الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسخرة إيجابية

28 أغسطس 2007 04:42
أصبح لدينا ما يزيد على 350 فضائية! ألم يكن من المفترض أن يشكل هذا الرقم الخيالي فسحة أخرى للمشاهد العربي، ليتحفه بخيارات وبدائل أخرى عن البرامج المحلية؟ هذا هو المفترض، لكن فضائياتنا العربية على كثرتها، لم تكن البديل المسعف ولم تشكل النموذج المختلف والمغاير، حيث إنها واقعة جميعاً تحت مظلة السذاجة والتكرار المقيت والتشابه المرير· حتى سنوات قليلة مضت، اتهم بعض الكتاب والمثقفين محطات التلفزيون العربي بالسطحية من منطلق تجاهلها للبرامج الثقافية والجادة وتركيزها على البرامج الترفيهية الضاحكة التي تدغدغ حواس المشاهد وتعمي عينيه عن القضايا المصيرية في حياته، لكن العجيب اليوم أن هذه التهمة أصبحت غير مناسبة تجاه ما يجري على الشوارع الفضائية التي دفنت السطحية والترفيه في سلة مهملاتها الواسعة ونبشت أمام أعيننا كل ما هو خادش وجارح وصادم وخارج على الأعراف الشرقية والغربية منها، حتى أصبح المشاهد لا يشعر إلا بالقرف والانزعاج فتراه يقلب في الليل رغم وجود جيش من الفضائيات أزرار قنوات لا تعد على أصابع اليد الواحدة، علها تنقذنا من المهازل والانحطاط الذي لم يسبق له مثيل· جميع الفضائيات لا شغل لها هذه الأيام سوى جلب الفنانين إلى الأستوديو والرد على المكالمات الفجة التي لا نستبعد ترتيب الكثير منها مسبقاً، ليتم ''استحلاب'' الفنان إذا جاز التعبير في مدة تتراوح بين ساعتين وثلاث، ومؤخراً كنت أتابع إحدى الفضائيات على سبيل الفرجة على المستوى الهزيل الذي وصلت له، وكانت تستضيف أحد الفنانين ، وبعد ساعة نفذ كل ما لدى ذلك الفنان من أحاديث عن أعماله السابقة والجديدة التي تم عرض مقاطع منها خلال اللقاء، اتصل أحد المشاهدين وسأله: '' ما هي أعمالك الجديدة''؟! فرد الفنان: ''لو كنت حضرتك تتابع البرنامج، لكنت شاهدت الفيديو كليب الجديد؟ أليس غريبا أن لا تتابع الناس البرنامج وتتصل به لتتكبد قيمة مكالمة دولية؟· أما الدرس الجديد الذي تعلمته وأنا في نهاية العقد الرابع فكان درسا في معنى المسخرة الإيجابية، عندما استضافت فضائية فنانا كوميديان فاتصلت إحدى المشاهدات لتقول للأول: ''إنته دمك عسل''! ثم تتجه بحديثها الى الآخر وتقول له ''على الهوا'': ''إنته مسخرة خالس''!!؟ فرد الفنان المأخوذ ببرود قائلا: ''ده مصطلح إيجابي؟ ولا ····''؟ فاستدركت المذيعة الموقف قائلة: ''الايجابي طبعا''، أما أنا فقلت في نفسي، هكذا قنوات تحتاج هكذا مشاهدين!· العنوان البريدي: alhalwaji@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©