الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"سي آي إيه".. انهيار تنظيمي وليس خطأ فردياً!

"سي آي إيه".. انهيار تنظيمي وليس خطأ فردياً!
27 أغسطس 2007 04:25
أخيراً أزال مدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه)، مايكل هايدن، طابع السرية عن 19 صفحة من تقرير الوكالة الداخلي الضخم حول هجمات الحادي عشر من سبتمبر، الثلاثاء الماضي· وهكذا بتنا نعرف اليوم لماذا خاضت ''سي آي إيه'' معارك مع الكونجرس للحفاظ على سرية التقرير خلال العامين الماضيين؛ فهو يشير بالإصبع إلى أشخاص بعينهم، ويبرز على وجه التحديد من قصَّر في الأمر وكيف· ويتصدر قائمة هؤلاء الأشخاص، مدير ''سي آي إي'' السابق جورج تينيت، ورئيس الجهاز السري السابق جيمس بافيت، ومدير مركز محاربة الإرهاب السابق جي· كوفر بلاك· والحال أن ثمة مشكلة واحدة؛ فهؤلاء الأشخاص ليسوا مسؤولين عن الحادي عشر من سبتمبر· الواقع أنه من المريح والسهل إلقاء اللوم على بعض كبار المسؤولين؛ لكن الحقيقة المرة هي أن الحادي عشر من سبتمبر كان نتيجةً لسبب أكثر إثارة للخوف والقلق، ويتمثل في عجز نظامنا الاستخباراتي برمته عن التكيف مع تزايد الإرهاب بعد نهاية الحرب الباردة· ولذلك فإن الانهيار التنظيمي، وليس الخطأ الفردي، هو السبيل لفهم أسباب الفشل ومعرفة موطن الخلل بعد مضي ست سنوات· والحقيقة أن الإرهاب لم يكن واحداً من التهديدات المستبعَدة التي لم يتمكن أحدٌ من رؤيتها قبل الحادي عشر من سبتمبر· ذلك أن جميع تقارير ''سي آي إيه'' السنوية التي كانت تقيِّم فيها التهديدات وترفعها إلى الكونجرس خلال الفترة بين 1994 و،2001 كانت تشير إلى ''القاعدة'' باعتبارها أخطر التهديدات بالنسبة للأمن القومي الأميركي· كما كان يشار إلى الإرهاب في كل خطاب حول ''حالة الاتحاد'' خلال تلك الفترة أيضاً· وفي العقد الذي قبل الحادي عشر من سبتمبر، اتخذ نحو اثني عشر تقريراً مختلفاً من القدرات الاستخبارية وقدرات أجهزة محاربة الإرهاب الأميركية، موضوعاً له، وقد شددت جميع هذه التقارير على ضرورة الإصلاح وبسرعة، حيث أصدرت ما مجموعه 340 توصية؛ غير أن أياً منها تقريباً لم ينفذ قبل الحادي عشر من سبتمبر! يوم الثلاثاء الماضي، عبَّر هايدن عن استيائه الكبير من الإفراج عن ملخص لتقرير الحادي عشر من سبتمبر الداخلي، معتبراً أن من شأن نشره أن ''يتسبب في تضييع الوقت والانتباه والعودة إلى موضوع سبق الخوض فيه''· لكن الواقع أن ثلاثة من مكامن الخلل والقصور الرئيسية الأربعة التي ذُكرت في هذا التقرير السري لم يتم تجاوزها بعد· ثم إنه لا يجدر بمدير ''سي آي إيه'' أن يشتكي ويتذمر من هوسنا بالماضي قبل أن تُظهر الوكالة التي يديرها أنها قد تعلمت منه واستخلصت العبر· وقد حملت خاتمة تقرير ''سي آي إيه'' عنواناً جاء فيه أنه ''لم تكن للحكومة الأميركية ولا لأجهزة الاستخبارات أي استراتيجية شاملة لمحاربة القاعدة'' قبل الحادي عشر من سبتمبر· بل يمكن القول إن استراتيجية حكومة الولايات المتحدة اليوم تتسبب -على ما يبدو- في خلق مزيد من ''القواعد''· وهكذا، بتنا نعلم -من تقرير استخباراتي آخر أزيل عنه طابع السرية- أن ''القاعدة'' اليوم أقوى من أي وقت مضى في باكستان، وأن منظمة جديدة تابعة لـ''القاعدة'' تنشط في العراق، وأن الإرهابيين المتأثرين بـ''القاعدة'' في تزايد مستمر عبر العالم· كما انتقد تقرير ''سي آي إيه'' رؤساء الوكالة بشدة لأنهم لم يولوا اهتماماً كبيراً للتحليل الاستراتيجي الشامل قبل الحادي عشر من سبتمبر· حيث وجد التقرير أن محللي الوكالة لم يقدموا أي تقييم شامل حول ''القاعدة''، ولم يأخذوا بعين الاعتبار الارتفاع في التقارير الواردة حول التهديد الإرهابي خلال ربيع وصيف 2001؛ كما لم يولوا اهتماماً كبيراً لهجوم إرهابي في الولايات المتحدة· والواقع أنه لم يتغير الكثير منذ ذلك الوقت؛ ففي عام ،2005 وجدت لجنة رئاسية خاصة يشارك فيها الحزبان الرئيسيان، أن التحليل الاستراتيجي لأعظم دولة في العالم ضعيف وغير مستفيض· وفي عام ،2006 أخبر هايدن لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ، خلال جلسة تثبيته في المنصب، أنه قلق بخصوص تأثير ضغط العمل على محللي ''سي آي إي'' وكثرة الأمور المطالبين بها؛ حيث قال هايدن محذراً إنه ما لم تقم الوكالة بتحسين ومراجعة أسلوب عملها، فإن ''مفاجآت الولايات المتحدة لن تتوقف''· ومما يذكر في هذا الإطار أيضاً أن أكثر تقرير حول التهديد الإرهابي شمولية، لم يكن يحمل ختم ''سي آي إيه'' هذا العام· أما السبب، فلأنه كان صادراً عن شرطة نيويورك· ثم هناك مشكلة التنسيق· فعلى غرار جميع التقارير التي أعدت في عقد التسعينات، وجد تقرير ''سي آي إيه'' حول الحادي عشر من سبتمبر أن ''سي آي إيه'' ووكالات استخبارات أخرى، أخفقت في العمل كفريق موحد· والواقع أن هذا الفريق هو اليوم أكبر من أي وقت مضى، إذ يضم 16 وكالة استخبارات فدرالية، وعدداً متزايداً من المنظمات الاستخباراتية على صعيد الولايات، إضافة إلى أزيد من 40 ''مركزاً للدمج'' بهدف تنسيق المعلومات حول الإرهابيين· والحق أن التنسيق جيد في بعض المجالات، وسيِّئٌ أو منعدم في مجالات أخرى· فاللافت أن مراكز الدمج بصفة خاصة تخبط خبط عشواء، إذ تعمل بدون مخطط أو أهداف، وذلك وفق تقرير قسم البحوث التابع للكونجرس· بل إنها مفككة ومنفصلة عن بعضها بعضاً إلى درجة أنها تفتقر حتى إلى استمارات ومصطلحات موحدة لتبليغ المسؤولين في واشنطن بالمعلومات الحيوية حول التهديد· وعليه، فقبل أن نجد المواساة والعزاء في حقيقة أن ''سي آي إيه'' نشرت أخيراً بعض غسيلها الوسخ وألقت اللوم على بعض الأشخاص، يجب ألا تغيب عنا الحقيقة التالية؛ وهي أنه بعد مضي ست سنوات على أسوأ هجوم إرهابي في تاريخ الولايات المتحدة، فإن تينيت وزمرته رحلوا جميعاً، لكن جلَّ مواطن ضعف ''سي آي إي'' ما زالت قائمة· أستاذة السياسة العامة بجامعة كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©