الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الملل له فوائد أيضاً!

8 فبراير 2012
يقال: «النفس إذا كلّت ملّت».. وكثيراً ما يجد الإنسان منا، ودون مقدمات وكأنه في حالة توهان أو فقدان القدرة على التركيز، وربما يشعر بالهذيان وعدم القدرة على التواصل أو التفاعل مع كل ما يدور حوله، وإذا سألته عما أصابه، يبادر بالقول إنه يشعر بالضيق أو السأم أو الملل، أو «الزهق» دون معرفة بالأسباب، أو السبب الأهم الذي أودى به إلى هذه الحالة. ربما لا يكون هناك جديد ليفعله، وربما تكون حالة «الروتين» اليومي الذي يجعله يتعاطى الحياة من حوله كآلة، يدور في أتونها «كترس» من عشرات «التروس» التي تحرك حياته، وقد أصبح واحداً منها، اعتاد على أن يعمل، ويدور، ويتحرك، ويلف، بصورة لا إرادية، متكررة ومتطابقة ومستمرة! فنحن نشكو من الملل لتشابه الأشياء من حولنا، ونعجز عن تفسير أسباب ودوافع كثيرة تمكن الملل من السيطرة علينا، ويحول دون استمتاعنا بالحياة من حولنا، إن تمكن منا!. لكن.. غالباً ما نغفل التفكير في فوائد الملل، فقد نندهش للوهلة الأولى إن قلنا إن للملل فوائد! نعم.. هناك جوانب إيجابية للملل سنكتشفها لو أعدنا التفكير بطريقة أعمق، فلولا الملل، ما فكر الإنسان في ابتكارات واختراعات حديثة أراد منها أن تكسر حدة الملل الذي يحيط به وبواقعه الذي يعيشه، أو كرد فعل طبيعي لحالة الملل التي سيطرت عليه فأراد أن يخرج منها بالتجديد والابتكار. فملل الإنسان من كوكب الأرض هو ما دفعه إلى البحث عن كواكب وعوالم أخرى في الفضاء، وإن سألت أصحاب الإنجازات العملاقة لأجابك بأنه يشعر بأن ساعات اليوم قصيرة للغاية، وأنه يتمنى أن تكون ساعات اليوم ثلاثين ساعة مثلاً! إن الرغبة في التغيير والاستكشاف، والبحث عن كل ما هو جديد، دوافع تطرد الملل، وتجعل من صاحبها في حالة حركة وعدم سكون، وعدم استسلام، وامتلاك رغبة جامحة نحو التغيير والتجديد والتطوير والتحديث دائماً. علينا أن نسأل أنفسنا سؤالاً بسيطاً للغاية: لماذا لا يشعر الأطفال بالملل كما نشعر به نحن الكبار؟ الإجابة بكل بساطة أن الأطفال لا يعرفون الملل فتكوينهم لا تشوبه تلك الشوائب السخيفة المعطلة، وحدود أحلامهم أوسع وأرحب وأكثر تعدداً واتساعاً، وأن أحلامهم لا تقف عن حد معين، فهم عادة لا يفرقون بين الأحلام المنطقية الممكنة، والأحلام الخيالية المستحيلة. ومن ثم فإن طاقاتهم، وأحاسيسهم لا بد لها أن تنسجم مع مساحة الأحلام التي يعيشونها. أيضاً من فوائد الملل العجيبة، أنه يدفعنا إلى أن نجدد صلتنا بالعالم الخارجي، ويشعرنا أننا في حاجة دائمة للبحث عن عوالم وأناس آخرين للتواصل معها. أظن أن استخدام الخيال بشكل صحيح وإيجابي، وأن محاولة رسم صورة مشرقة لأنفسنا في المستقبل مزينة بآمال وطموحات نحب أن نكون عليها، والحلم بغد أكثر تفاؤلاً وإشراقاً، كفيل بأن يدفعنا قادرين على طرد أشباح الملل التي تداهمنا من وقت لآخر، وكفيلة أيضاً أن تجعل دوافعنا الذاتية للعمل والعطاء والإبداع أكثر قوة وديناميكية. وسلامتك! المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©