الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تسويف الأحلام

7 فبراير 2011 19:34
وهن العظم منه واشتعل رأسه شيبا، لم يلحظ تسرب أيام عمره بهذه السرعة الكبيرة، تغيرت ملامحه، وبدأت صحته في التراجع، ناداه صوت بداخله معاتبا: لماذا أجلت أحلامك إلى أجل غير مسمى؟ لم يكن قادرا على صنع الحياة في البلاد التي اختار العيش فيها، ولم يستطع الإمساك بخيوط أمانيه وتحقيقها كلها، حين سألناه عن السبب وعن الخواء الذي يسكنه، قال: تمنيت أن يكون لي بيت جميل مزدانة جدرانه بلوحات وأضواء خافتة، حلمت بحديقة واسعة تحيطه من كل جنباته، يركض بها أولادي، تلفح الشمس جباههم، أردت صوتي عاليا يتردد صداه في البراري بين الزهور وخلال تعاقب الفصول، وحلمت كثيرا.. لكني أجلت أغلب ما طلبت إلى أجل غير مسمى عندما يحين الرجوع. ترك الأيام تتسرب من بين أنامله، ومع مرورها لم يشعر أنه يفرض على نفسه قيودا لا يستطيع التخلص منا مستقبلا، ونمط حياة يستعصي عليه تغييره فيما بعد، عبثت به أيادي الزمان، وتغيرت مجريات حياته ورحل إلى حيث كان يحلم أن يحقق كل ما ضاع في غفلة من عمره، لكن طاله الوهن والعجز، وتغيرت أمانيه التي رسمها سالفا، كما اختلف تفكيره في أمور الحياة عن السابق. يظل الخواء ساكن كل من يؤجل أحلامه ولا يسعى نحو تحقيقها، أو يستحيل عليه تحقيقها، ويرجعها لأجل مسمى، وتظل هذه الأماني حبيسة الصدر، قد تخنق صاحبها مرات بأمراض نفسية. «حقق أحلامك لأنه قد لا يكون هناك وقت لتحقيقها مستقبلا» هذا ما قالته غادة الشيخ الأخصائية النفسية، وتضيف أن تسويف الأحلام وتأجيلها يخلق عاهات في النفس، إلى ذلك تؤكد أن على كل امرء أن يخلق في المكان المتواجد به نوعا من الاستقرار والأمان، لأن العمر يعيشه الإنسان مرة واحدة، وقد لا يكون هناك غدا أبدا، وحتى لو كان هناك وقت لتحقيق الأحلام، فطريقتها وشكلها يختلفان، فخير الأمور في الاعتدال، نعيش الأيام ولا نُسوف في طلباتها، فلابد من أساسيات تخلق التوازن، حتى لا نعيش في فراغ داخلي، فكل ما افتقر المرء للعلاقات الاجتماعية كلما عانى في حياته، وانعكس ذلك على مردوده مستقبلاً، بحيث يتعود على الوحدة ويصبح كائناً معزولاً، وأحلام العمر تختلف من مرحلة لأخرى، هكذا تتغير مقاساتها وما يلائمك اليوم، حتماً لن يكون كذلك مستقبلاً. ندخرها لزمن أفضل، نعيش على انتظارها، لكن تتسرب منا، وتقل مهاراتنا في الحياة تباعا، وما نستطيع فعله اليوم ونؤجله، قد يظهر مستقبلاً من المستحيل القيام به، فلا الزمان ينتظر ولا الشباب يظل بنضارته وقوته، لهذا «بيضة اليوم خير من دجاجة الغد» لكبيرة التونسي | lakbira.tounsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©