الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

قلق أميركي من نفوذ الاستثمارات الأجنبية

قلق أميركي من نفوذ الاستثمارات الأجنبية
26 أغسطس 2007 22:29
تجاهلت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، لسنوات عدة، القلق بشأن تريليونات الدولارات التي تدين بها الولايات المتحدة لدول عدة مثل الصين، واليابان، والدول المُصَدّرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط، معتبرة أن تلك الديون لا تشكل نفوذا أجنبيا من قبل حكومات تلك الدول، وفي مقالة عن الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة، أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أنه في زمن عدم الاستقرار المالي العالمي، بدأت الإدارة الأميركية تقلق وتخشى من أن الحكومات الأجنبية قد بدأت بتحويل الدولار الى صناديق استثمارية بصورة متزايدة، لامتلاك الشركات، والعقارات، والمصارف، وغيرها من الأصول في الولايات المتحدة، وفي مناطق أخرى، والخوف في أن تتسبب صناديق الاستثمار تلك في زعزعة الأسواق، أو إثارة ردود فعل سياسية· وأوضحت صحيفة نيويورك تايمز أنه ردا على ذلك، تقوم إدارة الرئيس بوش بالضغط على صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي لدراسة سلوك تلك الصناديق والأموال، التي تصل الى 2,5 تريليون دولار مخصصة للاستثمارات، ووضع مُدَوّنات سلوك ممكنة لتلك المبالغ الطائلة، ومن بين القواعد والشروط المقترحة، إلزام بالكشف عن أساليب الاستثمار، وبتجنّب التدخل في الشؤون السياسية للدولة المُضيفة، وبصورة رسمية، يؤكد المقال على أن الولايات المتحدة ترحب بجميع الاستثمارات الأجنبية، باستثناء تلك التي من شأنها تعريض الأمن الوطني الأميركي الى الخطر· وأخبر وزير الخزانة الأميركي هنري بولسون صحيفة نيويورك تايمز أنه ''يجب أن تنجذب الأموال الاستثمارية نحو الأصول القائمة على الدولار، وذلك بسبب قوة اقتصادنا''، وعلق على الأمر في مقابلة أجريت له، بقوله: ''ما يهمني أكثر هو جذب المزيد من تلك الأموال، لكنني أتفهم مسألة أن هناك خوفاً طبيعياً من أن تلك الأموال قد تشتري الولايات المتحدة''· ويمكن وصف هذا النوع من الخوف بأنه خوف فلسفي، فقد ظلت الولايات المتحدة لسنوات طويلة تعظ وتدعو الدول الأخرى الى تبني نظام الخصخصة، وبيع صناعاتها المملوكة للحكومة، والآن، مع صناديق الثروة المُيهمنة التي ظهرت في الآونة الأخيرة، يتساءل العديد من الخبراء فيما إذا كان الاستثمار القائم عبر الحدود يتطور ويتحول الى قومية عبر الحدود، ما يزيد من احتمالية التدخل الحكومي في الأسواق الحرة للدول الأخرى· ومن المخاوف الأميركية الأخرى، حجم وإمكانيات نمو تلك الأموال الاستثمارية الأجنبية، والتي تقدر بمبلغ لا يقل عن 2,5 تريليون دولار في الأصول، وهو مبلغ يفوق المجموع الذي تم استثماره من قبل صناديق التحوّط العالمية، علاوة على ذلك، يتوقع مورجان ستانلي في دراسة أجريت على نطاق واسع، أن صناديق وأموال الاستثمار تلك قد تشهد نموا في غضون عشرة أعوام فقط لتبلغ حوالي 17,5 تريليون دولار، وبالرغم من أن صناديق الثروة المُسيطرة تلك لا يبدو أن لها دورا في الاضطرابات والتقلبات الأخيرة التي شهدتها الأسواق العالمية مؤخرا، إلا أنها قد تؤثر فيها مستقبلا حسب اعتقاد الخبراء، من خلال بيع الأصول فجأة، مما يعجل بوقوع أزمة، أو إنقاذ الشركات الواقعة في مأزق· وحسب ما ورد في مقالة نيويورك تايمز، علق إدوين ترومان، أحد كبار الباحثين في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، على الأمر بقوله: ''حين تكون حكومات أجنبية قابضة ومتحكمة في الأسهم والأصول لدينا، وليس فقط سندات الخزانة المالية، فعلينا أن نتساءل فيما إذا كان علينا اعتبار تلك الحكومات قوة استقرار، أم قوة مُزعزعة للاستقرار''، وأوضح ترومان كذلك أن من السهل تصور ذلك في أزمة عالمية مستقبلية، وهو بذلك ربما يوجه كلامه الى البنوك والمصارف المركزية، ومديري صناديق الثروة السيادية· ويُذكر أن تلك الصناديق والأموال هي نتاج عقود قضتها الولايات المتحدة في الاستيراد أكثر من التصدير، كما أن ارتفاع أسعار مصادر الطاقة وَهَبَ تريليونات الدولارات الى منتجي النفط والغاز الطبيعي، بدءا من النرويج وروسيا ووصولا الى دول الشرق الأوسط، في الوقت الذي ساهم فيه العطش الأميركي الى الواردات والسلع والخدمات الأخرى ببناء احتياطي كبير لكل من الصين واليابان، وغيرهما من الدول الآسيوية المُصَدّرة· الجدير ذكره أن الغضب السياسي على هذه الأموال الاستثمارية كان محدودا ومتباينا بين الدول المختلفة، ولا يزال حتى الآن، فلم تتسبب مثلا جهود كل من الصين وسنغافورة في العام الجاري لشراء حصص في بنك باركليز في بريطانيا، في إثارة الغضب البريطاني العام، لكن الوضع يختلف قليلا في ألمانيا، حيث تتزايد المخاوف من الجهود الروسية الرامية الى شراء خطوط الأنابيب النفطية، وسيطرتها على البنى الأساسية لقطاع الطاقة، ويكمن مصدر القلق كذلك في احتمال تسبب الأموال الاستثمارية الأجنبية في رفع أسعار الأسهم الأميركية، والأصول العقارية، ليس هذا فحسب، بل من شأنها أن تكتسب سيطرة من الناحية السياسية، أو حتى سيطرة في رقعة خاصة من عالم الأعمال· ويُعَدّ الخبير الاقتصادي إدوين ترومان، من كبار الباحثين في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، أحد الخبراء المختصين من بين العديد ممن يحثون الولايات المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي على إبقاء السياسة بعيدا عن القرارات الاستثمارية، ويطالبهم كذلك بمشاركة وتبادل المعلومات عن استراتيجياتهم الاستثمارية· ومن ناحيته، أكد روبرت كيميت، نائب وزير الخزانة الأميركي، حسب ما ورد في صحيفة نيويورك تايمز، على أن صناديق الاستثمار الأجنبية تمارس نشاطاتها الاقتصادية المالية البحتة، وليست لديها دوافع سياسية أخرى، أو رغبة في التدخل في السياسة الأميركية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©