الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصفقة النووية مع أميركا... هل تطيح الحكومة الهندية؟

الصفقة النووية مع أميركا... هل تطيح الحكومة الهندية؟
26 أغسطس 2007 03:57
هناك كثير من أشكال العلاقات التي تربط بين الهند والولايات المتحدة الأميركية منذ فترات طويلة· لكن أن تبلغ العلاقة الرسمية بين نيودلهي وواشنطن حد إبرامِ صفقة نووية بهذا الحجم والسبق التاريخي، فذلك ما أثار الكثير من التوتر السياسي هنا في الهند، خاصة إثر الإعلان عن تفاصيلها مطلع أغسطس الجاري· ومما يثير الاهتمام أن هذا التوتر وصل مدى بات يشكل فيه تحدياً جدياً للحكومة الائتلافية التي يقودها رئيس الوزراء ''مانموهان سينج''· فما أن أعلِن عن تفاصيل هذه الصفقة، حتى بدأ حلفاء الحكومة الشيوعيون، وكذلك حلفاؤها في حزب ''بهاراتيا جانات'' الوطني الهندوسي المحافظ، شن أقوى هجوم عليها بسبب ما انتقدوها عليها من تورط في توطيد علاقاتها الاستراتيجية والاقتصادية مع الولايات المتحدة· هذا ويعتمد ائتلاف سينج الحكومي (التحالف التقدمي المتحد) الذي يقوده ''حزب المؤتمر'' على دعم أربعة أحزاب يسارية من أجل الحفاظ على أغلبيته في البرلمان الهندي· غير أن مستوى الخلاف الحالي بين أعضــــاء هـــذا الائتلاف، بلغ حداً سادت فيه الشائعات في العاصمة دلهي عن احتمال إجراء انتخابات مبكرة، قبل نهاية ولاية الحكومة الحالية بحلول ربيع عام ·2009 ورغم أنه ليس لزاماً على البرلمان إجازة الصفقة النووية المذكورة، فإن الخلافات الداخلية بين أعضائه أقعدته عن أداء مهامه التشريعية طوال الأيام العشرة الماضية· ويدور جوهر هذا الخلاف حول الاعتراضات القائلة بأن من شأن الصفقة، فيما لو مضت فيها الحكومة الحالية إلى نهايتها، أن تقيد حرية الهند في إجراء تجاربها النووية، إضافة إلى القيود التي ستفرض على سياسات نيودلهي الخارجية المستقلة عن الولايات المتحدة· وضمن ردود الفعل والتداعيات السياسية التي أحدثتها الصفقة المذكورة، كتب ''باركاش كارات''، الأمين العام للحزب الشيوعي الهندي في صحيفة ''بيبولز ديموكراسي'' التابعة لحزبه قائلاً: ''لقد ظلت الأحزاب اليسارية الهندية ترقب بعين عدم الرضا والاحتجاج تورط حكومة التحالف التقدمي المتحد، في علاقات عسكرية واستراتيجية بعيدة المدى مع الولايات المتحدة''، ثم أكد أن حزبه وجه تحذيراً إلى الحكومة من مغبة المضي في إبرام الصفقة· غير أن الوقت وحده سيكشف ما إذا كان سينج سيمضي في إبرام الصفقة رغم تحذيرات حلفائه اليساريين وانسحاب بعضهم من حوله، أم أن حكومته ستنهار أمام انحسار الدعم اليساري الذي تتمتع به· لاشك أن الصدع الحالي في الائتلاف الحاكم، كشف عن انقسام أكبر وأوسع، ربما يصعب رأبه حتى في المستقبل، بين ''حزب المؤتمر'' وحلفائه اليساريين· وحتى هذه اللحظة فقد تسببت الخلافات بين أطراف الائتلاف حول السياسات الاقتصادية والخارجية، في إبطاء أو عرقلة تنفيذ الكثير من البرامج، إلا أنها لم تصل إلى حد المواجهة الشاملة والمكشوفة بين الأطراف· ويذكر أن مانموهان سينج قد دافع عن الصفقة أمام البرلمان في الأسبوع الماضي، قائلاً إنها ستتيح للهند المتعطشة للطاقة والوقود، فرصة ثمينة لاستغلال التكنولوجيا النووية، وأوضح عجز الهند عن شراء أي من منتجات الطاقة النووية، سواء من الولايات المتحدة أو غيرها، طوال السنوات الثلاثين الماضية، وذلك عقب إجراء أولى تجاربها النووية· يذكر أن الهند لم تنضم بعد إلى عضوية معاهدة حظر الانتشار النووي، ولذلك فهي لا تزال بحاجة إلى موافقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكذلك مجموعة الإمدادات النووية، حتى يتسنى لها تنفيذ صفقتها النووية· لكن المشكلة أنه لا يزال مجهولاً ما إذا كان البرلمان قد استمع فعلاً إلى ما قاله رئيس الوزراء، لأن أعضاء البرلمان واصلوا مضايقتهم وتهكمهم منه خلال الخطاب الذي ألقاه أمامهم· والمعضلة الكبرى التي تواجهها حكومة سينج الآن هي أن حزب ''بهاراتيا جاناتا'' المحافظ، والذي عرف تقليدياً بميوله نحو الولايات المتحدة الأميركية، وهو كذلك أول من بدأ التفاوض على فكرة التحالف بين نيودلهي وإدارة بوش عام ،2004 مضى هو الآخر إلى وصف الصفقة النووية هذه بأنها تضحية بالسيادة الهندية· وتأكيداً على هذا الاعتراض، صرح النائب البرلماني ووزير الخارجية السابق في آخر إدارة شكلها الحزب ''جاسوانت سينج''، يوم الأربعاء الماضي، قائلاً: ''إن الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة لا تعني الخضوع الاستراتيجي لها· وهذا ما يدعونا إلى معارضة الصفقة النووية هذه''· ومضى النائب سينج إلى انتقاد رئيس الوزراء على محاولة تعجله إبرام الصفقة دون الحصول على مباركة البرلمان لها، قائلاً: ''لقد نقشت هذه الصفقة على الحجر وأصبحت ثابتة ومكتملة بحيث يصعب تغيير فاصلة أو نقطة واحدة في نصها· والحال كذلك، فما عسى البرلمان أن يفعل؟''· أما في واشنطن، فيتضارب النقد الذي يواجهه الرئيس بوش بسبب هذه الصفقة، تضارباً كبيراً مع ما يجري هنا من جدل سياسي حولها· ذلك أن الكونجرس الأميركي اتهم الرئيس بوش بالانحناء أكثر مما يجب للمطالب الهندية، خاصة ما يتصل منها باختبار أسلحتها النووية· وجاء في تلك الانتقادات، أن من شأن استثناءات كهذه أن تضعف أعراف وجهود حظر الانتشار النووي· وإلى ذلك قالت القوى المؤيدة لحكومة سينج داخل الهند نفسها، إنه لا ينبغي إثارة كل هذه المخاوف مما يزعم حول هيمنة أميركية على البلاد، عقب إبرام الصفقة النووية· وعلى حد قول ''سونيل بهاراتي ميتال''، مدير شركة ''بهاراتي أنتربرايز'' التي دخلت في شراكة مع ''وول مارت''، تسمح لشريكتها الأميركية بمزاولة نشاطها في الهند، فقد اكتملت الشراكة المرجوة مع الولايات المتحدة سلفاً· ومثلما بدأ اقتحام الشركات الأميركية للأسواق الهندية، فقد شقت شركات هندية طريقها في الاتجاه المعاكس إلى الأسواق الأميركية· وهكذا يستمر الجدل ويبقى مصير الصفقة هذه، بل مصير حكومة نيودلهي نفسها رهن ما ستكشف عنه تطورات الأحداث السياسية اللاحقة· مراسل صحيفة ''نيويورك تايمز'' ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©