الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الوشم أداة تعريف العراقي.. بعد الموت !

23 أغسطس 2007 04:56
حتى وقت قصير كان الوشم أحد مستلزمات التجميل عند النساء الريفيات أو البدويات العراقيات حصرا· فمع عدم توفر ادوات المكياج المعروفة عند نساء المدينة وفتياتها فإن الوشم هو البديل البدوي او القروي لأدوات التجميل· وعادة ماتتفن نساء في صناعة الوشم الذي يمكن ان يطول اجزاء مختلفة من الجسم وليس الوجه او اليدين فقط· ورجاليا فإن الوشم كان حتى وقت قصر ايضا يقتصر على الاشقياء من الرجال او الفتوات ومن شاكلهم كجزء من عملية التميز ولفت النظر اليهم بين الاوساط الاجتماعية المختلفة· غير أن للوشم في عراق اليوم حكاية اخرى مختلـفة تماما عن كل مايدخل في عمليات التجميل النسوية أو ''الشقاوة'' الرجالية· وتحول الوشم الى هوية لشعب بأكمله حلت محل هويته التي ضاعت بين قبائل المتطاحنين طائفيا ومذهبيا وعرقيا، فقد أصبح الوشم أداة تعريف للعراقي لكن بعد الموت· واذا كان لهذه الهواية التي تحولت الى حرفة الآن ضحايا كثر فقد اصبح لها ابطالها ممن يجيدون استخدامها بعد أن صارت ضرورة قد لايستغني عنها اي عراقي في قابل الايام اذا ما استمر حمام الدم الطائفي والذي يقتل بموجبه الانسان على الاسم او الهـــــــوية· لكن بعد ان يموت الانســـان فإن القتلة المحترفين يلجأون الى احدى طريقتين للتخلص من المغدور وهي إما رميه على قارعة احدى الطرق حتى تأتي شرطة الصباح الوطنــــــية لتجمعه مع القمـــــــــامة او نقله الى الطب العدلي مباشرة خصوصا اذا كان القتلة من ذوي الشأن !! واذا كانت معاناة الأهل قبل الموت لاتنتهي حين يختطف احد ابنائهم حيث تبدأ المساومات الصعبة التي كثيرا ماتنتهي الى استقدام ضحايا جدد من اهل الخطوف بحجة دفع الفدية او مزيد من المفاوضــــات، فإن المعاناة الأكبر تبدأ حين يجــــــري تبليغهم أن عليهــــــم مراجعة الطب العدلي للبحث عن جثة ابنهم أو أي مكان آخر يجري تحديده· ومع تكدس الجثث وكثرتها واحتراق غالبية المغدورين فانه العلامة الوحيدة التي يمكن ان تظل فارقة هي الوشم الذي بات بمثابة (بصمة الإبهام) التي اخترعها العراقي حفاظا ليس على حياته الموضوعة على لائحة انتظار المجهول الذي ربما يكون عبوة ناسفة او قذيفة هاون او مسلحين يطلق عليهم عادة مسلحون مجهولون مع انهم معروفون حتى الجد السابع ·· بل من اجل المحافظة على موته الذي يريده في الأقل ان يظل نبيلا قدر الإمكان· فالعراقي هو الانسان الوحيد الذي لم يعد يتهم بحياته لأنها لم تعد ملكه بل بات يهتم بموته وليس هناك من وسيلة تبقيه قيد الموت المجاني سوى الوشم·
المصدر: بغداد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©