السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأعمال التطوعية والأوقاف ترسخ المشاركة الشعبية في تنمية المجتمع

الأعمال التطوعية والأوقاف ترسخ المشاركة الشعبية في تنمية المجتمع
10 ابريل 2009 02:36
الوقف أحد النظم الاجتماعية التي جاء بها الإسلام الذي يقوم بدور كبير في بناء المجتمع ويعبر عن نوع من التكافل الاجتماعي بين القادرين من أهل الخير والعطاء والفقراء من ذوي الحاجات، انطلاقاً من تعاليم الإسلام التي تحض على البذل والعطاء والتطوع في كل الأعمال التي لها عائد يساهم في خدمة الوطن والتيسير على الناس. وقد ساهمت الأوقاف والأعمال التطوعية بدور فعال في الحضارة الإسلامية، حيث نهضت بميادين كثيرة منها التعليم وتعبيد الطرق ورعاية الفقراء، وعلى الرغم من اهتمام الدول الإسلامية بتخصيص وزارات للإوقاف، إلا أن هذا النظام يتراجع اليوم في الكثير من مجتعاتنا الإسلامية المعاصرة باستثناء عدد قليل، ومنها دولة الإمارات التني تنظم حملات للتشجيع على الوقف. ويعد العمل التطوعي نموذجاً عملياً من نماذج التعاون على البر والتقوى الذي دعا اليه الإسلام في قوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) (المائدة: 2). ويقول الشيخ منصور الرفاعي عبيد -وكيل وزارة الأوقاف المصرية سابقاً- إن الإسلام فتح باب التطوع لمن أراد الخير لنفسه والسعادة لمجتمعه، لأن التطوع هو عمل زائد على المطلوب من الشخص، فإذا كان في عمل البر والمودة والمعروف، فهو محمود ويسارع الشخص في فعله، لأن الله سبحانه بين لنا أن العمل سواء بالقول أو بالفعل إن كان في الخير فلقائله وفاعله ومن يعمل به ثواب عظيم وأجر كبير من الله الذي لا يضيع أجر من أحسن عملاً. تنوع العمل التطوعي ويبين الشيخ عبيد أن ميادين عمل الخير التطوعي متنوعة الأغراض وله ميادين شتى، فكل شخص يمكنه أن يقوم بالتطوع في ميدان العمل الذي يجيده وبالقدر الزمني الذي تسمح به ظروفه لقول الله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) (البقرة: 286). فالتطوع عمل إسلامي المبدأ إنساني النزعة، موضحاً أن الآيات والأحاديث التي تدعو إلى العطاء كثيرة. وتؤكد أن أي عمل اجتماعي يعود بالخير على الناس يجب أن نقدمه لأي محتاج، ليعلم الناس أن الدين الإسلامي هو أول من حث على التطوع في فعل الخير وفى المجال التعاوني والمساهمة في تخفيف الأعباء. وقال إن المجتمعات العربية والإسلامية في أمس الحاجة للأخذ بالنظرية الإسلامية وتوجيهاتها في العمل التطوعي والتي تنهض على حث الإنسانية على الرعاية الاجتماعية وتنبيه المؤسسات الأهلية والأجهزة الحكومية لتواجه مشكلات المجتمع من البطالة والعنوسة وأزمة الإسكان وزيادة معدلات الفقر بحلول إسلامية ايجابية ترسخ المشاركة الشعبية وقيم التعاون والألفة. أصول العمل التطوعي ويرى الدكتور مبروك عطية -أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر- أن العمل التطوعي في الإسلام امتداد لتوجهات الإسلام الرشيدة في العبادة والمعاملة، ففي العبادة ما من ركن إلا ومعه نافلة، أي تطوع، ففي الصلاة نجد صلاة النافلة مع كل فريضة (على سبيل المثال: صلاة الصبح ركعتان فريضة وركعتان نافلة) والصيام كما انه فريضة في رمضان كذلك يكون تطوعاً يومي الاثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر، والزكاة فريضة والصدقة التي بلا حدود تطوع، حيث يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: «ومن تطوع خيراً فهو خير له». وأضاف: كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- في صبيحة يوم من الأيام يتصفح وجوه أصحابه في صلاة الفجر، فرأى -صلى الله عليه وسلم- وجهاً جديداً فسأله: «من أنت؟»، قال: أنا واثلة بن الأسقع جئت أبايعك، فقال له - صلى الله عليه وسلم: «على ما تطيق»، قال: على ما أطيق يا رسول الله. وخرج بعد البيعة -رضي الله عنه- وفى ذاكرته عقل وفى وجدانه قلب يراجع هذه الكلمة على ما يطيق، ولم يكن واثلة بن الأسقع يملك دابة يركبها إلى تبوك ليتشرف بالجهاد مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: من رجل يحملني إلى تبوك وله نصف ما يفتح الله به علي. فحمله رجل من الصحابة، وجاء وقت الوفاء بالشرط، وإذ بواثلة بن الأسقع يعطيه نصف ما فتح الله به عليه، لكن الأنصاري قال له: والله ما حملتك إلا لوجه الله ولم يأخذ منه شيئاً. نعم لم يكن من طاقة واثلة أن يسافر ولكن كان من طاقته أن يسأل عمن يحمله. ويوضح الدكتور مبروك: أن تدبر هذه القصة يعلمنا أن على المسلم أن يفعل كل ما يستطيع ويتخذ من الأسباب ما يمكنه من تحقيق النفع لنفسه ولمجتمعه، فالذي يطيق العمل عشر ساعات لو اكتفى بثلاثة فقد ضيع سبعاً، والذي يطيق أن يفكر وينتج ويعمل لو استغل طاقته في ذلك كله لتغيرت حاله ومن معه. كل فرد مطالب بالتطوع وعلى مستوى الأسر نجد أن كل فرد من أفرادها مطالب بالتعاون متطوعاً مع أشقائه ووالديه، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيته في خدمة أهله. فالمسلم لا يليق به أن تتملكه الأنانية والنزعة الذاتية ويستغرقه الاهتمام بنفسه، فلا ينشغل بالمجتمع الذي يعيش فيه، بل عليه أن يسعى مختاراً ليساهم بجهد أو يقدم فكرة أو رأياً يحقق التقدم لأمته، وصدق الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين قال: «في المال حق غير الزكاة»، فالزكاة حق، وفى المال حق آخر غير الحق الواجب وهو حق التطوع، الذي قد يجبر عليه ولي الأمر الأغنياء في زمان الشدة اللهم إلا إذا تطوعوا. ويشير الى أن العمل التطوعي من المعالم البارزة في الإسلام، وتغيرات العصر جعلته يأخذ شكل الجمعيات الأهلية التي تقدم خدماتها وتساهم بجهد كبير في تخفيف العبء عن الدولة وسد احتياجات الفئات الفقيرة ومساعدة المحتاجين، وهى ضرورية، لأنها نوع من المشاركة الشعبية وتعلم الأفراد تحمل المسؤولية والقضاء على التراخي والاتكالية وتحويل الطاقات المعطلة إلى طاقات منتجة. قانون للوقف ويطالب الدكتور حسين شحاتة -الأستاذ بجامعة الأزهر- بإصدار ميثاق أو قانون للوقف يواكب التطورات المعاصرة ولا يخرج عن أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية لإدارة أموال الوقف وفقاً لمقاصد الإسلام وطبقاً لسياسات استراتيجية وخطط موضوعية وبرامج سليمة حتى يحقق مقاصده السامية، مؤكداً أهمية التعاون بين الواقفين ونظار الوقف والحكومة بما يضمن حماية شروط الواقف وعدم تغييرها إلا لضرورة معتبرة شرعاً، وتحديد مهام الناظر والرقابة عليه لضمان أن يقوم بعمله على الوجه الأفضل، ووضع نظام المتابعة والمراقبة وتقويم الأداء من الأجهزة الحكومية المعنية. ويشير إلى أهمية تنمية الوعي الديني لدى المسلمين الأغنياء وبيان المنافع الأخروية التي تعود عليهم بعد موتهم باعتبار الوقف من نماذج الصدقة الجارية التي تنفع المسلم بعد موته، وهذا يتطلب وجود خطة إعلامية تتولى تنفيذها المؤسسات الدعوية الحكومية والخاصة. وقف الاستثمارات المالية ويطالب الدكتور شحاتة بالتوسع في صيغ الوقف، بحيث يشمل وقف الأموال النقدية والاستثمارات المالية، أخذاً بالرأي الفقهي الذي يجيز ذلك، كما يمكن الأخذ بنظام الوقف الموقوت لمدة معينة، وهذا يناسب شريحة كبيرة من أصحاب الأموال الذين يريدون وقف بعض أموالهم لفترات زمنية محددة. وأيضاً تطوير سبل وأساليب استثمار الوقف بما يتفق مع التطورات المعاصرة، ولا ينحصر الأمر في الاستثمار العقاري أو تقديم الخدمات فقط، ويمكن الاستفادة من صيغ الاستثمار الإسلامية المعاصرة وكذلك من تجارب المؤسسات المالية الإسلامية الناجحة. وقال إن نجاح العمل الخيري والتطوعي يتطلب إنشاء المجلس الأعلى العالمي للوقف الخيري ليتولى مسؤولياته المختلفة وفقاً لميثاق معتمد، وكف تدخل الحكومات في شؤونه، إلا بالدعم المعنوي ليساهم بدوره في تحقيق التنسيق والتكامل بين المؤسسات الوقفية العالمية. أسباب إحجام الأغنياء عن وقف أموالهم يوضح الدكتور حسين شحاتة -الأستاذ بجامعة الأزهر- أسباب إحجام الأغنياء عن وقف أموالهم، قائلاً إن من أهمها صدور قوانين في بعض الدول العربية والإسلامية بمصادرة الأموال الوقفية وتحويلها إلى خزينة الدولة بدون أي مبرر معتبر عقلاً أو شرعاً. وتدخل بعض الحكومات في تغيير حجة الواقف لتنفق مع بعض المآرب الخاصة بدون مبرر معتبر شرعاً، وكذلك انتشار الفساد الأخلاقي والمالي والاجتماعي في بعض الجهات القائمة على إدارة شؤون الأوقاف الإدارية والمالية بسبب عدم الالتزام بالقيم الإيمانية وبالمثل الأخلاقية وبالآداب السلوكية السوية وبالفقه الإسلامي. وأيضاً التدخل من قِبل بعض الجهات الأجنبية مثل الصهيونية العالمية الطاغية لمحاربة كل مشروع إسلامي تحت دعاوى محاربة الإرهاب، واستشعار بعض الناس أن أي عمل تتدخل فيه الحكومة وتسيطر عليه أو تديره مآله إلى الفشل والخلل لعدم الثقة بها، فضلاً عن ضعف الوعي الديني لدى العديد من أصحاب الأموال من الأغنياء بسبب الغزو الثقافي ولا سيما انتشار مفاهيم العولمة، وعدم الاهتمام بالثقافة الوقفية في دور العلم المختلفة. وهكذا أصبح الوقف شيئاً مجهولاً عند العديد من الناس بسبب انتشار الفكر العلماني المادي في الكثير من المجتمعات الإسلامية. • سبل إحياء العمل التطوعي والوقف في المجتمعات الإسلامية يقول إن أهم مقومات نجاح العمل التطوعي ونظام الوقف في صدر الدولة الإسلامية كان وجود الحاكم العادل المسؤول عن تطبيق شرع الله، وحماية حقوق الفقراء والأغنياء، وتقوية روابط الحب والأخوة بين الناس جميعاً، ووجود الصالحين الأغنياء الذين امتلأت قلوبهم بالإيمان والتقوى، والذين يرجون لقاء الله بالأعمال الصالحة، وينفقون أموالهم ابتغاء وجه الله من أجل تحقيق الحياة الكريمة لإخوانهم الفقراء، وإقامة المجتمع المتكافل. ولما اختلت هذه المقومات وضعفت، وانتشر الفساد الأخلاقي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، حدث التأثير السلبي في العمل التطوعي الخيري في مجتمعاتنا، وهذا يتطلب أن تصدر الحكومات القوانين والمراسيم والقرارات لحماية أموال الواقفين وعدم المساس بها، واحترام حجة الواقفين ما دامت لا تخالف أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، أسوة بالقوانين التي تحمى رأس مال المستثمر الأجنبي وعدم المساس به، ظناً بأنه يساهم في التنمية الاقتصادية، والأولى حماية أموال الوقف، لأنها تساهم في تأمين حاجات الإنسان الضرورية. فضل رعاية الأيتام في الإسلام الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وأصحابه أجمعين ... وبعد وافق يوم الأربعاء الماضي الأول من شهر أبريل ذكرى يوم اليتيم، ونحن في كل مناسبة نبين رأي الإسلام كي يكون القارئ على بينة من أمره، وليتعرف على مدى عناية الإسلام بهذه الشريحة المهمة من أبناء الأمة، فديننا الإسلامي الحنيف يحث على رعاية اليتيم وإكرامه طيلة العام، إلا أن هذه الفكرة بتخصيص يوم تشارك فيه جميع وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية في إبراز مكانة الأيتام، ووجوب رعايتهم، وحث الأمة على كفالتهم ومساعدتهم، وإبراز الأجر العظيم والثواب الكبير لأولئك المحسنين لهو أمر عظيم يستحق الثناء. فنحن أمة ذات رسالة، حملنا الإسلام منذ قرون طويلة، فنمونا به وتشابك تاريخنا وتاريخه، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جزاه الله عنا خير الجزاء ما رأى أمراً يقربنا من الله إلا وأمرنا به، وما رأى أمراً يبعدنا عن الله إلا وحذرنا منه، وقد أمرنا عليه الصلاة والسلام بوجوب التمسك بالأخلاق الحميدة، والصفات الطيبة، ومعاملة الآخرين معاملة حسنة، ومن الأمور التي حثنا عليها الرسول وجوب العناية بالأيتام. واليتم كلمة لها أثر في النفس، فاليتم بؤس وروعة...هو بؤس لأنه يحرم الطفل وهو في مبتكر حياته أكبر القلوب عطفاً عليه، وحنيناً له..وهو رائع لأن الله عز وجل اختاره لخير خلقه، وخاتم رسله..فقد جعل الله اليتم له مهداً وحين كان أترابه يلوذون بآباء لهم، ويمرحون بين أيديهم كان عليه الصلاة والسلام يقلب وجهه، لم يقل قط يا أبي لأنه لم يكن له أب يدعوه..فأي سر في اليتيم محمد بن عبالله -صلى الله عليه وسلم- حتى يختاره الله لأعظم مهمة وهي تبليغ رسالته؟! تلك روعة اليتم رغم بؤسه...وروعته في أن اليتيم يواجه الحياة وحده مهما يكن حوله من الأهل وذوي القربى ...ويعيش كسير الجناح تعيساً ..وتلك مذلة ما بعدها مذلة. تعالوا أيها الأخوة الكرام لنعلنها صريحة مدوية: تعالوا لنرسم البسمة على الشفاه المحرومة. تعالوا لندخل السرور على القلوب الحزينة. تعالوا لنمسح رأس يتيم. تعالوا لندخل السرور على قلب طفل فقير. تعالوا لنرتل سوياً قول الله تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (1)، وقوله: أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ* فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2). لقد اهتم ديننا الإسلامي الحنيف باليتيم اهتماماً كبيراً، وأجزل الثواب لمن يتولى كفالة الأيتام، ويحسن معاملتهم، وتربيتهم، فنحن أمة ذات رسالة، حملنا الإسلام منذ قرون طويلة، وطبقنا أحكامه، فانتشر الحب، والأمان، والتكاتف بين أبناء المجتمع الإسلامي. من أجل ذلك رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يركز وصاياه وأحاديثه باحترام حق اليتيم في العطف وفي الحياة...يقف بين أصحابه ويشير بأصبعه السبابة والوسطى-ثم يقول: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرَّج بينهما» (3) أي أن كافل اليتيم لا يفصل مكانه في الجنة عن مكان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-إلا مثل ما يفصل بين الأصبعين من مسافة..!! وفي ذلك تكريم لليتيم لا يساويه تكريم. ويقول عليه الصلاة والسلام: «من عال ثلاثة من الأيتام كان كمن قام ليله، وصام نهاره، وغدا وراح شاهراً سيفه في سبيل الله، وكنت أنا وهو في الجنة أخوين كما أن هاتين أختان، وألصق أصبعيه السبابة والوسطى» (4). تأمل أخي القارئ يوم يرى أولادنا شيئاً في السوق، فإنهم يطالبوننا بشرائه لهم سواء أكان ذلك فاكهة أو ملابس ...الخ..فما بال الأطفال الأيتام؟ في فصل الشتاء نشتري الملابس الثقيلة لأبنائنا لتحميهم من البرد، فقل لي بربك يا أخي القارئ من سيشتري لليتيم ملابسه، ويكون له صمام أمان ضد الحرمان؟! نحن نشكو من شدة الغلاء وارتفاع الأسعار مع أن لكل منا دخلاً يعيش من ورائه فكيف بمن لا معيل لهم، ولا دخل لديهم ؟! ومن عجب أن الأمة التي هذا رسولها والتي هذه مكانة اليتيم فيها، هي أفقر بلاد الله في المؤسسات التي ترعى اليتيم. أفهذه هي الأمة التي رسولها محمد عليه السلام؟ أفهذه هي الأمة التي مجد رسولها اليتيم؟ يقول الرسول الكريم: «من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم « (5)، ويقول أيضاً: «إن أحب البيوت إلى الله بيت فيه يتيم مكرم» (6) ، ويقول أيضا: «والذي بعثني بالحق، لا يعذب الله يوم القيامة من رحم اليتيم، ولان له في الكلام، ورحم يتمه وضعفه... « ( 7 ) . ويقول: «من مسح على رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له في كل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وفرق بين أصبعيه: السبابة والوسطى «(8 ) ويقول أيضا: «خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه» (9). فأين نحن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا لم نكفل اليتيم؟! وإلى من ندع ذلك الطفل الذي فقد أباه أو أمه أو والديه كليهما؟! خاصة في هذه الظروف الحرجة التي ابتلينا بها حيث تفقد العائلات معيليها، وتتعطل أعمالها ومصالحها، نتيجة للهجمة الشرسة التي يقوم بها المحتلون على الأرواح والأراضي والمزروعات والبيـوت. لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم – يخفف من القراءة في الصلاة إذا سمع بكاء طفل، حتى يعطي الفرصة لوالديه بالإشفاق عليه ، فكيف به إذا سمع بكاء طفل فقد والديه أو أحدهما !! وعندما زار بيت الشهيد زيد بن حارثة ولاذت به ابنة زيد بكى حتى انتحب، فماذا يفعل الموسرون منا للأيتام وقد استشهد آباؤهم، وماذا يفعل الأغنياء من المسلمين عندما يشاهدون الأطفال يودعون الشهداء من آبائهم وأولياء أمورهم ومعيليهم على شاشات الإذاعات المرئية؟! ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم «لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»؟! فمن سيحيط بالعطف والحنان والشفقة والإحسان أولئك الأيتام الذين فقدوا معيليهم، اذا لم تتكاتف الأيدي الرحيمة كلها للإحاطة بأولئك القاصرين، فيعوضوهم عن تلك الأيدي الأبوية الرحيمة التي استشهدت في الدفاع عن أبنائهم وأبناء الوطن جميعاً، إننا مهما قدمنا لهم فلن نعوضهم إلا الشيء اليسير. وقضية اليتيم في البلاد العربية والإسلامية قضية مطروحة بل هي قضية تفرض نفسها على المجتمع...ولا بد من بحثها ودراستها وإيجاد الحلول الناجعة لها. فقد ذكرت بعض التقارير أن عدد الأيتام من المسلمين يبلغ سبعة ملايين يتيم، وحقيقة فإن هناك مؤسسات عديدة في الدول العربية والإسلامية تقوم برعاية الأيتام، لكن هذه المؤسسات لا تتحمل العدد الكبير الموجود من الأيتام. نحن نريد أن تعم هذه الفكرة جميع الدول والمدن والقرى والمخيمات. لماذا لا تخصص أماكن لرعاية هؤلاء البؤساء؟! لماذا لا تقوم جامعاتنا، وكلياتنا بإعفائهم من الرسوم؟ بل ويتعدى ذلك إلى تقديم مساعدات مالية وعينية لهم خصوصاً المجتهدين منهم ؟! لماذا لا نستغل الأعياد والمناسبات لتقديم الهدايا لهم حتى نرسم الابتسامة على شفاهم؟ هؤلاء نساعدهم اليوم، وسيساعدون غيرهم غداً إن شاء الله، ونحن نرى اليوم -والحمد لله- أن من بين هؤلاء الأيتام من أصبح يتولى مراكز مهمة بفضل اجتهادهم. أخي القارئ: أينما كنت حياك الله، وإنني لأهمس في أذنيك بحديث رسول الله «الراحمون يرحمهم الرحمن» وان التعاون على الخير سبيل هذه الأمة منذ أشرقت شمس الإسلام، وعندما تتعاون الأمة تحقق ما تصبو إليه من خير. فهذا نداء أوجهه إلى الأيدي الخيرة، والقلوب الرحيمة، والأنفس المعطاءة، والجمعيات والمؤسسات الخيرية، ليساعدوا إخوة لهم كي يعيشوا حياة كريمة «إن رحمة الله قريب من المحسنين» أملي أن نستجيب... فما زال حديث رسول الله يتكرر على مسامعي: «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين» وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©