يتضمن كتاب ''عجائب الدنيا وقياس البلدان'' وصفاً لرحلة بحرية إلى بلاد الهند والصين قام بها تاجر عربي مسلم يُدعى سليمان التاجر، ويعرفنا نص الرحلة على الأنشطة الاقتصادية في حركة الملاحة والتجارة في العصور الإسلامية الوسطى خلال القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي·
حكى سليمان التاجر في مطلع الفصل الأول من كتابه عن فتح ''أبوحبيش'' وهو الرجل الذي عاش من العُمر مائتين وخمسين سنة· وكان في بعض السنين قد نزل في الماغوز، فرأى ''أبوحبيش'' الحكيم السوّاح، فأتى به إلى البحر، وأراه سمكة مثل الشراع، وربما رفع رأسه مثل الشراع، فتراه كالشيء العظيم، وربما نفخ الماء من فيهِ فيكون كالمنارة العظيمة· ويضيف التاجر قائلاً:
فإذا سَكَنَ البحر اجتمع السمك فحَوَاهُ بذَنْبِهِ· ثم يفتح فَمَه فيُرَى السمك في جوفهِ يغوص كأنه يغوص في بئر· والمراكب تكون في البحر تخافه فهُم يضربون بالليل بنواقيس مخافة أن تتكئ على المركب فتُغرِقه· ثم يردف مؤلِّف الكتاب قائلاً:
في هذا البحر سمكة اصطدناها وكان طولها عشرين ذراعاً، فشققنا بطنها فأخرجنا منها أيضاً سمكة مِن جنسِها، ثم شققنا بطن الثانية فإذا في بطنها مثلها، وكلّ هذا حيّ يضطرب ويشبه بعضه بعضاً في الصورة· ويدْعَى هذا السمك الكبير بـ ''الَوال'' مع عِظَم خلقة السمك تُدعَى ''اللشْك'' وطولها قدر ذراع، وإذا طغت السمكة وبغت وآذت السمك الصغير، سُلِّطَتْ عليها هذه السمكة، فصارت في أصل أُذنها ولا تُفارقها حتّى تقتلها، وتلتصق بالمركب فلا تقرَب الركب هذه السمكة مَرْقاً من الصغيرة·
ثم أضاف سليمان التاجر لحكاية هذا البحر بقوله: وفي هذا البحر أيضاً سمكة يحكى أن وجهها وجه الإنسان تطيرُ فوق الماء واسم هذا السمك ''الميج''· وسمك آخر من تحت الماء يرصده حتى إذا سقط ابتلعه ويُسمى هذا السمك بـ ''العنقتوس''·
mr_alsamarie@yahoo.com
عدد اليوم
