الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمن الباكستاني... واختراقات المتطرفين

6 فبراير 2011 21:53
لم يكن "زاهد منظور باجوا" من النوع الذي تنطبق عليه شروط العمل في جهاز الشرطة. ومع ذلك، عندما داهمت الشرطة منزله، ومنازل شركائه في مدينة لاهور عام 2003، عثروا على قنابل يدوية، وأجهزة توقيت، ومسدسات محشوة. وعند سؤالهم عن مصدر تلك الترسانة أقر" باجوا" وشركاؤه بأنهم كانوا يخططون لاختطاف نجل صاحب مصنع صلب ثري، وطلب فدية مالية كبيرة لاستخدامها في شراء كميات من المفرقعات تكفي لقتل الأجانب. على نحو ما، لم ينتبه مسؤولو الأمن في إقليم البنجاب إلى أن" باجوا" كان قد قضى عامين وراء القضبان عندما تقدم للالتحاق بأحد أجهزة الشرطة في الإقليم. وظل"باجوا" يترقى في عمله إلى أن تولى عام 2009 منصب رئيس قسم الكمبيوتر في جناح الاستخبارات بشرطة البنجاب. وهذه الوظيفة وفرت له الفرصة للاطلاع على تقارير التحقيقات، والتقارير السرية المتعلقة بأنشطة الجماعات الإرهابية، وتوجيهات المراقبة والرصد لتلك الجماعات في المناطق المختلفة، بل والترتيبات الأمنية الخاصة بحماية كبار الشخصيات. ويعتقد المحققون الآن أن"باجوا" قد قام بتنزيل المعلومات السرية على قرص تخزين بيانات ثم قام بنقلها بعد ذلك إلى إحدى جماعات "طالبان" الباكستانية. و"باجوا" المقبوض عليه في الوقت الراهن بتهمة تقديم معلومات سرية للإرهابيين، يمثل حالة نموذجية للطريقة التي يتمكن بها المتطرفون من اختراق صفوف الأجهزة الأمنية، في مجتمع بات التفكير الراديكالي يتسرب بشكل مستمر إلى قوامه الرئيسي. وحادث اغتيال حاكم البنجاب"سلمان تيسير" يقدم أوضح دليل على الإطلاق على مدى الخطورة التي ينطوي عليها حصول الراديكاليين على زي رسمي، وسلاح. فقاتل"تيسير" المدعو"ممتاز حسين قادري" كان عضواً في إحدى قوات النخبة وأحد الحراس الشخصيين للمحافظ، وقرر قتله بإفراغ 20 رصاصة في جسده بعد أن رأى أنه أهان الإسلام برفضه الموافقة على قانون التجديف. وحالتا"باجوا" و"قادري" تمثلان إشارتي تحذير في غاية الخطورة، للأجهزة الأمنية، وخصوصاً تلك المتساهلة في تطبيق إجراءات الفحص والتدقيق للمتقدمين للعمل لديها، والتي تعاني من البطء في التعرف على التهديد الإرهابي الذي يتسلل لصفوفها على نحو حثيث. يقول إرشاد حسين" القائد السابق لقوات الشرطة في إقليم "بلوشستان" الواقع جنوب البلاد: ليس هناك شك في أن هذا النوع من التفكير الراديكالي قد تسرب إلى الشرطة... وفي الحقيقة فإن قادة الأجهزة الأمنية قلقون جداً من هذا الأمر حيث لم يخطر على بالهم أبداً، أن شيئاً مثل هذا يمكن أن يحدث... وهم محتارون غاية الحيرة في الوقت الراهن بشأن ما يتعين عليهم عمله". مما يفاقم من هذه المشكلة أن الشرطة وغيرها من الأجهزة الأمنية، تفتقر إلى الموارد المالية، والقوة ا لبشرية اللازمة لإجراء عملية تقييم نفسي للمتقدمين لشغل الوظائف لديها ـ كما يقول الخبراء. علاوة على ذلك، لا تمتلك الأجهزة الأمنية الباكستانية قاعدة معلومات إلكترونية عن المواطنين الباكستانيين، مما يجعل من عملية التدقيق على السجل الجنائي للمتقدمين للعمل لديها أمراً في غاية الصعوبة. فالإجراء المتبع في الوقت الراهن للتدقيق على خلفية الشخص المتقدم لشغل وظيفة في أحد الأجهزة الأمنية الباكستانية، هو إرسال مخبرين إلى القرية التي ينتمي إليها ذلك الشخص لسؤال أقاربه وكبار السن في القرية عن سلوكه وعن تاريخه. وهذا الإجراء قد يصلح في القرى الزراعية حيث يكون كل سكان القرية يعرفون بعضهم بعضاًً، ولكنه بالتأكيد لا يصلح للأشخاص الذين يسكنون الأحياء المكتظة في المدن الكبيرة مثل كراتشي ولاهور على سبيل المثال لا الحصر. وبعد التحاق الفرد بالأمن، لا يوجد نظام لمراقبته، لمعرفة ما إذا كان قد تأثر بالأفكار المتطرفة أم لا، وإذا تم اكتشاف شيء في هذا الخصوص، فإنه غالبا ما يكون عن طريق الصدفة المحضة. حول هذه النقطة قال مسؤول بالاستخبارات الباكستانية رفض الكشف عن اسمه لأنه غير مخول بالحديث عن الموضوع:"إن نظام المراقبة الحالي ليس مصمماً لاكتشاف الميول الراديكالية للشخص. فهذا النظام يقوم على فحص سجل الشخص لمعرفة ما إذا كانت له أي سوابق جنائية أم لا ... أما فيما عدا ذلك فلا يوجد شيء. إنه نظام بسيط للغاية". ومهمة إبعاد المتطرفين والراديكاليين عن العمل في الأجهزة الأمنية أكثر صعوبة بما لا يقاس في الأجزاء الشمالية الغربية من باكستان التي تمثل المعقل الرئيسي للإرهاب في العالم. فما يحدث في هذه المنطقة في غالبية الأحيان، هو أن المتطرفين يقومون باختطاف أحد العاملين في الشرطة واحتجازه لديهم لفترة طويلة، ومن ثم تهديده وإخافته لإرغامه على تحويل ولائه من الشرطة المحلية لجماعاتهم. وتتفاقم الخطورة عندما تقوم أجهزة الأمن بنقل مثل هذا الشرطي الموالي سراً للجماعات الإرهابية لموقع عمل في مدينة أخرى أو حتى في العاصمة وتكليفه بحراسة أحد المنشآت المهمة. ففي هذه الحالة يكون هذا الشرطي على علم بمداخل ومخارج المنشأة، ومواعيد عمل الموظفين، ويمكنه أن يعطى زيه الرسمي للإرهابيين، ويتغاضى عن تفتيشهم عند تسللهم لها. وهذه هي الطريقة التي تمكن من خلالها الإرهابيون خلال السنوات الأخيرة من الدخول للعديد من المواقع الرسمية المهمة، والسفارات الأجنبية، بل والمشاركة في مؤامرات لاغتيال كبار المسؤولين. ويقول أحد المسؤولين الأمنيين الباكستانيين: إن الناس المتعاطفين مع "طالبان موجودون في معظم أنحاء البلاد... وهؤلاء الناس فقراء ولا يخشون من العقاب عند القبض عليهم وكل ما يهمهم هو الطريقة التي ستعيش بها أسرهم من بعدهم ". أليكس رودريجز إسلام آباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©