الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

صانع السوق.. غائب طال انتظاره في أسواق الأسهم

صانع السوق.. غائب طال انتظاره في أسواق الأسهم
26 أغسطس 2007 22:20
تثير التذبذبات التي تحدث في أسواق المال المحلية والعربية عموما اسئلة متكررة بين الخبراء والمحللين عن تأثير عدم وجود صانع للسوق في أسواق الأسهم في الدولة· وكانت معظم التداولات في أسواق المال المحلية تركز في مضارباتها على أسهم معينة لا تتعدى ثلاثة أو اربعة اسهم في اليوم ليبلغ حجم التداولات عليها اكثر من 70% من مجمل التداولات في سوقي أبوظبي ودبي، ووصلت في بعض الأيام الى 85%، وهو ما يؤيد مقولة من يذهبون الى ان المضاربات تسيطر على أداء الاسواق· وخلال الأسابيع الماضية حدثت موجات تسييل ارتبط معظمها، كما تشير التحليلات، بخروج المحافظ الأجنبية من السوق، الا ان المحافظ المحلية والذكية كانت تلعب دوراً كبيراً في عمليات التسييل، حيث غلبت على عمليات العرض المكثفة محاولات محدودة من محافظ معينة في سوقي أبوظبي ودبي للمحافظة على التوازن في الأسعار بين العرض والطلب، الا انها لم تستطع ان تصمد أمام موجات البيع القوية وهبوط الأسعار· وازاء هذا التذبذب في الأسعار وتعرض المستثمرين الأفراد الى خسارة كبيرة، كما هو حال كثير من المحافظ، يتساءل عدد من المستثمرين والمحللين في محاولة للبحث عن مخرج من تكرار الأزمة التي بدأت تتكرر في الأسواق المحلية، ويقولون: لماذا لا يوجد صانع للسوق حتى الان في دول الخليج وفي العالم العربي عموماً، وهل من الصعوية خلق صانع للسوق في ظل وجود كثير من المستثمرين والمضاربين؟ الآراء، في مثل هذه الحالات، تتجه مباشرة إلى الدور الرسمي، مطالبة إياه بالتحرك للحد من أية ظاهرة سلبية، خاصة بعد التقارير التي تحدثت عن دور المستثمرين الأجانب والمضاربات وقلة الوعي الاستثماري لدى الافراد· لكن التدخل المباشر من الهيئات الرسمية يثر إشكاليات متعددة أهمها التدخل المباشر في قضية العرض والطلب، الأمر الذي يتعارض مع قوانين السوق الحر المتعارف عليها عالمياً· ومع ذلك فان الحاجة، كما يقول كثير من المحللين، باتت ملحة لأهمية وجود صانع للسوق وليس بالضرورة ان يكون رسمياً او حكومياً، وهو ما استشعرته هيئة الاوراق المالية والسلع، وقطعت شوطاً كبيراً على طريق وضع نظام لصانع السوق سيتم الانتهاء منه خلال الشهرين المقبلين ليوضع في تصرف الجهات ذات العلاقة في حال طلبه· وكانت الهيئة واستشعاراً منها لأهمية هذا النظام في الأسواق قد عقدت عدة ندوات وورشات عمل بهدف تنظيم السوق المالي بين الهيئة وشركات الوساطة والخبراء· لا أحد يعارض وجود صانع للسوق، لكن تتباين وجهات النظر في آلية خلق هذا الصانع والجهة التي تنظمه، ففي حين يرى البعض أهمية تدخل الحكومة أو الجهات الرسمية يرى البعض الآخر ضرورة عدم التدخل الرسمي المباشر عملاً بمبدأ العرض والطلب· يقول زياد الدباس إن وجود صانع السوق بحاجة إلى تشريعات وقوانين، فأسواق المال الإماراتية كغيرها من الأسواق الخليجية والعربية تعاني من سيطرة العواطف والشائعات عند اتخاذ القرارات الاستثمارية سواء بالبيع أو الشراء، إضافة إلى تركز التعاملات على أسهم معينة دون سواها وهو ما يؤدي الى تضاؤل الفرص الاستثمارية المتوفرة داخل الأسواق· وقال إن صانعي السوق يلعبون دوراً بالغ الأهمية في معظم الأسواق المالية العالمية وغيابهم يؤدي إلى تهميش آليات الأسواق وانخفاض كفاءتها وارتفاع مخاطرها، خاصة وأن الاستثمار المؤسسي في أسواقنا المالية لا يشكل أكثر من 10%، سواء كان استثماراً مؤسسياً محلياً أو أجنبياً، وبالتالي لا يستطيع أن يلعب دوراً هاماً ومؤثراً في حركة الأسواق، وهذا ما نلاحظه خلال هذه الفترة، حيث تتعرض الأسواق الى موجات تراجع غير مبررة تشمل جميع أسهم الشركات المدرجة في الأسواق المالية سواء الشركات القوية أو الشركات الضعيفة وبعض الشركات يتم تداول صفقة واحدة على أسهمها خلال بعض أيام التداول وبمبلغ محدود يؤدي إلى انخفاض سعرها السوقي بنسبة 5 في المئة أو 10 في المئة دون وجود مبررات لهذا الانخفاض ودون وجود طلب مؤسس يمنع هذا الانخفاض الوهمي أو غير المنطقي· سيطرة المضاربين وقال الدباس إن الاستثمار المؤسسي القوي والمحترف يلعب دور صانع السوق في بعض البورصات الناشئة، من حيث شراء أسهم الشركات المدرجة عندما تنخفض أسعارها السوقية عن قيمتها العادلة أو عندما تنخفض دون وجود معلومات جوهرية تؤدي إلى هذا الانخفاض، والعكس صحيح يقوم ببيع أسهم الشركات التي تحدث مضاربة على أسهمها وترتفع أسعارها السوقية إلى مستويات غير مبررة أو غير منطقية لا تتناسب مع مستوى أدائها وغير مرتبطة بمعلومات جوهرية ساهمت بارتفاع حجم الطلب على أسهمها، الا ان ما نلمسه الان في اسواقنا ان ما يحدث ينجم عن عمليات يسيطر عليها المضاربون وهو ما يعرض صغار المستثمرين الى الخسائر إضافة الى ضعف الوعي الاستثماري لدى المستثمرين· وقال إن صانع السوق يقوم بدور حيوي في خلق حالة التوازن بين عمليتي العرض والطلب وانحسار الفجوة بين سعري البيع والشراء ما يحقق للأسواق أهم وظائفها وهي قدرة أي مستثمر على بيع الأوراق المالية التي يمتلكها بسرعة وسهولة، بعكس ما نلاحظه في أسواقنا المالية، حيث نلاحظ سهولة وسرعة بيع أي كمية من أسهم الشركات التي يركز عليها المضاربون، بينما يصعب بيع كميات كبيرة من أسهم الشركات الأخرى· وأضاف أن وجود صانع للسوق يساهم في خلق السيولة وتعزيزيها في الأسواق، خاصة في أوقات عدم توفر أوامر شراء وبيع متطابقة أو حين يغيب الاهتمام بالشراء أو البيع، وبالتالي تكون مهمتهم الاستعداد دوماً لشراء أو بيع أية ورقة مالية وعادة ما يختص صانعو الأسواق بأوراق مالية أو بأسهم شركات محددة كل منهم بحسب ما خصص له من تلك الأوراق· وأشار الى أن ثقافة المضاربة تسيطر على حركة معظم اسواقنا العربية، بينما يضعف الاستثمار متوسط وطويل الأجل وهو الأصل في الاستثمار في الأسواق المالية وسيطرة سيولة المضاربين على حركة الأسواق لا تساهم باستقرارها بل تساهم في استمرارية تذبذبها، وبالتالي ارتفاع مستوى مخاطرها وعدم ارتباط أسعار أسهم الشركات بمستوى أدائها وتجعلها عرضه دائمة للتقلبات· نمط ثابت ممل وقال الدكتور همام الشماع، المستشار الاقتصادي بشركة الفجر للأوراق المالية: بداية لابد من تحديد المقصود بصانع السوق قبل البدء بالحديث عن صانع الأسواق والحاجة الى تشريعات، فهل المقصود المحافظ الاستثمارية الفردية الكبيرة او المؤسسية والتي تتبع في منهجها كلاً من التحليل الفني والأساسي؟ وهل المقصود بغير صانع السوق هم المستثمرون الأفراد والمضاربون ؟ ·· اذا كان المقصود هو كما ذكرنا فلا حاجة لنا ان نعقد الموضوع على القارئ بالحديث عن صانعي الأسواق، وانما نتحدث عن الاستثمارات الكبيرة التي تدار وفقاً لمؤشرات التحليلين التقني والاساسي بعيداً عن العواطف والانفعالات المتأثرة بالإشاعات، والتي غالباً ما يطلقها المضاربون بغية تحقيق منافع على حساب صغار المستثمرين، حينها نرى أن السوق سوف تسير بنمط ثابت ممل إذا ما سادت نتيجة للتشريعات المحافظ الاستثمارية دون صغار المستثمرين ودون المضاربين· وأضاف: ان السوق المحلية تحتاج الى الأطراف الثلاثة مجتمعة لكي تكون على حركة مستمرة، والا فأنها ستسير على نمط ثابت، ويتبع الجميع نتيجة للتشريعات المطلوبة قواعد التحليل الأساسي، ومن ثم سيكون الاتجاه العام شراء الأسهم ذات المضاعفات المنخفضة الى الحد الذي تتناقص فيه هذه المضاعفات لتتساوى مع الأسهم ذات المضاعفات المرتفعة لتصبح السوق كله تدريجياً على وتيرة واحدة، وطبعاً لا نستطيع ان نتصور سوقاً ساكنه· وقال الشماع إن سن تشريعات لصانعي السوق ولزيادة دورهم مضرة بعمل السوق، فمن حيث المبدأ، السوق المالية كغيرها من الأسواق هي ملتقى للعرض والطلب، وما ينظمها دائماً اليد الخفية التي تعبر عن التقاء إرادة البائعين والمشترين وتدخل السلطات المعنية دائماً يفسد هذا التلاقي العفوي والتلقائي بين رغبات البائعين والمشترين· وأضاف: لا يمكن أن نتصور سوقاً كلها ارباح اذ لابد من الخسائر، فالربح هو مكافأة المجد وحافزه للمزيد من الاجتهاد، والخسارة هي عقوبة غير المجد وحافزه نحو التطور الأفضل· وإذا ما أسسنا لتشريعات تحد من المضاربة على سبيل المثال، فأننا نستطيع أن نجد من يزيد العرض ليحفز الطلب ومن يقلل الطلب ليحفز العرض· وهكذا السوق المالية، أراها خصوصاً في الدول الناشئة كلما ابتعدت عن تدخل يد السلطة كلما استطاعت أن تكون تقاليد ترسخ بمرور الزمن لتجعل منها سوقاً ناضجة· نظام الإدارة الرشيدة والتدخل غير المباشر يمكن للتشريعات المشجعة على تأسيس الشركات المساهمة العامة أن تزيد من عمق السوق كما يمكن لهذه التشريعات الهادفة لرفع مستوى وحوكمة الشركات أن تحسن من أدائها لصالح المساهمين، خصوصاً عندما يسود نمط الأطراف الداخلية في إدارة الشركات، وهذه المشكلة من أهم المشاكل التي يجب ان تلتفت إليها السلطات لتأسيس نظام إدارة رشيد يضمن مصالح المساهمين في هذه الشركة خصوصاً في الأسواق الناشئة، حيث لا يمتلك المساهم الصغير سوى حق الصوت مقابل حق الخروج من الشركة وقت ما شاء وبالتالي فان هناك مجالاً واسعاً للبحث عن نظام حوكمة فعال يتناسب مع احتياجات الأسواق الناشئة· ومن جهته، قال كفاح محارمه، مدير عام شركة الدار للأسهم والسندات: عند الحديث عن صانع السوق لابد من تعريف المقصود به، وللتقريب لنقل أنه الجهة، اياً كان نوعها حكومية او محفظة أو أفراد، التي تحفظ توازن السوق· فإذا حدث ارتفاع غير عقلاني للسوق يتم عرض أو طرح الأسهم للتوازن والعكس في حالة انخفاض السوق· وأضاف: يمكن القول في ضوء ذلك إن صانع السوق موجود في الإمارات، لكنه موجود بجهود فردية، كالمحافظ من جهة والأفراد من جهة اخرى· ولكن هذه المحافظ، اياً كان نوعها، يحكمها في نهاية الأمر ويقاس اداؤها بما تحققه من أرباح لأن هدفها تعظيم الارباح وهنا يحدث التناقض بين هدف صانع السوق ووجوده، فهم موجودن لكن لا ينطبق عليهم التعريف بشكل كامل· وتساءل محارمه: هل نحن بحاجة الى صانع سوق حكومي بهدف المحافظة على توازن الأسواق؟ لا شك أن التدخل الحكومي في الأسواق دائماً لا يكون في صالح السوق، أما التدخل غير المباشر فيكون مطلوباً ويصب في مصلحة السوق ومن خلال تحسين القوانين والتشريعات ومراقبة اداء المحافظ كالبنوك والشركات المساهمة، فمن الممكن تطوير القوانين بإخضاع المحافظ للمراقبة· وأضاف: في حالة وجود محفظة حكومية لحفظ توازن الأسواق فانها ستلام في حال كبحت جماح الارتفاع في السوق وسيحملها المستثمرون مسؤولية أي فشل، إضافة الى ان وجود هذا التدخل المباشر يتنافى مع أساسيات اقتصاد السوق ومبدأ العرض والطلب· ودعا محارمه الى أهمية تدخل الحكومة بشكل غير مباشر من خلال سن وتطوير القوانين والتشريعات التي تصب في الشفافية والإفصاح ومراقبة الأداء العام والتجاوزات· وسيط وليس مضارباً وقال فادي الجوهري، مدير التداول في شركة الرمز للأوراق المالية، إن أسواق الإمارات تعتبر اسواقاً ناشئة، ومن سمات هذه الأسواق أن أسعار الأسهم فيها غير منطقية، ولا تعكس القيمة الحقيقية لها، فإما ان تكون أعلى أو أقل، ومن هنا تبرز أهمية إنشاء صانع سوق بحيث يكون دوره الأساسي هو ضبط اداء السوق الذي يعمل فيه إضافة الى تأسيس سوق رأسمالية محترفة بحيث يكون فيها لصانع السوق تأثير بشكل غير مباشر يهيئ العوامل اللازمة والمناخ الجيد للاستثمار· وأضاف: عملياً يمكن القول إن صانع السوق ليس مستثمراً أو مضارباً في السوق، بل هو الوسيط الذي يضع طلبات شراء وبيع في نفس الوقت ويحقق أرباحه من الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع، ولذلك لا يتطلب رأس مال كبيراً، علاوة على أن فكرة صانع السوق موجودة ومعمول بها في الأسواق المالية المتقدمة والمتطورة في العالم واثبتت نجاحاً كبيراً في هذه الأسواق، في ظل وجود فرص كبيرة لتحقيق أرباح إيجابية، حيث إن صانع السوق سيستفيد من الاتجاهات غير المنطقية للأسهم وخاصة الممتازة منها في الوقت الذي تكون فيه متراجعة نتيجة ضغط أو خلال فترات الهدوء التي تتخلل أداء السوق او تتأثر بأي عامل مؤقت مما يؤثر على نفسيات المستثمرين، وبالتالي يتم الشراء عند مستويات منخفضة، مما يشكل دعماً للسهم وفي الوقت نفسه التشجيع على الشراء وارتفاع في السعر وبالتالي تحقيق أرباح لصانع السوق· وتابع: خلق صانع للسوق يحتاج الى بيئة تتوفر فيها الأنظمة والقوانين التي تضبط وجوده ككيان له تأثير، بحيث يحمي السوق من التقلبات الشديدة التي يمكن أن يتعرض لها· وحتى يكون لدينا صانع سوق ناجح لابد من توافر فريق عمل مؤهل علمياً وذي خبرة في التعاطي مع الأسواق من حيث فهم نفسيات المستثمرين والقدرة على فهم مجريات الأسواق· 350 متخصصاً يتجاوز عدد المتخصصين الذين يعملون كصانعي سوق في بورصة نيويورك 350 شخصاً· والشخص المتخصص عادة ما يقتصر عمله على عدد محدود من الأوراق المالية وفي الأوقات التي تنشط فيها الأسواق فإنه يتعامل أو يتخصص بأسهم شركة واحدة، وبسبب التخصص يصبح صانع السوق ملماً بأسهم الشركات التي يتعامل بها، من حيث سجل إنجازاتها وكفاءة إدارتها وتوقعات نمو ربحيتها وسلامة مركزها المالي والسعر العادل لأسهمها وبالتالي يتدخل صانع السوق في الوقت المناسب للشراء والبيع ويعلن يومياً عن أسعار البيع والشراء لأسهم الشركات المتخصص بها وفي بعض الأسواق يحدد الكميات التي يكون مستعداً لشرائها وبيعها وبالأسعار المعلنة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©