الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المكسيك... جديد الحرب على المخدرات

6 فبراير 2013 12:22
نيك ميروف مكسيكو اختارت كل من عصابات تهريب المخدرات في المكسيك والقوات الحكومية، التي تخوض حرباً ضروساً ضدها، مسلكاً تكتيكياً أقل بهرجة في التعامل مع بعضهم البعض لتدخل الحرب مرحلة من السرية والكمون. فقد كان القتل الجماعي والفظاعات الأخرى التي ترتكبها عصابات المخدرات إحدى الملامح المميزة للصراع الجاري في المكسيك منذ سنوات، ليأتي الرد الحكومي على نفس القدر من الشراسة والقسوة من خلال إرسال رجال ملثمين من قوات الأمن مسلحين بالرشاشات إلى الشوارع للقيام بالدوريات، بالإضافة إلى استعراض المقبوض عليهم أمام الكاميرات، وكأن رجال الأمن بصدد الحصول على جوائز. لكن وخلال الأشهر القليلة الماضية اختفت هذه المظاهر الاستعراضية من الجانبين لتدخل حرب المخدرات فترة من الهدوء، دون أن يعني ذلك توقفها، أو تراجع عدد القتلى الذي ما زال مرتفعاً كما كان في السابق. فجرائم القتـل فـي المكسيـك المرتبطـة بالمخدرات ما زالت مرتفعة، حيث سقط، حسب آخر الأرقام التي توردها وسائل الإعلام، 12 ألف قتيل في العام الماضي، وهو قريب من عدد القتلى المسجل في عامي 2010 و2011. ومع ذلك تشير استطلاعات الرأي إلى تغير في التصورات العامة بشأن العنف الذي يعتقد الناس أنه تراجع، لا سيما وأنه مرت ستة أشهر تقريباً على آخر عملية كبيرة تشنها العصابات مثل ارتكاب جريمة قتل جماعي من الطراز الفاقع الذي يرعب الناس على شاكلة قتل 72 من المهاجرين المختطفين بالقرب من الحدود الأميركية في أغسطس عام 2010، أو عندما عُثر على 49 جثة مقطوعة الرأس على الطريق العام خلال شهر مايو الماضي، هذا بالإضافة إلى تراجع الهجمات التي كانت تتم باستخدام القنابل والسيارات المفخخة ومعارك إطلاق النار في الشوارع. وفي إحدى علامات هذا التغير في الحرب إعلان الجيش المكسيكي عن تراجع عدد الهجمات التي يتعرض لها الجنود، منخفضة بنسبة 50 في المئة مقارنة بالسنة الماضية، وهو مؤشر إلى أن أفراد العصابات تتجنب استهداف دوريات الجيش. وعن هذا الموضوع، يقول «مارتن براون كروز»، المحلل بالمعهد المكسيكي الوطني لعلم الجريمة، «إنهم ما زالوا يحاربون بعضهم البعض، لكن آخر ما تريده العصابات اليوم هو مواجهة الجيش، فقد تعلم أفراد العصابات أن حوادث العنف الكبيرة ذات الصدى والوقع المؤثر تأتي بنتائج عكسية من خلال تكثيف الضغط عليهم». ويبدو أن هذا التغيير في أساليب الحرب، حسب «كروز» ومحللين آخرين، ذو طبيعة تكتيكية بسبب السعي المتزايد من قبل العصابات لتجنب الحرب المفتوحة والعنف الأهوج والقسوة غير المبررة التي ميزت حرب المخدرات في المكسيك خلال عامي 2010 و2011، بحيث يبدو أن إراقة الدماء لم يعد مردودها جيداً بالنسبة للعصابات. كما أن الرأي العام المكسيكي المرتاع من العنف دعم خطوات الحكومة بنشر القوات المسلحة وإرسال أعداد أكبر من الشرطة الفيدرالية للمناطق المضطربة، الأمر الذي مارس ضغطاً واضحاً على العصابات ليضع كلفة إضافية على عمليات تهريب المخدرات نحو الولايات المتحدة, ولا يعني ذلك أن العنف توقف تماماً، إذ ما زالت العصابات ترتكب الجرائم الكبيرة مثل أعمال العنف التي اندلعت مؤخراً في المناطق العشوائية المحيطة بمدينة مكسيكو العاصمة، واقتحام مسلحين في شمال المكسيك لحفلة موسيقية واختطاف 18 من أعضاء الفرقة ليعثر علـى جثث 17 منهم ملقاة في إحدى الآبار فيما تمكن أحدهم من الفرار. لكن وبشكل عام، ورغم استمرار أفراد العصابات في قتل بعضهم البعض، فإنهم يقومون بذلك في هدوء، وفي بعض المناطق البعيدة عن الأعين، وهي الاستراتيجية التي يبدو أن الحكومة المكسيكية قد اعتمدتها أيضاً بطريقتها الخاصة، فبنفس الدرجة التي خفضت فيها العصابات من ظهورها العلني اختارت حكومة الرئيس المكسيكي الجديد، «إنريكي بينيا نيتو»، عدم الاستعراض في حربها على عصابات المخدرات. ففي الوقت الذي جعل سلفه، «فيليبي كالديرون»، من الحرب على المخدرات قطب الرحى في رئاسته ولم يخلُ تصريح عام من الإشارة إليها، أبدى الرئيس الحالي منذ توليه السلطة في شهر ديسمبر الماضي رغبة في تغير الخطاب من خلال الحديث أكثر على التجارة وتقليص الفقر، ودعم التعليم وإصلاح الطاقة. وفي هذا السياق وجه «بينيا نيتو» تعليماته إلى الشرطة المكسيكية بوقف ممارسات سحب الموقوفين أمام الكاميرات بأيديهم المكبلة كما كان عليه الحال خلال الإدارة السابقة التي تحولت فيها هذه الممارسات إلى مظاهر يومية في التلفزيون الرسمي، فقد دأب رجال الشرطة على استعراض المشتبه فيهم الذين تبدو عليهم علامات الضرب وسوء المعاملة، ولئن كانت مثل هذه الممارسات دارجة في الإدارة السابقة لإظهار مدى جديتها في التصدي للعصابات وبأنها تكسب الحرب، فإن قرار الرئيس الحالي بإنهائها يعني دخول مرحلة جديدة في خوض الحرب على المخدرات. بيد أن محاولات الحكومة المكسيكية تغيير أسلوبها في التعامل مع العصابات يواجه بعض الصعوبات، حسب المحللين، وذلك بالنظر إلى استمرار التصور العام بأن الحزب المؤسسي الثوري الذي ينتمي إليه «بينيا نيتو» طغى عليه الفساد والتعامل اللين مع العصابات خلال أغلب سنوات القرن العشرين التي حكم فيها الحزب المكسيك. وحتى لا يتكرر الأمر طمأن الرئيس المكسيكي المسؤولين الأميركيين بأنه سيواصل حربه على المخدرات وسيباشر الإصلاحات المرتبطة بالمعونة الأمنية التي تصل قيمتها إلى ملياري دولار. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©