسي الماضي 23 ألفا و223 معلما ومعلمة، من بينهم 14 ألفا و835 من الإناث و8388 من الذكور، ومن بين هؤلاء الذكور 700 معلم مواطن على مستوى الدولة· وفي نظرة سريعة على أعداد المعلمين المواطنين من الذكور والإناث في دبي، فإن هناك 48 معلما مواطنا، مقابل 676 من غير المواطنين· وعلى الجانب الآخر هناك 1370 معلمة مواطنة مقابل 358 من غير المواطنات· مكانة المعلم بدون تردد أجاب سعادة الدكتور عبدالله الكرم رئيس مجلس المديرين مدير عام هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي: المكانة الاقتصادية والاجتماعية للمعلم تتحمل مسؤولية عزوف المواطنين عن العمل في مهنة التدريس، مؤكدا على أن الارتقاء بمكانة المعلم لن تتأتى بإعادة صياغة الإشكاليات المادية للمعلمين فحسب، وإنما بإعادة النظر في المنظومة التعليمية والمجتمعية من القمة إلى القاع بما ينتج عنه نظرة مختلفة من التقدير لتلك المهنة التي يراها الكرم تستحق الكثير من الامتيازات المجتمعية· وأوضح الكرم أن تقدير المعلم اقتصاديا لابد أن ينطلق من أدائه داخل الصف الدراسي، وليس بعدد السنوات ومعايير الأقدمية، وأن يتم تفعيل دور الإرشاد الأكاديمي لطلبة الثانوية العامة تجاه كليات التربية، مؤكدا أن تحقيق النتائج المرجوة يحتاج إلى فترة زمنية يصعب تحديدها· وطالب بتضافر الجهود من جانب الوزارات والهيئات المجتمعية والقطاع الخاص والمعلمين من أجل خلق الطالب الذي يسعى منذ الصغر إلى الالتحاق بتلك المهنة اقتناعا بأهميتها وبمردودها المادي والمعنوي· من جانبها، تؤكد سعادة فاطمة المري المدير التنفيذي لمؤسسة التعليم المدرسي في دبي على أن هناك اعتبارات كثيرة تسببت في عزوف المواطنين عن العمل في مهنة التدريس، في مقدمتها كثرة الأعباء مقابل قلة الحوافز، مطالبة بإعادة الاعتبار إلى مكانة المعلم، فاجتذاب المواطنين الذكور إلى المهنة لن يأتي إلا بزيادة الحوافز المادية والمعنوية لمعلمي الدولة· محطة للانطلاق هل سعي الخريجين إلى العمل بوظائف الهيئة التدريسية في الدولة ينطلق من '' وظيفية إلى حين ميسرة''، أم أنها الاختيار الأول والأخير لمن يقرر الالتحاق بتلك المهنة من المواطنين؟ سؤال طرحه محمد الفردان مدير إدارة تخطيط وتنمية الموارد البشرية بوزارة التربية والتعليم، مؤكدا أن عددا كبيرا من المعلمين الذكور الذين يلتحقون بالعمل في وظائف الهيئة التدريسية على مستوى مدارس الدولة ينظرون إلى عملهم باعتباره محطة إنطلاق إلى وظائف أخرى، وأن عددا آخر من الراغبين في العمل كمعلمين هم على رأس عملهم في وظائف أخرى ويحاولون تحسين أوضاعهم''معنويا وماديا'' على الرغم من سنوات طويلة قضوها في عملهم بقطاعاتهم الأساسية· ويصف الفردان هؤلاء بأنهم ''فئة مستَهلكة لا تفيد مسيرة التعليم كثيرا''، مؤكدا على أن وزارة التربية والتعليم تبحث عن المواطنين الذكور المتخرجين حديثا في الجامعات، ليشاركوا في تحقيق طموحات مسيرة التطوير· سبل المواجهة يرى الفردان أنه لابد من فتح كليات التربية وفقا لتخصصات الخطة الدراسية ولاستيعاب المواطنين من الذكور، مؤكدا على ضرورة إعادة مكانة المعلم وهيبته، وتخفيف الأعباء الملقاة على عاتقه، إضافة إلى إعادة النظر في النظام التعليمي بالدولة بالابتعاد عن الطرق التقليدية في التدريس والدخول إلى أساليب حديثة تحبب المعلم في عمله وتشجع الطالب على العمل بالمهنة· ويشدد على أهمية المحافظة على ما تبقى من معلمي الدولة من خلال رفع الرواتب والامتيازات· واقترح الفردان أن يتم إعداد المعلمين الجدد بدءا من مرحلة الثانوية العامة عن طريق إرشاد الطلبة وإقناعهم بالتوجه إلى مهنة التدريس· ويذهب الفردان إلى ما هو أبعد، وذلك بتبني الجهات المعنية للطلبة الذين يمتلكون الموهبة للعمل في مهنة التدريس· الإرشاد الأكاديمي للطلبة أكد سعادة عبد الله الكرم رئيس مجلس المديرين مدير هيئة المعرفة والتنمية البشرية على ضرورة توفير برامج مدروسة للإرشاد الأكاديمي قبل المرحلة الجامعية، بهدف تهيئة وإقناع طلاب الثانوية العامة بالتوجه نحو العمل في مهنة التدريس، مشيرا إلى أن تطبيق السياسات التعليمية لابد أن ينطلق من أهداف واضحة تتناسب وطبيعة المعلمين الموجودين في الميدان التربوي أو القادمين إليه· هجرة المعلمين يرى محمد الخميري أن الأمور المادية التي تتعلق بوضع الرواتب والامتيازات الممنوحة للمعلم في مقدمة عزوف المعلمين عن العمل في مهنة التدريس، بل وفي انتقال المعلمين من العمل في المجال التربوي إلى مجالات أخرى بدوائر محلية تمنحهم راتبا أعلى وامتيازات أكثر· هذا ما يشير إليه أيوب حبيب رئيس قسم الصحافة بإدارة الإعلام التربوي بالوزارة، موضحا أن الجوانب المادية تلعب دورا كبيرا ليس فقط في عزوف المواطنين عن العمل في مهنة التدريس، وإنما هجرة المعلمين المواطنين من إمارة إلى أخرى، حيث شهدت السنوات الماضية زيادة في أعداد معلمي مدارس أبوظبي والعين نظرا لما هو متاح من رواتب مرتفعة وبدلات مقارنة بالإمارات الأخرى· ويعزي حبيب عزوف المواطنين عن العمل في مهنة التدريس إلى أن هناك شعورا بالخجل بدأ ينتاب المعلمين عندما يُسألون عن عملهم!، مطالبا بالبحث في أسباب تلك الحالة التي تتطلب إعادة المكانة الرفيعة للمعلم· الضمان الصحي ضرورة لكل معلم أوضح معلمون في مدارس دبي أن أعباء العمل المتزايدة، والتي لم تواجهها تعديلات في أوضاعهم، إضافة إلى حالة عدم الرضا التي سيطرت على المعلمين المواطنين بالدولة، تسببت في عزوف الطلاب عن العمل كمعلمين، مؤكدين أنه وقبل عامين تقريبا تم اعتماد كادر المعلمين، لكن غلاء الأسعار التهم تلك الزيادة· وتعجب المعلمون من عدم وجود الضمان الصحي، الأمر الذي انعكس سلبا على الأداء، خصوصا وأن المعلمين أكثر عرضة لأزمات صحية نظرا لطبيعة عملهم· حلم الطلاب·· راحة المعلم في لقاء لـ ''الاتحاد'' مع عدد من الطلاب المواطنين بالمدارس الثانوية، شددوا على أنهم لم ولن يفكروا في العمل في مهنة التدريس، لأنهم يدركون حجم المعاناة التي يعيشها المعلم داخل وخارج الصف الدراسي، معربين عن أملهم في أن تشهد الفترة المقبلة حركة تغيير إيجابية في رواتب المعلمين والامتيازات الممنوحة إليهم بما يتناسب مع ما يبذله المعلمون من جهد في بناء جيل المستقبل·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©