الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

نوباكو .. يكسر الاحتكار الروسي لتوريد الغاز إلى أوروبا

نوباكو .. يكسر الاحتكار الروسي لتوريد الغاز إلى أوروبا
25 أغسطس 2007 00:24
تسابق أوروبا الزمن لإنجاز عدد من مشاريع خطوط أنابيب الغاز الطبيعي لتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي الذي يعد من أسرع مصادر الوقود نمواً في الاتحاد الأوروبي ويزيد استهلاكه بنسبة وصلت خلال العقد الأخير إلى 42,3%· ورغم التحذير الروسي من تضييق الخناق على إمدادات الغاز الطبيعي، إلا أن أوروبا تواصل على مدار عام ونصف العام تشييد عدد من خطوط الأنابيب التى تشكل مخرجا لأوروبا من الخناق الذي تفرضه موسكو على خطوط أنابيب الغاز الطبيعي· وأشارت مجلة ''بيزنس ويك'' في مقالة لها عن الخناق الروسي المفروض على أوروبا الى أن التهديد الروسي في بداية شهر أغسطس الجاري بخفض كمية الغاز الطبيعي الذي تصدرها الى بيلاروسيا بفواتير غير مُسدّدة، قد أعادت الذكريات السيئة للكثيرين في أوروبا· ومن تلك الذكريات على سبيل المثال، ما حدث في مطلع العام الجاري حين قامت روسيا بقطع إمدادات الغاز الطبيعي من خط أنابيب دروزبا، عن بيلاروسيا بسبب النزاع الذي كان قائما بين البلدين على الأسعار والتعريفات الجمركية· وشهد ذاك الوقت ارتفاع موجة الاضطراب التي سادت سلسلة التوريد والإمداد بشكل عام· وفي غضون أيام من ذلك الحدث، شهدت كل من جمهورية التشيك وسلوفاكيا، اللتان تعتمدان بنسبة 65 في المائة على روسيا لسد احتياجاتهما من الغاز الطبيعي، انخفاض نسبة إمدادات الغاز الطبيعي الى النصف· بينما بدأت كل من ألمانيا وبولندا باللجوء الى استغلال الكميات الاحتياطية من الغاز الطبيعي· ليس هذا فحسب، بل فكرت بلدان أخرى في زيادة نسبة وارداتها من الغاز الطبيعي من دول مُوَرّدة أخرى غير روسيا، كالنرويج على سبيل المثال· وليست هي المرة الأولى التي يقع فيها خلاف بين روسيا وإحدى جاراتها، يؤثر سلبا على إمدادات الطاقة الأوروبية، فقد وقعت دراما شبيهة بما يجري حاليا في مطلع العام الماضي مع أوكرانيا، وتشكل هذه الأحداث علامة على واقع جديد للاتحاد الأوروبي يقضي بأن روسيا تغذي وتقوي هيمنتها على مصادر الطاقة، وأنها لا تخشى من فرض وممارسة سلطتها في النزاعات المحلية لبلوغ أهدافها· وقد كانت لتلك الضربات المتبادلة في النزاعات تأثير قوي وملحوظ شَعَر به الجميع في سائر أنحاء أوروبا، وتأثير أقوى على أكبر مُستوردي الطاقة في العالم، والتي تعتمد على روسيا في استيراد كميات كبيرة من الغاز الطبيعي والنفط لسد احتياجاتها من مصادر الطاقة تلك· مما يفسّر حرص أوروبا مؤخرا على دعم سلسلة من مشاريع إنشاء عدد من خطوط الأنابيب الكبيرة في جنوب أوروبا، في الثمانية عشر شهرا الماضية· وتهدف أوروبا من وراء ذلك الى تنويع طرق توصيل إمدادات الطاقة، إما بالتحايل على الدول الضعيفة الجارة لروسيا، أو بتجنب عملاق الطاقة بحد ذاته· ومن ناحيته، أخبر أندريه بلورديه، رئيس الرابطة الدولية لاقتصادات الطاقة، مجلة بزنس ويك، '' أننا نرى محاولات لتعزيز الأمن بالتقليل من أهمية أي مُوَرّد مستقل مقارنة بالصورة الكاملة·'' وأضاف أندريه قائلا: ''ففي حال قرر أحد المُوَرّدين ممن لا يهتمون بقواعد اللعب، وأبدى رغبته في عدم مواصلة تطبيق القوانين، فسيكون التأثير أقل في حال كانت هنالك مجموعة من البدائل المتاحة، إما على هيئة موردين أو خطوط أنابيب بديلة''· ومما تجدر الإشارة إليه أنه ليس من المستغرب أن تقاوم روسيا جهود الاتحاد الأوروبي الرامية الى تنويع مصادر إمدادات الطاقة· ويُذكر أن من أهم مشاريع الاتحاد الأوروبي التى فاجأت روسيا هو مشروع خط أنابيب نابوكو من آسيا الوسطى، فقامت بدورها بإلغاء جميع صفقاتها مع دول آسيا الوسطى مثل تركمانستان، وكازاخستان، والمتمثلة في إنشاء خط أنابيب لإمداد المنطقة باحتياجاتها من الغاز الطبيعي، وإعادة بيعه إلى أوروبا بأسعار هائلة· وقال فريدمان مويلير، خبير طاقة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين، إن ''روسيا بحاجة الى ضمان استمرار الطلب، وأمن الطلب الذي يضمن لها بأن الدول الواقعة على طرف خط الأنابيب الآخر ستشتري منها الغاز· وهذه في الواقع لعبة قوة، كما أن بوتين يظهر يوميا في موقف أقوى، وما علينا سوى التأقلم مع هذا التوازن الجديد·''، وذلك في إشارة منه الى توازن قوى الطاقة الجديدة في العالم· وتعد روسيا ثاني أكبر مُصَدّر للنفط، حيث تشحن ما يقارب 7 ملايين برميل في اليوم الواحد، وتبيع حوالي 216 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا· وأوروبا بدورها تحتاج للغاز الطبيعي الروسي· والجدير بالذكر أن الغاز الطبيعي يعد من أسرع مصادر الوقود نموا في الاتحاد الأوروبي، بنسبة استهلاك زادت بمقدار 42,3 % في العقد الأخير، وذلك وفقا لأرقام وإحصائيات إدارة معلومات الطاقة الأميركية· وقد تمت الاشارة الى أن الأوروبيين يستهلكون حوالي 506 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا· وتأتي كل من ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا في صدارة قائمة الدول الأوروبية المستهلكة للغاز الطبيعي· ويمثل الغاز الطبيعي الروسي حوالي 46 % من إجمالي الإمدادات التي تتلقاها ألمانيا، كما تعد كل من فرنسا وإيطاليا من أكبر مُستهلكي الغاز الروسي كذلك· وحسب إحصائيات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، تستورد فرنسا حوالي 21 % من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا، بينما تستورد ايطاليا حوالي 32 % من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا· وعموما، يستورد الاتحاد الأوروبي نسبة تتراوح من 25 الى 40 % من احتياجاته من الغاز الطبيعي من روسيا· وحوالي 17% من احتياجاته من الغاز الطبيعي يأتي من النرويج، و10% من الجزائر· ويتفق الخبراء على أن الغاز الطبيعي سيحل قريباً محل النفط في الاتحاد الأوروبي كمصدر رئيسي للطاقة· ويذكر كثيرون من المحللين مثل فاريبورز غادار، مدير مركز الدراسات التجارية العالمية التابع لجامعة بين إستيت الأميركية، أنه بحلول عام ،2030 قد تحتاج أوروبا الى استيراد ما يقارب حوالي 80 في المائة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي· ويعقد الاتحاد الأوروبي آماله على مشاريع خطوط الأنابيب الجديدة، كمشروع خط نابوكو ، إلا أن الخبراء يعتقدون أن روسيا ستستفيد كذلك وبدرجة كبيرة من تلك المشاريع الأوروبية الجديدة حيث إنها تعد السبيل البديل لإيصال النفط الروسي للزبائن الأوروبيين· لكن ما يُوَلّد التوتر الأوروبي مع روسيا هو الدعم القوي الذي يُظهره الاتحاد الأوروبي لهذا المشروع، الذي من المحتمل أن يبلغ طوله حوالي 3300 كيلومتر، ويربط بين بحر قزوين، والنمسا، ويَمُرّ عبر الأراضي التركية، وبلغاريا، ورومانيا، وهنغاريا· ويشرف على مشروع خط نابوكو خمس شركات نفط، كل شركة تنتمي الى دولة من الدول التي يمر الخط في أراضيها· كما أن تكلفة بناء هذا الخط تبلغ حوالي 4,6 مليار يورو، ويمكنه ضخ حوالي 30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا لدول الاتحاد الأوروبي حين يعمل بكامل طاقته، حسب عدد من التقارير ذات الصلة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©