الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصراع على القطب الشمالي.. أبعاد قانونية وتحديات دبلوماسية

الصراع على القطب الشمالي.. أبعاد قانونية وتحديات دبلوماسية
21 أغسطس 2007 02:56
زرع روسيا لعلم في القطب الشمالي هذا الشهر، أدى إلى إطلاق سباق من أجل السيطرة على المحيط القطبي الشمالي، حيث تستعد خمس دول للتقدم بمطالبات بأحقيتها في امتلاك أجزاء من قاع هذا المحيط· ومنذ أن زرع بحارة روس، يقلون غواصة أبحـــاث، عَلَماً على عمق 13 ألف قدم تحت سطح المحيط المتجمد الشمالي، فإن المحيط تحول فجأة ليصبح محور اهتمام في الساحة الدولية خصوصاً بعد أن أرسلت الدانمرك هي الأخرى كاسحات للجليد لإجراء عملية مسح تمهيداً لتقديم مطالبات من جانبها في تلك المنطقة القصية من العالم، حيث تنخرط في الوقت الراهن كاسحة الجليد ''هيلي'' التابعة لحرس السواحل الأميركي في مهمة لرسم الخرائط، بغرض دعم المطالبات الأميركية المحتملة· ومن المتوقع أن تحذو كندا- التي كانت قد أعلنت أنها ستبني قواعد عسكرية متقدمة في المنطقة- حذو الولايات المتحدة· وحل النزاعات الناشئة عن مطالبات بالأحقية في ملكية مساحات في هذه المنطقة سيمثل تحدياً دبلوماسياً للدول الخمس المتنازعة والمطلة على المحيط المتجمد الشمالي، الذي بدأت أجزاء من ثلوجه في الذوبان بمعدل متسارع، وإن كان الخبراء المختصون ببحث تلك النزاعات يقولون: إن سجل التعامل مع نزاعات مماثلة سابقة مشجع، وهو ما يعني أن الدول ذات المطالبات المتقاطعة سيمكنها التوصل إلى حل لها على مدار العقد المقبل· حول هذه النقطة يقول ''تيد ماكدورمان''، أستاذ القانون بجامعة فيكتوريا: ''لقد تعامل المجتمع الدولي من قبل مع العديد من القضايا الخاصة بالنزاعات حول الحدود البحرية وتمكن من حلها على الرغم من أن الحدود المتنازع عليها كانت تحتوي بداخلها موارد ذات شأن··· فعندما يكون هناك نزاع بين دولتين تطالبان بنفس الشيء تقريباً، فإن الحل الوحيد يكمن في آلية التفاوض بين الدولتين المعنيتين من أجل حل النزاع''، وأشار ''ماكدورمان'' إلى أن حل النزاعات لن يترتب عليه حدوث تغييرات ذات شأن على القطب الشمالي، مستشهداً في ذلك بحقيقة أن شعب ''الإنويت'' يعيش في أعالي القطب الشمالي منذ ما يقرب من 160 ألف عام، وما زال يعيش حتى هذه اللحظة على الرغم من أنه قد تم أيضاً دمج أراضيه على مدار أربعمائة عام الأخيرة في أراضي إمبراطوريات أوروبية مختلفة ادعت بأحقيتها في السيطرة على مساحات في المحيط المتجمد الشمالي لمسافة تمتد لثلاثة أميال· ويذكر في هذا السياق أن الكثير من الدول قد عملت خلال القرن العشرين على مد حدود مياهها الإقليمية من أجل السيطرة على مسارات الملاحة، ومناطق الصيد ومصادر الطاقة، وأن معظم تلك الدول توصلت إلى اتفاق خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي على القبول بمبدأ أحقية كل دولة في السيطرة الاقتصادية الحصرية على مساحات تمتد لمسافة 200 ميل بحري من الساحل· كما يذكر أيضاً أن الطوق الخارجي للقطب الشمالي قد أصبح مقسماً بالفعل بين خمس دول هي: روسيا والنرويج وكندا والولايات المتحدة والدانمرك التي تسيطر على ''جرينلاند''··· أما منطقة الوسط، فهي غير مملوكة لأحد· والسؤال هنا هو: ما هو موضوع المطالبات الجديدة وحول ماذا تدور؟ من المتوقع أن تطالب الدول الخمس بأحقيتها في امتلاك أجزاء من المحيط المتجمد الشمالي كما يقول الخبراء القانونيون، علماً بأن تلك الدول تسيطر في المجمل على 90 في المئة من الأراضي غير المطالب بها والواقعة في قاع المحيط· وهذه الدول تفعل ذلك لأن الاحتباس الحراري أصبح يتسبب في إذابة الجزء الأكبر من الغطاء الثلجي الحالي، وهو ما يزيد من احتمالات زيادة الاكتشافات من البترول والغاز· تبدو أهمية تلك الاحتمالات إذا ما عرفنا أن إدارة المسح الجيولوجي الأميركية تقدر أن هذه المنطقة تحتوي على 25 في المئة من احتياطيات النفط والغاز المتبقية في العالم· وهذه المطالبات تعتبر شرعية من وجهة نظر معاهدة الأمم المتحدة لقوانين البحار، التي تسمح للدول أن تتقدم بمطالبات بشأن أحقيتها في السيطرة على مساحات تتجاوز 200 ميل بحري، إذا ما كانت تمتلك أدلة على أن قاع البحر في تلك المساحات يعتبر امتداداً لجرفها القاري· ويذكر في هذا السياق أن جميع المطالبين المحتملين قد صادقوا على معاهدة الأمم المتحدة الخاصة بهذا الشأن· هل يعني زرع روسيا لعلم في قاع المحيط شيئاً؟ إن إقدام روسيا على ذلك لا يعني شيئاً من الناحية القانونية، لأن الذي يحدد مسألة الملكية وفقاً لقانون البحار الصادر من الأمم المتحدة هو الحقائق الجيولوجية وليس زرع الأعلام· ولعل هذا تحديداً هو السبب الذي يدعو روسيا والولايات المتحدة وكندا والدانمرك إلى إرسال سفن لإجراء مسح لهذه المنطقة· على أن بعض الخبراء يرون أن زرع العلم الروسي في قاع المحيط المتجمد الشمالي، يحمل رسالة رمزية واضحة حسبما يقول ''إيريك بوسنر'' الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة شيكاغو، الذي يرى أن القوة- وليس القانون الدولي- هي التي ستحسم المسألة، وأن غرض روسيا من ذلك هو الحصول على نصيب الأسد في عملية اقتسام المحيط المتجمد الشمالي، لافتاً النظر في هذا السياق إلى حقيقة أن روسيا تمتلك أكبر أسطول لكاسحات الجليد في العالم، وأنه إذا لم تقم الولايات المتحدة وكندا بالاستثمار بكثافة في شراء السفن التي تقوم بالدوريات في تلك المنطقة، فإن روسيا لن يكون لديها في هذه الحالة من الأسباب ما يدفعها للتراجع عما تسعى إليه، بل ويتوقع لها أن تمضي قدماً في المطالبة بأحقيتها في الحصول على أكبر مساحة ممكنة· ولكن ما هي الجهة التي تحسم المطالبات؟ من المعروف أن المطالبات التي تتجاوز 200 ميل بحري يتم النظر فيها من قبل مجموعة مكونة من 21 عالماً يشكلون ما يعرف بـ''لجنة النظر في المنازعات المتعلقة بحدود الجرف القاري'' التي تم إنشاؤها استناداً إلى بنود قانون البحار· ويقول ''دونالد روثويل'' الأستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية في ''كانبيرا'': إن تلك اللجنة ستكون مثقلة بالعمل خلال الشهور القادمة، نتيجة لما هو متوقع من قيام الدول المتنافسة بتقديم مطالبات من أجل الحصول على مساحات إضافية من المحيط· وهناك عقبة أخرى في هذا السياق، وهي أن تلك اللجنة غير مخول لها البت في المطالبات الخاصة بالأراضي التي تتم المطالبة بأحقية ملكيتها من قبل أكثر من دولة، وأن مثل تلك النزاعات يجب أن تحل بمعرفة تلك الدول، لأنه ليس من مصلحة أي منها ولا من مصلحة شركات النفط الدولية الضخمة أن تشهد في هذه المنطقة تكراراً لسيناريو المعارك الضارية التي دارت للسيطرة على الغرب الأميركي حسبما يقول'' مايكل بايرر'' من جامعة كولومبيا البريطانية· محرر الشؤون الخارجية في كريستيان ساينس مونيتور ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©