«سبأ».. عاقبة الكفر بالنعم

القاهرة (الاتحاد) سورة سبأ مكية، من المثاني، عدد آياتها 54، ترتيبها الرابعة والثلاثون، نزلت بعد سورة «لقمان»، والسورة اسم لقوم سكنوا جنوب الجزيرة العربية، وهي سبأ. ‏‏وقال ابن عباس: «نزلت سورة سبأ بمكة»، ووجه تسميتها ‏أن ‏ذكرت ‏فيها ‏قصة ‏سبأ‏ وهم قبائل كانت تسكن اليمن، وسبأ لقب أبيهم الذي يجمع قبائلهم، وكانت بلقيس بنت شراحبيل ملكة عليهم، وهي التي أنبأ الهدهد سيدنا سليمان عليه السلام نبأها، ‏وقد ‏كان ‏أهلها ‏في ‏نعمة ‏ورخاء ‏فلما ‏كفروا ‏النعمة ‏دمرهم ‏الله ‏بالسيل ‏العرم وجعلهم ‏عبرة. وتبدأ السورة بتمجيد الله تعالى والثناء عليه وتخصيصه بالحمد كله، وإثبات قيام الساعة، وبيان إحاطة علم الله بما صغُر وعظم في ملكوته، وبينت ما أكرم الله به نبيه داود من أن الجبال والطير تُرجع التسبيح معه، وأنه تعالى جعل له الحديد لينا يصنع منه الدروع، وذكرت تسخير الريح للنبي سليمان، كما أذاب له النحاس، وأن الجن تعمل بين يديه، وأن داود وآله طلب منهم أن يشكروا نعم الله عليهم، وبينت ما كان لسبأ من نعيم وما كان في مسكنهم من جنتين وما مَنّ الله عليهم به من البركة والأمن فلم يشكروا وأعرضوا فأرسل الله عليهم سيلاً مدمراً وبدلهم بجنتيهم جنتين ثمرهما قليل أو مُر لا خير فيه، وما كان من ظلمهم أنفسهم بأن طلبوا أن يباعد الله بين قراهم ليمشوا المسافات الطويلة في الصحاري فجعل الله سيرتهم تروى لتكون مثالاً لكفر النعمة كما شتت شملهم. وتصور السورة مشهداً من يوم القيامة وما يقع فيه من جدل وشقاق بين الذين استضعفوا والذين استكبروا وكل يلقي التبعة على الآخر، وبينت الآيات أن المترفين وأولي النعمة هم في كل أمة رأس الكفر والتكذيب، حيث تفتنهم أموالهم وتغرهم أولادهم، ولكن الله بيّنَ لهم أن أموالهم وأولادهم لا تُقربهم من ربهم ولا تنجيهم من عذابه، وفيها تسلية الله لرسوله بأنه ناصره على الكافرين، وقد شدد العذاب على من كان أشد منهم قوة وأكثر عدداً، وتختتم السورة بأنه إذا جاء يوم القيامة فلا نجاة لهؤلاء وأنه لا ينفعهم إيمانهم آنذاك، ويحال بينهم وبين دخول الجنة ويكون شأنهم شأن من شابههم في الكفر من الأمم الماضية.