السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ولاية «واد» الثالثة... هزة سياسية في السنغال

8 فبراير 2012
توافد المرشحون الثمانية في مواكب منفصلة من أركان داكار للمشاركة في اجتماع ساحة "أوبليسك" الأشهر في العاصمة السنغالية، حيث تجمهر عدد غفير من المناصرين، فيما تناوب المرشحون على اعتلاء المنصة ومخاطبة الحشود من خلال ميكروفون واحد. والأمر هنا لا يتعلق بنقاش، أو تداول للأفكار ما دام جميع المرشحين متفقين على نفس الخطاب الذي أكده "عثمان تانو دينج"، المرشح الرئاسي عن الحزب الاشتراكي قائلاً: "لقد جئنا لتعبئة الجماهير حتى يسحب عبد الله واد ترشيحه الذي نعتقد بأنه غير شرعي وينافي القانون واللوائح المعمول بها في البلد". ومن بين المرشحين للرئاسة المنتمين إلى المعارضة بأطيافها المختلفة في السنغال والمناهضين لترشح عبدالله واد لفترة ثالثة في الانتخابات المقررة بتاريخ 26 فبراير الجاري، اختار ثمانية منهم إطلاق حملتهم الانتخابية في وقت واحد وافق يوم الأحد الماضي، وذلك من على المنصة وسط العاصمة داكار، منددين بمحاولة "واد" البالغ من العمر 85 سنة ترشيح نفسه لولاية ثالثة. وخلافاً للأسبوع السابق الذي شهد احتجاجات عنيفة خلفت على الأقل أربعة قتلى في مناطق مختلفة من البلاد، مرت تظاهرة يوم الأحد الماضي التي شارك فيها قادة المعارضة بسلام ولم تسجل أي حوادث، أو صدامات دامية مع الشرطة. وكانت الاضطرابات غير المعهودة في بلاد ألفت السلم الأهلي ونبذ العنف قد بدأت في 29 يناير الماضي عندما قضى المجلس الدستوري، وهو أعلى هيئة قضائية في البلاد، بحق الرئيس الحالي، عبدالله واد، في الترشح لولاية ثالثة رغم القانون الذي وقعه الرئيس نفسه في عام 2001 ويحدد مدة الرئاسة في فترتين لا أكثر. لكن القضاة الأربعة الذين بتوا في القضية وعينهم الرئيس نفسه انحازوا إلى رأيه القائل بأن انتخابه رئيساً يرجع إلى ما قبل توقيع القانون وأن رئاسته تندرج في إطار الدستور السابق الذي لا يحدد فترة الرئاسة. غير أن المجلس الدستوري لم يكتفِ بتأييد "عبدالله واد"، بل وقف ضد المرشح "يوسو اندور"، المغني المشهور، برفض ترشيحه، وكان هذا الأخير من أشد معارضي سياسة الرئيس التي انتقدها على خلفية تغليبها المشاريع الكبرى على الأهالي والمواطنين، الذين يعيشون حياة صعبة. لكن رغم ذلك شارك "أندور" في الفعالية يوم الأحد الماضي وقدم إلى الجمهور باعتباره مرشحاً رسمياً شأنه في ذلك شأن الآخرين وقال لأنصاره: "إن الائتلاف الذي سنشكله سيكون الأمل الوحيد المتبقي للمحرومين والمهمشين في السنغال". ويطلق الائتلاف المعارض للرئيس اسم "حركه 23 مايو" على نفسه في إشارة إلى احتجاجات السنة الماضية التي عمت مناطق مختلفة من البلاد، وأرغمت الرئيس سحب تعديل دستوري يقترح بموجبه خفض نسبة الأصوات التي يحصل عليها المرشح الرئاسي لحسم الفوز في الجولة الأولى من 50 في المئة إلى 25 في المئة. ومع أن التحرك الشعبي الذي أعقب محاولة "واد" تعديل الدستور تخللها عنف واضح وكادت أن تزعزع استقرار البلاد، إلا أنها نجحت في الضغط على الرئيس ودفعه للتخلي عن التعديل، وهو ما يشجع جزءاً واسعاً من المتظاهرين اليوم على تكرار الأسلوب ذاته، وقد عبر عن هذا التوجه الأكثر عنفاً، "بابكر ديوب"، الطالب البالغ من العمر 24 سنة، قائلًا: "يريد شباب هذه البلاد اقتحام القصر الرئاسي كما فعلنا بالجمعية الوطنية في 23 يونيو الماضي، لا سيما إذا أصر الرئيس على خرق مقتضيات الدستور والترشح لولاية ثالثة، وهو الأمر الذي نرفضه بشدة". لكن وفيما تتعالى بعض الأصوات المطالبة بهذا الحل ضمن ائتلاف المعارضة، تصر أغلبية المنظمين والقادة البارزين في الائتلاف على سلمية المظاهرات ونبذ العنف حتى لا يتذرع النظام باستخدام القوة ضد المحتجين، ورغم خروج بعض المتظاهرين عن قواعد الانضباط التي حددها الائتلاف، فإنه سرعان ما جرى احتواء الانفلات ومنع الاقتراب من القصر الرئاسي. وفيما أجمع مرشحو الرئاسة الثمانية الذين انخرطوا في تشكيل ائتلاف المعارضة يوم الأحد الماضي على مطلب سحب الرئيس لترشحه واحترامه لأحكام الدستور الواضحة في هذا المجال، يبقى ثلاثة منهم أكثر دراية بالرئيس السنغالي وطريقة اشتغاله، لا سيما وأنهم تقلدوا منصب رئيس الوزراء في فترات مختلفة تحت قيادته، وهو ما أشار إليه المحلل السياسي، "عبد الله لو"، قائلاً: "يعرف المرشحون الثلاثة الذين تولوا مناصب عليا في الحكومة أكثر من غيرهم أن "واد" لن يسحب ترشيحه، لكنهم يعارضونه من حيث المبدأ، فهم لا يريدون أن يكون واد سابقة في الحياة السياسية بالسنغال، ويمتنع الرؤساء المقبلون عن التنازل". كما أن قادة المعارضة والمجتمع المدني والعديد من الناخبين أيضاً يؤمنون بأنهم قادرون على إخراج "واد" من المنافسة من خلال صناديق الاقتراع، إذ يكفي عدم التصويت عليه لإسقاطه في الجولة الثانية، وهو رهان مبني على تجارب سابقة في السنغال قادرة على تجنيب البلد الانزلاق إلى العنف، فقد سبق "واد" رئيسان اثنان وكلاهما خرج من السلطة بانتخابات عامة. نيكولا لومي - داكار ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور«
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©