الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باديلا وإدارة بوش... والقانون

19 أغسطس 2007 02:01
إن كانت ثمة فكرة واحدة مشتركة، تعبر عن طريقة تعامل إدارة بوش مع مجموعة التحديات القانونية التي تواجهها في حربها الدائرة الآن على الإرهاب، فهي تتلخص في ميل الإدارة المستمر إلى تغيير ساحة اللعب في كل مرة تقترب فيها من الهزيمة المؤكدة· وليس من مثال عملي قادر على تجسيد هذه الحقيقة أكثر من حالة ''خوسيه باديلا'' الذي أدانته هيئة محلفين في ميامي يوم الخميس الماضي، في الاتهامات الثلاثة التي وجهت إليه فيما يتصل بعلاقته بالأنشطة الإرهابية الأقل خطراً· وكان باديلا قد عد يوماً ما أحد مفجري القنابل القذرة التي تستهدف الأمن القومي الأميركي· بقي أن نقول إن أهم ما نجحت إدارة بوش الحالية في تفاديه، هو السابقة القضائية التي أرستها محاكمة باديلا هذه· يذكر أن قصة هذه المحاكمة، تعود إلى ما يزيد على 36 شهراً، عندما اعتقل باديلا قرب مطار ''شيكاغو أوهير'' الدولي· وفي الحال ألصق به المدعي العام حينئذ جون أشكروفت صفة ''مقاتل عدو''، وتمت إحالته إلى سجن عسكري، على رغم كونه مواطناً مدنياً أميركياً، وتم التحفظ عليه في زنزانة انفرادية دون توجيه أي تهم محددة إليه· كما سرت مزاعم بتعرضه لسوء المعاملة في السجن، بما في ذلك احتمال تعرضه للتعذيب· وهذا ما دعا بعض المحامين المعينين من قبل المحكمة، لرفع عريضة شكوى نيابة عنه، طالبوا فيها إما أن توجه إليه الحكومة اتهامات محددة يقدم بموجبها إلى المحاكمة، أو أن تطلق سراحه· وما إن أحيل ملف باديلا إلى المحكمة العليا للمرة الأولى في شهر يوليو من عام ،2004 حتى صوتت ضده أغلبية 4/ 5 من أعضاء المحكمة، اعتماداً على اعتبارات فنية بحتة، حددتها بأن من الواجب محاكمة باديلا في ولاية كارولينا الجنوبية حيث لا يزال في السجن هناك، وليس في ولاية نيويورك التي تم توقيفه فيها ابتداءً· غير أن البيانات القانونية التي ضمها ملف باديلا وملف معتقل آخر هو المواطن الأميركي ياسر عصام حمدي، خلصت إلى أن اعتقاله لم يكن شرعياً في الأساس، وعليه فإن من الواجب تقديمه للمحكمة الملائمة للنظر في قضيته منذ البداية· وهذا هو ما فعله محاموه بالفعل، ما أعاد الملف مرة أخرى إلى المحكمة العليا في خريف عام ·2005 وما حدث بعد ذلك هو أن قراراً قضائياً متعجلاً صدر لقطع الطريق أمام النظر إلى القضية المعروضة أمام المحكمة من شتى جوانبها، ليعلن عن إدانة المتهم في الاتهامات الثلاثة الموجهة إليه فيما يتصل بممارسة الأنشطة الإرهابية الأقل خطراً· غير أن المعضلة الرئيسية التي تثيرها قضية باديلا هذه، خاصة في الجانب المتصل بإصدار حكم بإدانته مع تجاهل النظر إلى ما أثاره محاموه بشأن عدم شرعية اعتقاله من الأساس ثم إساءة معاملته، بل وحتى تعذيبه داخل السجن، إنما هي ما إذا كان اجتراء الحكومة على اعتقال الأفراد داخل الولايات المتحدة الأميركية وإساءة معاملتهم داخل السجن، سيعبُر هكذا دون تقديم أي إجابات قانونية عليه أم لا؟ يجدر بالذكر أن التكتيكات التي تتبناها الإدارة في تغيير مسار سلوكها ليست بالجديدة أو المعزولة في هذه القضية وحدها· فما أكثر السوابق الأخرى التي سلكت فيها نهجاً مماثلاً· ولعل أشهرها مزاعم المواطن الأميركي العربي الأصل، أحمد عمر أبو علي، الذي جرى اعتقاله في موطنه الأصلي، القائلة بتعرضه للتعذيب وسوء المعاملة· فبدلاً من أن يستمر عرض قضيته أمام المحاكم، إذا به وقد أحيل إلى المعتقل، قطعاً لطريق المحاكمة من الأساس· وعلى أي حال، فربما كان اعتقال باديلا وإساءة معاملته غير شرعيين، غير أن ما أفلحت فيه إدارة بوش هو تفاديها كعادتها للمساءلة القانونية عن سلوكها· وهذا هو بالضبط ما حالت بين المحاكم الأميركية وبين القيام به· كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©