الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ليلة عسل.. انبعاث المقاومة من رحم الخوف

ليلة عسل.. انبعاث المقاومة من رحم الخوف
18 أغسطس 2007 04:52
قدمت فرقة مسرحية هاوية تابعة لولاية تلمسان غرب الجزائر المسرحية التاسعة عشرة في اطار تظاهرة ''الجزائر عاصمة الثقافة العربية''· المسرحية عُرضت على ''المسرح الوطني الجزائري'' محيي الدين باشطارزي بعنوان ''ليلة عسل'' وقد اقتبسها وأخرجها الفنان المسرحي علي عبدون من قصة قصيرة للأديب المصري الكبير نجيب محفوظ، بعد أن قام بـ''تبسيطها'' حتى تتلاءم مع قدرات الممثلين الهواة كي يتمكنوا من استيعابها وتقديمها بشكل جيد· العرض المسرحي ينطلق العرض المسرحي في عالم غرائبي؛ إذ يدخل عريسان شابان إلى شقتهما في جوٍّ احتفالي بهيج ويستعدان لليلة العمر ككل العرسان، لكن يحدث أمر غير متوقع؛ حيث يُفاجأ العريسان بأن غريباً يقتحم عليهما بيتهما ويقطع خلوتهما بحركاته العدوانية، ويدخلان في حوار معه لمعرفة سبب انتهاكه حرمة البيت واقناعه بالخروج منه، فلا يتوصلان إلى نتيجة معه، والأدهى من ذلك أن المعتدي لم يكن وحده بل تبيّن أن اثنين من رفاقه، شاب وبنت، كانا يختبآن في إحدى الحجرات ثم ظهرا بدورهما فجأة ليحول الثلاثة البيت الزوجي إلى سيرك حقيقي بعد أن أغلقوا أبوابه وقطعوا أسلاك الهاتف ومارسوا فيه شتى أنواع التهريج والعبث، ثم قاموا بقتل خادمتهما، فأصيبت العروس بنوبة هستيرية، كما شل الخوف العريس فلم يجرؤ على التصدي للمعتدين خوفاً من أن يلقى نفس مصير الخادمة، لكن استمرار ''الغزاة'' الثلاثة في عبثهم، دفع العروسين إلى التفكير في حل آخر ينجيهما من هول الموقف فيقرران المواجهة والتحدي لتحرير البيت أو الموت بكرامة، فتتحول مشاعر الخوف لدى العريس إلى غضب تفجَّر، وكان الصراع غير متكافئ فتمكنوا من إلحاق الأذى به، ثم قاموا بإشعال محتويات البيت، فيفطن رجال الحماية المدنية إلى الحريق فيهبون إلى اخماده بينما ينتبه الأمن إلى المعتدين فيقوم باعتقالهم وينتهي كابوس العروسين فيخلدان إلى الحياة الزوجية فيما تبقى من ساعات الليل القليلة· لغة هجينة المسرحية وإن كانت درامية إلا أنها كانت مليئة بالمواقف واللقطات الكوميدية الطريفة التي أضحكت المتفرجين وقد اعتمد فيها المخرج طابع الفرجة، والملاحظ أن الممثلين التسعة حديثي السن قد بذلوا جهودا كبيرة لأداء أدوارهم باقتدار وتثبيت أقدامهم في عالم المسرح، إلا أنهم كانوا يستعملون أحياناً ''اللغة الهجينة'' المستمدة من الواقع الجزائري الذي تختلط فيه المفردات الفرنسية بالعربية إلى حد كبير، وكان بإمكان المخرج اعتماد لغة عربية قصد محاربة ''اللغة الهجينة '' الممقوتة السائدة في الشارع الجزائري والمشوِّهة للغة العربية عوض تكريسها بحجة أنه يعكس صورة الشارع كما هي· في المسرحية دلالات كثيرة، ولعل أهمها الإشارات الواضحة للأوضاع العربية الراهنة حيث يقطع الغزاة المحتلون نعيم بعض الشعوب ويحولون حياتها إلى جحيم فتركن هذه الشعوب للذل والمهانة ويشلها الخوف بعض الوقت، ثم تنتفض وتثور على المعتدين وتقدم التضحيات الجسام لطردهم من بلدانها وتتمكن من ذلك في النهاية· ويقول المخرج علي عبدون لـ''الاتحاد'': إن أهم رسائل المسرحية أن الحياة مزيج من الأفراح والأتراح وهي صعبة ملأى بالمفاجآت غير السارة والعقبات والمواقف الحرجة، وإن الإنسان كما يستمتع بأسعد اللحظات في حياته، يجب أن يهيئ نفسه أيضاً، وفي أي لحظة، لمواجهة المواقف العسيرة والخطيرة، ومن رسائلها أيضاً أن الحياة تستحق أحياناً المجازفة والتضحية من أجل أن يحياها الإنسان بكرامة· وعن اللجوء إلى الاقتباس، قال المخرج: إن الدافع هو أن القضايا المطروحة في نص نجيب محفوظ لا تختلف عن القضايا المطروحة في الجزائر والوطن العربي، ولولا ذلك لما اقتبسها، وأثنى علي عبدون على ''الثورة المسرحية'' التي تعرفها الجزائر منذ مطلع السنة الجارية والتي بعثت المسرح الجزائري من ركوده وسباته الطويل·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©