الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحدث الإصدارات الأجنبية لعام 2008

أحدث الإصدارات الأجنبية لعام 2008
20 مارس 2008 02:47
من بين عشرات العناوين المثيرة التي صدرت في الشهور الثلاثة الأولى من عام 2008 عن دور النشر الأميركية اخترنا ثلاثة إصدارات متميزة· ربما يكون القاسم المشترك بينها كونها كتبت بأقلام غربية عن واقع غير غربي· وبأن مضمون الكتب الثلاثة تجاوز الشأن الخاص إلى معانقة الهم الإنساني العام وتبني قضايا حقوق الإنسان دون النظر إلى لون أو عرق أو دين· فمن المأساة العراقية التي كان أحد ضحاياها ''سيرجيو فييرا دي ميللو''، إلى المأساة الإنسانية في دارفور أقصى غرب السودان، إلى أكذوبة الطفولة السعيدة في روسيا إبان الاتحاد السوفيتي سابقا· ويجمع بين مؤلفي هذه الكتب جدية الطرح والتفاني في تبني القضية والدفاع عنها· مطاردة اللهب ''مطاردة اللهب'' كتاب يتتبع خطى ''سيرجيو فييرا دي ميللو'' المفوض السامي للأمم المتحدة ونصير السلام وحامل لواء العدالة وحقوق الإنسان والذي قتل في 19 أغسطس 2003 إلى جانب أكثر من عشرين آخرين في عملية انتحارية في العراق استهدفت مقر الأمم المتحدة ببغداد· ولقد صدر الكتاب في 600 صفحة عن دار نشر ''بنجوين برس'' في عيد الحب الماضي 14 فبراير 2008 كرمز للحب والوفاء للدبلوماسي البرازيلي الحكيم متعدد المواهب المحب للعرب والمناصر لقضايا المرأة في العالم· وهذا الكتاب هو عمل رائع جديد للصحفية البارزة ''سامنتا باور'' الأستاذة بجامعة هارفارد والحائزة على جائزة ''البوليتزر'' الصحفية القيمة عن كتابها '' مشكلة من الجحيم: أميركا وعصر الإبادة الجماعية'' ومؤسسة مركز ''كار'' لحقوق الإنسان، والتي اختارها المرشح الرئاسي الأميركي ''باراك أوباما'' مستشارة للشؤون الخارجية في حملته الحالية والتي أثارت استقالتها جدلا وسعا في الآونة الأخيرة· وترجع أهمية الكتاب إلى استعراضه لسيرة حياة شخصية إنسانية ثرية بحجم ''دي ميللو'' الذي شارك على مدى ثلاثين عاما في عمليات إنسانية وحفظ سلام في لبنان ورواندا والبلقان وبنجلاديش والسودان وقبرص وموزمبيق وبيرو وتيمور الشرقية· ومن أجل سعيه لإنقاذ العالم من أشباح العنف والفقر خاض معارك شرسة ممتطيا ظهر المنظمة الأممية بضعف ميزانيتها وقلة حيلتها وهوانها على الدول العظمى· واستغلت الكاتبة ''باور'' النهاية الدرامية الحزينة التي انتهت بها رحلة كفاحه لتبشر بنهاية مماثلة للمنظمة العجوز العقيم التي تمخضت كثيرا فلم تلد حلولا بل علامات تعجب واستفهام· ويحمل الكتاب انتقادات واسعة للأمم المتحدة ويفتح الباب على مصراعيه لبحث مستقبل بقائها على خلفية المأساة العراقية ويدعو لاستلهام العبر والدروس من الجهود المهدرة لممثلي البعثات الإنسانية دون إحقاق حق أو إحلال سلام· وتطالب الكاتبة '' سامنتا باور'' بتغيير حيوي في العلاقة بين الأمن وحقوق الإنسان وفي نهاية كتابها تترك القارئ في حالة من التعاطف مع ''دي ميللو'' ، والغضب من الأمم المتحدة ، والحسرة على آلاف البشر الذين غرقوا مثله في بحور العنف السياسي دون أن يمجد ذكراهم في كتاب· دارفور أما الكتاب الثاني والذي اخترناه بين أرفف الكتب الصادرة حديثا عن دور النشر الأميركية فهو بالصدفة البحتة للكاتبة ذاتها ''سامنتا باور'' وهو بعنوان ''دارفور'' ويكفي عنوانه ليفصح عن مضمونه· إلا أنه ليس كتابا تقليديا كما يتصور البعض، فهو لا يعنى بسرد تاريخي لأسباب المشكلة ولا بتنظير أكاديمي لأطراف المعضلة، بل هو تجميع فريد ومميز لجهد سبعة من المصورين الصحفيين العالميين الذين خاطروا بحياتهم لسنوات كي ينقلوا للعالم بالصورة بشاعة الصراع الدموي في دارفور والذي أودى بحياة 300 ألف شخص وهجر 2,5 مليون شخص عن قراهم وبيوتهم· ويتكون الكتاب من 208 صفحات صدر عن دار نشر ''دي كي ميلشرميديا'' في 21 يناير 2008 وكتبت مقدمته ''ليسلي توماس'' الصحافية البارزة في جريدة ''الصنداي تايمز'' مؤلفة كتاب ''دارفور عشرين عاما من الحرب والمذابح في السودان''· وتلعب الصورة دور البطولة في الكتاب بينما أسند للكلمات دور الشرح حجم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في أقصى غرب السودان· ويضم الكتاب بين دفتيه أفضل 150 صورة ملونة وأبيض وأسود عن أزمة دارفور· وهي الصور التي سبق ونالت اهتماما دوليا كبيرا عندما عرضت في متاحف عالمية في لوس أنجيلوس وواشنطن وبرلين وميلان وشكلت أول معرض دولي ينقل للغرب صور أزمة في القارة الأفريقية· وأكثر ما يميز هذا الكتاب هو الجهد الجماعي لفريق العمل والشعور بإنكار الذات لدى كل من ساهموا في إخراجه للنور بالإضافة إلى أنهم جميعا زاروا دارفور ولمسوا عن قرب لديهم فهم عميق لحقيقة الوضع هناك· فلقد زارت ''سامنتا باور'' دارفور قبل أربع سنوات وكتبت سلسلة مقالات عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم وطالبت المجتمع الدولي بالوفاء بما عليها من التزامات· أطفال روسيا هناك حكمة تقول ''إذا أردت أن تعرف حقيقة دولة فانظر إلى أحوال أطفالها''· يا لها من عبارة جذابة لكنها خادعة فالمؤرخة البريطانية ''كاتريونا كيلي'' في كتابها '' عالم أطفال روسيا ·· في الفترة من 1890 إلى 1991 '' تؤكد لنا أن الطفولة التي كان يحتفى بها في ظل الاتحاد السوفيتي على مرأى ومسمع من العالم وكان يخصص لها منظمات لرعاية الطفولة وتقام لها الاحتفالات والأعياد لم تكن سوى واجهة براقة لصندوق مظلم· فالكتاب الذي طرح في المكتبات في 28 يناير 2008 والصادر عن مطابع جامعة '' يال'' يتناول تاريخ الطفولة في روسيا خلال القرن العشرين وحتى تاريخ انهيار الشيوعية وتفكك الاتحاد السوفيتي· المؤرخة ''كاتريونا كيلي'' باحثة بريطانية وأكاديمية متخصصة في شؤون الأدب والثقافة الروسية في جامعة أكسفورد البريطانية ولديها العديد من المؤلفات حول ذات التخصص وتشن الآن حملة دولية لإعادة الهوية القومية الروسية· ومن خلال صفحات الكتاب (736 صفحة) تكشف المؤلفة للقارئ كل منحى من مناحي حياة الأطفال في روسيا من الأسرة والصداقة والرياضة والألعاب والملابس والمدارس، وعلاقة الأطفال ببعضهم البعض وعلاقتهم بالأسرة وبالكبار وبالدولة· وتستكشف ما اعترى هذه الحياة من توتر وقلق وسعادة وأمل عبر التقلبات التاريخية والسياسية أثناء الثورة البلشفية والحرب الأهلية والحرب العالمية والحرب الباردة· ويعكس الكتاب جهدا بحثيا خارقا وغير مسبوق استندت فيه الباحثة على مئات المقابلات الشخصية وعشرات الوثائق الأرشيفية ودراسة كم هائل من قصاصات الصحف والإعلانات والمواد الصحفية والدعائية التي نشرت في تلك الحقبة· بالإضافة إلى تقصي تجارب الأطفال في المجتمع الاشتراكي بمعاهده وملاجئه ومعسكراته· وخلصت '' كاتريونا كيلي'' إلى أن احتياجات الأطفال الحقيقية كانت مهمشة من قبل الدولة التي كان جل همها محصورا في تسخير كل فرد في المجتمع لتلميع صورة الشيوعية· وفي الوقت الذي تتوقف فيه الكاتبة عند نجاح الثورة البلشفية عام 1917 في نقل المجتمع الروسي من الجهل إلى التعليم العالي ونشر دور الحضانة والمدارس والمعاهد والجامعات في كل المدن بهدف تمكين المرأة من المشاركة في بناء الدولة· إلا أن ذلك كان له انعكاس سلبي على الأسرة خاصة على النساء اللواتي كن يدفعن يوما بعد يوم نحو المساواة بالرجال لدرجة التخلي عن كل مظاهر الأنوثة· وكانت السيدات الحوامل في فترة الخمسينات يجبرن على الاستمرار في العمل حتى ساعة الولادة بل وكان مشهدا عاديا أن يلدن على أرض المصانع والمعامل· وكانت الضغوط الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحية تخنق الطفولة في مهدها حتى لجأت الأسر إلى دفع أطفالهم إلى الشوارع أو تسليمهم إلى الملاجئ وتجاوز عدد الأطفال اليتامى والمهمشين الروس خلال القرن العشرين مليون طفل· في الوقت الذي كان العالم بأسره يظن أن الأطفال يلقون أفضل رعاية ممكنة في ظل النظام الاشتراكي· وتشير المؤرخة '' كاتريونا كيلي'' إلى جهود الباحثين السوفيت الذين حاولوا تسريب حقيقة الطفولة الحزينة في روسيا للعالم الغربي في فترة الثلاثينات من القرن الماضي ولم تر أبحاثهم النور إلا في الستينات·· وعندما نشرت لم تؤخذ محمل الجد ولم يصدقها أحد·!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©