الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"حمْلة المليون توقيع".. معركة "نسوية" هادئة في إيران

"حمْلة المليون توقيع".. معركة "نسوية" هادئة في إيران
27 أغسطس 2007 04:27
لم أقف على الصعوبات والعراقيل التي تواجه ''حملة مليون توقيع'' إلا بعد الزيارة التي قمت بها مؤخراً إلى أحد صالونات التجميل النسائية في طهران؛ إذ دنت إحدى المتطوعات من إحدى الزبونات وحاولت إقناعها بالتوقيع على عريضة يأمل المنظمون أن يرفعوها إلى البرلمان رفقة طلب يلتمسون فيه اعتماد إصلاحات قانونية بخصوص المساواة بين الجنسين· فكان رد المرأة أنها تدعم المطالب بخصوص المساواة، ولكنها امتنعت عن توقيع ما اعتبرته نشاطاً سياسياً مفتوحاً ضد النظام· والواقع أن الحملة المناهضة للتميز ضد المرأة تواجه مقاومة قوية على عدة جبهات· منحت الناشطات أنفسهن مهلة سنتين لجمع مليون توقيع، ولكنهن لم يفلحن إلى اليوم، الذي يصادف مرور عام على بدء الحملة، سوى في جمع نحو 100000 توقيع· وخلافاً لحركات الدفاع عن حقوق الإنسان الأخرى التي تتصارع مع الأنظمة القمعية، فإن ناشطات إيران يشددن على أنهن إذا كن ممتنات لكل من يدعمهن ويشجعهن في الغرب، فإنهن يفضلن أن نبقى بعيداً وألا نتدخل· والحقيقة أن جهود هؤلاء النساء تشكل فرصة مناسبة للاطلاع والوقوف على كيف يناضل جانب من جوانب الحركة الديمقراطية الإيرانية من أجل الصمود في فترة يطبعها القمع والتوجس المتزايد من جانب الحكومة· ظهرت حملة مليون توقيع بعد اعتقال 70 امرأة كن قد نظمن مظاهرة احتجاجاً على التمييز ضد المرأة العام الماضي في إحدى ساحات العاصمة طهران· أدين تسع من هؤلاء النسوة بتهمة ''المس بالأمن القومي'' ويواجهن اليوم عقوبات بالسجن لفترات طويلة، أو الجلد، أو كليهما في بعض الحالات· وقد دفعت هذه الأحكام القاسية الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة الإيرانية إلى اعتماد استراتيجية جديدة تقوم على النضال الهادئ، ورفض أي مساعدة غربية· بإصرار وتصميم قويَّيْن، بحثت الناشطات كل السبل الممكنة التي يمكنهن من خلالها حشد الدعم والتأييد لقضيتهن من دون إثارة حفيظة ونقمة نظام أحمدي نجاد· وهكذا، عملن على جميع التوقيعات ليس في صالونات التجميل النسائية فحسب، وإنما أيضاً في الحدائق، وزوايا الشوارع، ومحطات الحافلات· وفي طهران، قمن بجمع وتدريب 400 متطوعة على الأقل من خلال الحفلات الخاصة في منازل المنظمين· بيد أنه على الرغم من كل الجهود الرامية إلى عـدم لفت انتباه الحكومة إلى الحملة -ورفض أي صلة بالغرب- فإن النظام كان واعياً بها ورد على الناشطات· ففي مارس المنصرم، تم اعتقال 34 عضوة أمام ''المحكمة الثورية'' في طهران، حيث كن قد تجمعن تضامناً مع زميلاتهن التسع المدانات· وخلال العام الماضي، تم اعتقال 13 أخريات شاركن في الحملة· وإضافة إلى ذلك، تم حجب موقع الحملة على شبكة الإنترنت التي تلعب دوراً مهماً في بلد يفتقر إلى وسائل الإعلام المستقلة· كما تم حرمان العضوات بشكل متكرر من ترخيص السلطات لهن بالتجمهر في الأماكن العامة· ويهدف النظام إلى شل هذه الحركة النسائية عبر بث الخوف في أعضائها؛ غير أن ذلك لم ينل من عزم وتصميم العديد من النساء· وفي هذا الإطار، قالت لي ''بارفين آردلان''، وهي صحفية وواحدة من النساء اللائي أُدِنَّ في مارس المنصرم: ''إن النظام يريد أن يرعبنا ويخيفنا؛ ولكننا لن ندعهم ينتصرون· فعندما يضغطون، سنقاوم''· وقد تقدمت ''آردلان'' بطلب لاستئناف عقوبة السنوات الثلاث سجناً التي صدرت في حقها· ولعل أصعب مشكلة يواجهها المنظمون هي علاقتهم بالغرب· ففي الأشهر الأخيرة، وُجهت لعدد من الأميركيات من أصل إيراني يتوفرن على جوازات سفر غربية -مثل هالة إسفاندياري وكيان تاجبخش- تهمة التآمر على الحكومة الإيرانية· كما يتحدث عدد من الزعماء السياسيين بشكل متزايد عن ''مؤامرة ثورة ناعمة'' يقولون: إنها ترمي إلى الإطاحة بالحكومة ويدعمها ''أذناب الغرب''· والحقيقة أن المؤشرات لا تبشر بالخير؛ فقد قال وزير الاستخبارات إن الحركة تضم ''عناصر التخريب الناعم''- في محاولة واضحة لتشبيهها بالأجانب· ونتيجة لذلك، تحرص ناشطات الحملة حرصاً شديداً على التأكيد على أصولهن الإيرانية واحترامهن للإسلام في بياناتهن وأحاديثهن مع الناس حتى لا يمنحن النظام فرصة لتشويه صورتهن· وفي هذا السياق، تقول ''باراستو ألاهياري''، وهي مهندسة كمبيوتر وعضوة في الحملة: ''ما يحز في النفس هو اتهامات الناس الذين يزعمون أنهم يؤيدون الديمقراطية والإصلاح بأننا أدوات في يد الغرب''، مضيفة ''ولذلك، فنحن نريد أن نثبت للجميع أننا قادرات على فعل هذا الأمر بمفردنا''· ويعد الاستقلال المالي بالغ الأهمية أيضاً؛ إذ تقوم الحملة بجمع المال عبر رسوم العضوية الموثقة والهبات، كما توضح بشكل جلي على موقعها على شبكة الإنترنت أنها لا تقبل المال أو غيره من أشكال الدعم من المنظمات والحكومات الأجنبية· ويُطلب من المتطوعين التقيد الصارم بهذه القاعدة· وقالت لي الفائزة بجائزة نوبل للسلام والمدافعة عن حقوق الإنسان شيرين عبادي بمكتبها في طهران: ''إن نظامنا يعاني من الارتياب والتوجس''، مضيفة ''فعندما يتحدث الناس حول حقوق الإنسان، فإنهم يُتهمون فوراً بأنهم مع الولايات المتحدة· ولكننا إيرانيون وإيرانيات، ونريد أن نعمل من أجل حقوقنا··· ثم إننا على يقين بأننا نفعل شيئاً صحيحاً لأننا نتعرض للقمع''· أما بخصوص المساعدة من الغرب، فإن عبادي لم تكن أقل صرامة وحزماً من ''ألاهياري'' إذ قالت: ''أبداً أبداً''· زميلة مركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية التابع لجامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©