الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من يحق له التأويل ؟

26 أغسطس 2007 03:45
عملية الفرز بين أصناف المعرفة سواء على مستوى التنظير بهدف تحديد مجالات الفكر، أو بغرض توصيف المصطلحات والمفاهيم من أجل التوظيف، لم تعد قائمة، ليس بسبب التداخل بين القضايا، وإنما نتيجة للجهل بها، لذك لا غرو حين يصبح التحليل من غير أهل الاختصاص لمجمل المواضيع التي نعايش نتائجها في دولنا العربية· غير أن المسألة لا تقف عند حدود الدقة المعرفية أو التواصل والتفاعل لأن الحظر على إعطاء تفسيرات ولو بالإيحاء لهذا الموقف السياسي أو ذاك، هو الطلب الرئيسي لكل المسؤولين، حيث يطلب منّا -أقصد هنا المنشغلين بالكتابة والتأثير في الرأي العام- تبرير كل المواقف السياسية حتى لو أدت بنا إلى التهلكة، وهذا يعني منع التأويل والاجتهاد لجهة الكشف عن أبعاد وخطورة مختلف المواقف، خصوصا المواقف ذات الصلة المباشرة بحياتنا وتطورها المستقبلي· لذلك، نتجه صوب التراث أو نحو الثقافة والدين لنشعل معارك وهمية تملأ زمننا، الذي ينفذ فيه صاحب القرار قناعته وأحيانا تنازلاته، وهو يعرف أنها مرفوضة مسبقا، وهنا نقع في تناقض حاد بين التأويل المطلق لما هو ديني وثقافي وفكري وبين انغلاق كامل حول السياسي والتسليم والترويج له باعتباره نصا مقدسا، مع أن تأويل النص الديني يعتبر مبررا مشروعا لتأويل أي نص سياسي بغض النظر عن الجهة التي يصدر منها· في حال استمرارنا في الغي والتيه، سننتهي إلى ثلاث نتائج إما سيطرة ثقافة العامة من خلال ترويج الإشاعات واعتمادها كحقائق، وإما سيطرة المعارضة السياسة، التي غالبا ما تكون مرتبطة بالخارج مما يؤدي إلى الفتن والحروب الأهلية، وهناك عدة شواهد على هذا في الواقع العربي، وإما أن تتحول إلى جماعات متطرفة ترث الأنظمة القائمة وتكون أكثر بشاعة وسوءا منها، كما قد تحدث كلّ تلك النتائج مجتمعة· هذا التوقع أو التأويل للواقع العربي وسياساته المتراكمة يدفعنا إلى طرح السؤال التالي: من يحق له تأويل المواقف والقرارات؟ بما أن معظم القرارات والمواقف تؤثر على كل الشعب وأحيانا الأمة بأسرها، إذن فمن حق الجميع التأويل، لكن كل حسب موقعه، وهذا يخرجنا من الحرب الشرسة ضد المقدس، ويرجعنا إلى الدنيوي، وفيه نشترك في تحقيق مصالح دون الخوف من أنظمة مزيفة أو حقيقية· benguega@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©