الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

يافا.. عروس المدن التي تغنَّى بها الشُّعراء

يافا.. عروس المدن التي تغنَّى بها الشُّعراء
24 أغسطس 2007 03:09
يافا عروس المدن الفلسطينية التي يزهر على شواطئها البرتقال الحزين ويصدر إلى العالم الخارجي، وقد كتبت على كل حبة منه اسم ''جافا'' كأفضل أنواع البرتقال بالعالم، يافا التي لم تستطع الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان إلا أن تشاركها دموع الألم والفراق حين وقفت على أطلال من رحلوا وفاتوها، تنادي من بناها الدار، وتنعي من بناها الدار، وأن القلب منسحق، وقال القلب ما فعلت بك الأيام يا دار· أما شاعر المقاومة محمود درويش الذي كان ولا يزال صامداً فوق تراب الوطن، فإنه كفكف دموعها وطمأنها على أن الأهل ما زالوا هنا ولم يهاجروا إلى المنفى، فقال: ''نحن يا أختاه من عشرين عاماً، نحن لم نكن نزرع أشجاراً ولكنا نقاتل''· منذ فجر التاريخ ويافا لم تخنع، ولم تنكسر للذل، بل حفظت ماء وجهها أمام الانكسار وأمام جبروت التاريخ وعظمته والتي تعاقب عليها الحكّام والغزاة من شرقها حتى غربها، وأمست مزار العُلماء ولوحة فنية لكبار الرسامين الرومنطيقيين الذين شغفوا بزيارتها ونقل تقاسيمها الجغرافية الساحرة إلى مخيلتهم· بيوتها عربية قديمة وشاهدة على ''زمكانية'' المدينة العريقة، وعلى مسجدها الكبير، وكنائسها، ومنارتها، ومينائها، وأسواقها، وأعيادها الموسمية، ومدارسها، ومطابعها، وصحفها، ورجالاتها وشعرائها ومناضليها وحرفييها ونسيم بحرها المتوسطي· يعيش في يافا اليوم نحو 20 ألف فلسطيني بعدما كانوا 80 ألفاً قبل النكبة، وهؤلاء العرب يتجمَّعون في مساحة محدودة وضيقة لا تتجاوز 2 كيلومتر مربع فقط· زرت يافا قادماً إليها من ''تل أبيب'' من دون أن أدري، إذ أنني لم أنزل من الحافلة التي تقف في المحطة حيث غالبني النعاس بسبب الازدحام المروري في شوارع أكبر مدينة إسرائيلية، ووجدت نفسي فجأة بجوار مقهى على شاطئ بحر يافا، فقد تحوَّلت هذه المدينة، التي اكتسبت صفوة التاريخ، إلى ضاحية فقيرة لمدينة ''تل أبيب'' ومضجع لتجار المخدرات، وهي محاولة لسطو تاريخي ولطمس هويتها الجليلة، كانت امرأة يهودية متبرجة تجلس وسط المقهى يلتف حولها مجموعة من الشباب العرب المراهقين العاطلين عن العمل، والذين لا يجدون ملاذاً سوى التجمع في المقاهي، أما عيوني فلم تستطع أن تراقب المشهد سوى بضع دقائق، وقفلت من حيث أتيت، ذلك أنه يمكن أن يفهم المرء غربة الإنسان خارج وطنه، أما أن يكون غريباً مشرداً داخل جدران الوطن، فتلك أقسى أنواع الغربة ، وأشدها إيلاماً· يافا مهددة بزوال بيوتها الشامخة التي نافست بحجارتها النارية جبل الطور بعلو شأنها ومكانتها التاريخية، وقد أقدمت العصابات على إخلاء وهدم العديد من البيوت القديمة في أحيائها، ومنها: ''حي العجمي'' الواقع على الساحل، والذي يسكنه العرب وحدهم الآن· إضافة إلى ''حي النزهة'' و''حي الجبلية'' المطل على البحر مباشرة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©