فاطمة عطفة (أبوظبي)
في وقت نفتقد أدب المقالة أمام زحمة الرواية، يعيد كتاب د. حسن مدن الجديد «للأشياء أوانها: ما تيسَّر من الأهواء والحواس» إلى المقالة مكانتها المرموقة، وبريقها، ومتعة قراءتها، مشكلا مروحة واسعة من المواضيع الحافلة بالحياة والاكتشاف والأمل، وهو في الوقت ذاته يدعو بصورة غير مباشرة للقراءة وسعة الاطلاع، من خلال الإشارات السريعة التي يورد فيها عنوان فيلم، رواية، ديوان شعر أو أغنية، حتى يصل بنا إلى رقصة زوربا التي يسميها «رقصة الحرية». وهو في كثير من الأحيان يستشهد بعبارة سردية لمفكر أو فنان، أو يختار بيتاً أو مقطعاً شعرياً، يغني به وجهة نظره، وكأنه يدعونا بلطف وسلاسة إلى قراءة الرواية أو الديوان أو البحث عن الفيلم المذكور.
يضم الكتاب 51 مقالة: 30 في قسم الأهواء، و21 في قسم الحواس. ومن النادر أن نقرأ مقالة دون أن نمر باقتباس لعلم متميز من أعلام الفكر والأدب سواء في المشهد العربي أو العالمي حيث تتنوع الأمثلة بتنوع المواضيع من الفرح والحب والسعادة إلى المكان الحميم في البيت والشارع والمدينة، ومن القهوة إلى المطعم الصيني، ومن مديح الظل لدى تانيزاكي الياباني مرورا برأي نيتشه في العلاقة بين المطبخ وغياب العقل والتخلف، ومن أهمية الرائحة، خاصة رائحة جسم الحبيبة عند نابليون إلى أن الطفل يميز أمه من خلال الرائحة، ومن... إلى.. والقائمة تطول. لكن أهم ما في الأمر أن غنى الكتاب بالمعلومات القيّمة يغري القارئ كي يعيد القراءة أكثر من مرة...
عدد اليوم
