الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باوت... هل هرَّب الأسلحة المفقودة في العراق؟

باوت... هل هرَّب الأسلحة المفقودة في العراق؟
19 أغسطس 2007 01:58
يبدو أن الولايات المتحدة فقدت بعض الأسلحة في العراق· وبلغة الأرقام، فقد اختفى أثر حوالي 110 آلاف بندقية من طراز Ak-74 و80 ألف مسدس يفترض أن يكون الجيش الأميركي قد سلمها لقوات الأمن العراقية· ولا جديد في مثل هذه الأحداث، خاصة فيما يتصل بسوء الإدارة كخاصية تميز الجهاز البيروقراطي في أغلب الحالات· وقد توصل ''مكتب المساءلة الحكومية'' في تقرير رسمي أعده الشهر الماضي، إلى توجيه انتقادات لوزارة الدفاع ''البنتاجون''، بسبب عجزها عن حفظ سجلات دقيقة ومنظمة خاصة بتدفقات الأسلحة، ومتابعة وصولها إلى الجهات التي يفترض أن تسلم إليها· ورغم هذه الانتقادات، فربما كان هناك عامل آخر في هذا الأمر، ألا وهو خطر سوء الإدارة والاعتماد على موظفين ومسؤولين لا يعول عليهم· وللتدليل على هذه الحقيقة لنضرب مثالاً واحداً لهؤلاء بـ''فيكتور باوت''، وهو روسي من أشهر تجار الأسلحة والعاملين في مجال النقل الجوي· فعندما احتاجت الولايات المتحدة لأربع طائرات تستعين بها في نقل كميات كبيرة من الأسلحة المصادرة في البوسنة من القاعدة العسكرية الأميركية هناك إلى قوات الأمن العراقي في بغداد في أغسطس ،2004 لجأت إلى شركة نقل جوي من مولدوفيا تربطها علاقات بإمبراطورية ''باوت'' الجوية· والمشكلة فيما يبدو، أن تلك الطائرات لم يحدث أن وصلت إلى وجهتها في بغداد أصلاً· وحين سعى محققون من منظمة العفو الدولية بعد ذلك بعامين، إلى معرفة مصير ما يزيد على 99 طناً من بنادق AK-74 وغيرها من الأسلحة، فوجئوا باعتراف مسؤولين أميركيين بعدم احتفاظهم بأي سجلات تخص هبوط الطائرات التي نقلت تلك الأسلحة في بغداد! وربما كان فقدان الأسلحة البوسنية المذكورة، مجرد مشكلة تقييد ورقي، لأنه لم يتم التأكد بعد مما إذا كانت بين الأسلحة المفقودة التي تم كشف النقاب عنها من قبل مكتب المساءلة الحكومية· كما أنه ليس مستبعداً أن تكون إضافة جديدة للأسلحة المفقودة سلفاً· ومهما كانت الاحتمالات، فإن وجود السيد ''باوت'' طرفاً في عملية ترحيلها، يثير ظلالاً داكنة من الشك حولها، بما يفوق كثيراً احتمال تعرض نقلها وتسليمها لقوات الأمن العراقية، لمجرد خطأ بيروقراطي ما· فعلى امتداد أزيد من عقد على ظهور اسمه في قوائم ''الدفعيات'' المالية الأميركية، نشطت عمليات الشحن الجوي التي يقوم بها أسطوله في نقل أطنان من الأسلحة المهربة، تتراوح أنواعها من البنادق التقليدية الخفيفة إلى الطائرات العمودية والطائرات الحاملة للمدافع والصواريخ، إلى أكثر دول ومناطق العالم خطراً واضطراباً· ومما يعرف عنه أن له صلة بغالبية الحروب التي شهدتها القارة الأفريقية، بما في ذلك إمدادات الأسلحة التي كان يوفرها للرئيس الليبيري السابق تشارلس تايلور الذي تجري الآن محاكمته في لاهاي على خلفية اتهامات لها صلة بارتكاب جرائم الحرب· ومما هو معروف أيضاً أن ''باوت'' نقل لحركة ''طالبان'' حوالي 50 مليون طن من البنادق وغيرها من الأسلحة، بل تجاوز إلى حد بيعه الحركة ناقلات أسلحة جوية، مع العلم أنها الحليف الرئيسي لتنظيم ''القاعدة''· ومن أسوأ ما يعرف عن ''باوت'' أنه لاعب في كلا الاتجاهين· ففي أنجولا، نشط أسطوله الجوي في إمداد الحكومة الأنجولية بما تحتاجه من الأسلحة، بينما نشط في الجانب الآخر من النزاع الطاحن الذي شهدته هذه الدولة الإفريقية، في مد المتمردين بحاجاتهم من الأسلحة· وبذلك فهو أشبه بمن يشعل النار في كلا الجانبين من حلبة النزاع الأنجولي· أما في أفغانستان، فقد أبرم صفقات إمدادات أسلحة مع تحالف الشمال المعارض في المنفى، قبل أن يخونه بإبرام صفقة مماثلة مع حكومة ''طالبان'' في كابول· وبحلول أواخر عقد التسعينات، كان الجزء الغالب من هذه الأنشطة والممارسات التي يقوم بها ''باوت'' قد تكشف لأجهزة المخابرات الأميركية التي بذلت محاولات لإبعاده من حلبة التنافس الاستثماري في مجال النقل الجوي· غير أن هجمات 11 سبتمبر، والتي أعقبت تلك المحاولات بعامين فحسب، وضعت ''باوت'' في موقف أفضل مما حلم به، إذ أصبح أسطوله ناقلاً رئيسياً من الولايات المتحدة إلى العراق· وقد أظهرت سجلات نقل جوي، نشرتها صحيفة ''لوس أنجلوس تايمز'' مؤخراً، أن طائرات ''باوت'' قد حلقت مئات المرات فوق المنطقة الأمنية المشددة المحيطة بمطار بغداد الدولي، لتنقل كل المنتجات والأصناف، من البنادق والأسلحة وحتى معدات الحفر وصولاً إلى الأغذية المجمدة· وفي الوقت ذاته، تباين عملاء ''باوت'' الذين تستهدفهم هذه المواد بالذات، من الجيش الأميركي في العراق، وحتى أسوأ المقاولين الذين لهم صلة بالتمرد هناك· والسؤال الواجب هو: كيف تسنى لـ''باوت'' أن يتحول من شخصية غير مرغوب فيها كما رأينا، إلى مقاول لا غنى للولايات المتحدة عنه؟! هناك من مسؤولي أجهزة المخابرات الأوروبية من يعتقد أنه سبق لـ''باوت'' أن أبرم عقداً سرياً مع الحكومة الأميركية يعمل بموجبه على تسخير مواهبه لصالح الغزو الأميركي لأفغانستان، إلى جانب اختياره كمقاول رئيسي في العراق· ومهما يكن فإن هناك الكثير من الأدلة على إهمال المسؤولين الأميركيين تدقيق فحصهم لنوايا وسجلات المقاولين، في أجواء التسرع التي أحاطت بإنشاء خطوط الإمدادات اللازمة إلى العراق، على إثر الاجتياح الأميركي في عام ·2003 وإنه لمن المؤسف حقاً، أن تكون الشركات ملزمة بمسؤوليتها إزاء معرفة خلفيات ونوايا مقاوليها الذين تستأجرهم، في حين أنه لم يأبه أحد في أروقة ''البنتاجون''، إلى ضرورة استشعار المسؤولية نفسها في أوساط مسؤولي وزارة الدفاع! ستيفن براون مراسل التايمز ومؤلف مشارك لكتاب تاجر الموت: المال والبنادق والطائرات ورجل الحرب ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©