الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"نيفاشا".. الوعود والقيود

18 أغسطس 2007 04:46
جميل أن الآمال قد تجددت حول احتمالات الوصول إلى سلام واستقرار في دارفور بعد اجتماعات ''أروشا'' الأخيرة، وجميل كذلك أن نلحظ أن الفصيل الأكبر من متمردي دارفور الذي كان رافضاً الجلوس مع الآخرين لوضع أسس التفاوض المشترك مع الحكومة قد بدأ يغير في اتجاهه وينحو نحو قبول المشاركة· كل هذا جميل ولكن تبقى المشكلة الكبرى والعقدة الرئيسية في قضية انتقال السودان من الحكم شبه الأحادي إلى آفاق التعددية والديمقراطية· إن هذا التحول لن يكون حقيقة واقعة إلاّ إذا طبقت بنود اتفاقية ''نيفاشا'' تطبيقا دقيقاً وأميناً وهذا ما لا وجود له الآن، وهو أمر من شأنه أن يعود بالسودان القهقرى ويرجع به إلى سنوات الحرب والاقتتال ليس في إقليم واحد كما هو الحال الآن في دارفور، ولكن في أكثر من إقليم، وأكبرها جنوب السودان ومعه جنوب كردفان (جبال النوبة) وجنوب النيل الأزرق، ومتاهة لا حد لها لو بدأت فإنها ستلحق بكل شيء ولن تستثني إقليماً أو جماعة· ولنحدِّدَ المسؤولية في هذا الوضع المنذر بالخطر بالقول إنها تقع على عاتق المسؤولين في قيادة ''المؤتمر الوطني'' (الإنقاذ) وفي قيادة ''الحركة الشعبية'' (الجنوب)، وبالطبع فإن المؤتمر الوطني بوصفه صاحب الحظ الأكبر في السلطة 52% فإنه يتحمل القدر الأعظم من تلك المسؤولية التاريخية· إن إجراءات وقرارات كثيرة حددتها الاتفاقية الموقعة بين الشريكين قبل نحو عامين ونصف لم تنفذ حتى الآن، وبعض تلك القرارات يتعلق بالحدود الجغرافية بين الشمال والجنوب، وبعضها يتعلق بحدود وجود قوات كل طرف من الطرفين على الأرض، وبعضها يدور حول وضع قوانين وتشريعات جديدة تساعد وتمهد للانتقال من الحكم الشمولي وتحديداً الحكم المشترك بين ''المؤتمر الوطني'' و''الحركة الشعبية'' إلى حكم تشارك فيه كل القوى السياسية ويكون الحكم لمن يحرز الأغلبية في انتخابات عامة نزيهة وبعيدة عن التزييف· إن كماً كبيراً من هذه الإجراءات والقرارات لم ينفذ حتى الآن ويشكو الشريك الأصغر ''الحركة الشعبية'' من أن الشريك الأكبر ''المؤتمر الوطني'' لا يريد تنفيذ أية خطوة قد تعني التخلي ولو عن جزء صغير من سلطاته، وهذا هو المعوق الأكبر، وقد أبدى الشريك الأصغر إزاء ذلك اتجاهاً نحو الشكوى لمن أشرفوا على اتفاقية ''نيفاشا'' وأهمهم الولايات المتحدة الأميركية علها تجد حلاً لما عجز ذلك الشريك عن تحقيقه· وحتى يتم ذلك أو شيء مماثل، فإن العلاقة بين الشريكين الأساسيين في الحكم (''المؤتمر'' و''الحركة'')، والجهود التي تبذل عبر اجتماعات كبار المسؤولين فيهما، لا تشير إلى ما يدعو للتفاؤل· يلاحظ المراقبون أن اللجنة المشتركة للشريكين والتي عهد إليها بالبحث في المسائل المختلف عليها لا تجتمع كما هو مقرر لها، بل إن كثيراً من اجتماعاتها يلغى لأسباب واهية لا ترقى إلى حجم المسؤولية الملقاة على عاتق هذه اللجنة المشتركة، وفي هذا دليل على عدم الجدية خصوصاً من جانب الشريك الأكبر في الحكم· إن اللجوء إلى واشنطن الذي تلوح به ''الحركة الشعبية'' قد يكون هو الحل، وإن كان لا أحد يستطيع أن يجزم بالأسلوب الذي ستتخذه واشنطن في معالجة الأزمة السودانية الناتجة عن عدم تنفيذ اتفاقية ''نيفاشا'' للسلام، وعلى كل حال فإن ارتهان مستقبل السودان لعنصر التدخل الأجنبي أمر لا تحمد عقباه في كل حال·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©