الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من أوغست كونت مروراً بداروين وصولاً إلى باشلار

من أوغست كونت مروراً بداروين وصولاً إلى باشلار
18 أغسطس 2007 04:08
كان الفيلسوف الفرنسي جورج كانغيلام 1904 -1995 قد أصدر كتابه ''دراسات في تاريخ العلوم وفلسفتها'' قبل نحو أربعة عقود، وحتى تاريخ وفاته حاول كانغيلام إضافة بعض ما كتبه في الموضوع نفسه إلى كتابه نظراً لما طرأ على فلسفة العلوم من تطوُّرات وإضافات نوعية قدَّمها عدد من المشتغلين في حقل فلسفة العلوم· وهو ما أضفى على الكتاب قيمة مضاعفة رفعت من شأنه في المجال الذي يبحث فيه، الأمر الذي حتم الحاجة إلى ترجمته، وهو ما نهض به أستاذ الفلسفة وتاريخ العلوم في جامعة تونس الدكتور محمد بن ساسي، الذي ترجم هذا الكتاب الضخم في صفحاته التي وصلت إلى أكثر من700 صفحة، والمهم في قيمته العلمية والمعرفية والفلسفية والتاريخية، من لغته الأصل ''الفرنسية'' إلى العربية· جعل المؤلف الرؤى والأفكار الفلسفية التي ظهرت في العصر الحديث بداية لكتابه هذا؛ فتحت عنوان ''احتفاءات'' راح كانغيلام يسلِّط الأضواء على نظريات كل من كوبرنيك وفيزال عام ،1543 ومن ثم غاليليه، وهي النظريات التي كانت بمثابة التمهيد الحقيقي لتجربة فونتونال التي كانت قد وضعت اللمسات الريادية المبكِّرة لنشأة تاريخ العلوم وفق رؤية مفكِّر فيها على أنها ذات منحى فلسفي· يقفز المؤلف إلى منتصف القرن التاسع عشر حيث السمعة الطيبة التي حازها مشروع الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت الذي بلوره في كتابه ''دروس في الفلسفة الوضعية'' وسط الأجواء الثقافية والعلمية والفلسفية، وما هو لافت في معالجة كانغيلام لمساهمة كونت هو دراسته للتأثير الذي تركته فلسفة كونت البيولوجية في فرنسا القرن التاسع عشر· ويتبعه عرض لرأي كونت في مدرسة مونبليه، ومن ثم عرض كانغيلام لتاريخ الأديان وتاريخ العلوم في النظرية الصنمية عن كونت بوازع هذا الأخير لإنشاء نظرية مجرَّدة وشاملة عن علاقات الدين بالطبيعة البشرية· يأخذنا مؤلف الكتاب أيضاً إلى النظريات الأكثر جذرية في تاريخ العلم الحديث، أي إلى ما أدلى به تشارلز داروين في نظريته عن أصل الأنواع ونظريته في الصراع من أجل البقاء، كذلك إلى نظريات التطوُّر البيولوجي التي نشأت عن آراء داروين· ومن ثمَّ تسليط الأضواء على نظرية التجريب وتقنياتها عند كلود برنار صاحب كتاب ''مدخل إلى الطب التجريبي'' الشهير· إلى منتصف القرن العشرين حيث الانجاز العلمي والفلسفي الرفيع الذي أقبل عليه غاستون باشلار في مؤلفات عدة شغلت الأوساط الفلسفية قبل العلمية، وهي: ''تكُّون الفكر العلمي''، و''التحليل النفسي للنار''، و''الفكر العلمي الجديد''، و''الحدوس الذرية''، و''القيمة الاستقرائية للنسبية''، وغيرها· وهي مؤلفات قدمت إضافات نوعية للفكر العلمي في القرن العشرين من نواحيه المعرفية أو الايبستيمولوجية· خصص المؤلف الباب الثالث من هذا الكتاب لمجموعة مما أسماها بـ ''البحوث''، والتي تناول فيها على نحو مفصَّل ما هو فريد في العلوم البيولوجية، وملامح تأسيس علم الفيزيولوجيا، وعلم الأمراض، وإشكاليات مفهوم المنعكس لدى علماء القرن التاسع عشر، ومفاهيم الجزء والكل في البيولوجيا الحديثة، ومفهوم الحياة في معطياته غير الأرسطية، كذلك ألقى الأضواء على مفاهيم علم النفس الجديدة في ضوء نظريات هذا العلم التي أخذت تتكاثر خلال القرن العشرين تأسيساً على نظريات قدمها علماء القرن الذين قبله، ومن ثمَّ تطرق إلى علم العلاج، ومعقولية علم الطب، والمنزلة الايبستيمولوجية لهذا العلم الذي شهد طفرات نوعية لدى علماء النصف الثاني من القرن العشرين أيضاً· لقد بذل مترجم الكتاب الدكتور محمد بن ساسي جهوداً قيمة في تقريب نص الكتاب إلى القارئ العربي، وراح مزوِّداً متن الكتاب بمجموعة من المسارد التعريفية بالكثير من المفاهيم والحدود والمصطلحات التي تضمنها متن الكتاب، كذلك زوَّد الكتاب بمسرد عن المراجع المهمة التي ظهرت عن تاريخ العلوم وفلسفتها· الكتاب: دراسات في تاريخ العلوم وفلسفتها· المؤلف: جورج كانغيلام/ فرنسي· المترجم: د· محمد بن ساسي/ تونسي· الناشر: المنظمة العربية للترجمة، مؤسسة شومان عبد الحميد، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2007 موائد فلسفية -أحوال الفيلسوف الفيلسوف إنسان يعيش ويبصر ويسمع ويتوجَّس ويأمل ويتخيَّل باستمرار أموراً استثنائية أو رائعة أو خارقة؛ هو من تصيبه أفكاره الخاصَّة كما لو كانت آتية من الخارج، من أعلى ومن أسفل، بوصفها نوعاً خاصّاً به من الحوادث والصواعق؛ ومن قد يكون هو نفسه عاصفة تحبل ببروق جديدة؛ إنسان منذر بالعاقبة، يصاحبه أبداً دوي ودمدمة وغور فاغر وأمور مرعبة· الفيلسوف كائن يفرُّ من ذاته مراراً، ويُفْزَع من نفسه مراراً، لكنه أشدُّ فضولاً من أن يمتنع عن العودة إلى ذاته، إلى رُشده، المرَّة تلو المرَّة· فردريش نيتشه (ما وراء الخير والشر) مُشرِّع العقل البشري ليس الرياضي والفيزيائي والمنطقي، ومهما سطع النَّجاح الذي يمكن أن يحرزه بعضهم بعامَّة في المعرفة العقلية، وبعضهم الآخر بخاصة في المعرفة الفلسفية، ليسوا سوى صنّاع لدى العقل· فلا يزال هناك معلِّم يستعملهم جميعاً، ويستخدمهم كأداة من أجل التقدُّم بالغايات الماهويَّة للعقل البشري· هذا المُعلِّم وحده هو الذي يجب أن نسمِّيه الفيلسوف، وهذا الأخير ليس صانعاً لدى العقل بل مشرِّعٌ للعقل البشري· إيمانويل كانط (نقد العقل المحض) - ما الفلسفة؟ قال أبو سليمان المنطقي: الفلسفة أدام الله توفيقك، محدودة بحدود ستة، كلها تدلك على أنها بحث عن جميع ما في العالم مما ظهرَ للعين، وبطُن للعقل، ومركَّب بينهما، ومائل إلى حدِّ طرفيهما، على ما هو عليه· واستفادة اعتبار الحق من جملته وتفصيله، ومسموعه ومرئيِّه، وموجوده ومعدومه، من غير هوى يمال به على العقل، ولا إلف يفتقر معه إلى جناية التقليد· مع إحكام العقل الاختياري، وترتيب العقل الطبيعي، وتحصيل ما ندَّ وانقلبَ من غير أن يكون أوائل ذلك موجودة حساً وعياناً، وكانت محقَّقة عقلاً وبياناً، ومع أخلاق إلهية، واختيارات علويَّة، وسياسات عقليَّة· أبو حيّان التوحيدي (المقابسات)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©