مرادية تثير اختلاف النقاد في تقييمها فنياً ورمزياً

''مات الرئيس، كل شيء مات، أليس هناك بلوى أكثر مما نحن فيه؟ ''، بتلك الكلمات ارتفعت وتيرة الحمى السياسية التي تجتاح عروض مهرجان دبي لمسرح الشباب ليومه السادس، حيث فاجأ المخرج عيسى كايد جمهوره مساء أول من أمس عند فتح الستارة، بإطلاق صوت أم كلثوم وهي تشدو رائعة ألأطلال: هل رأى الحب سكارى، مثلنا، كم بنينا من خيال حولنا، في اختصار لمضمون العرض المسرحي ''مراديه''، وإسقاطه على الماضي القريب''نكسة ،''67 وما فيها من انشغال القائمين بحماية الأوطان الى الطرب والاعتماد على أن العدو لن يأتي، وكان الإسقاط للحاضر في العراق وفلسطين، وما يستجد من أوطان وضعت في قائمة المحتل، فيما يمثل نكأ لجرح الأمة الغائر، وكشفاً لحقيقة الضعف والهوان الجاري· قراءة النص ويحكي العرض المسرحي ''مراديه ، تأليف سالم الحتاوي، وتمثيل أحمد عبد الكريم في دور الجندي ''مراديه''، وسعيد مبارك في دور ''الضابط'' ، ومن انتاج مراكز الناشئة بالشارقة، قصة جندي وضابط في ثكنة عسكرية باحدى الجزر التي تعيش حالة الطوارئ، بسبب قدوم بوارج الحرب الغاشمة، حيث يقف'' مراديه'' في برج المراقبة ويفاجئه بالمرور ضابط نشأ على يد الانجليز، في اسقاطات متنوعة وممتدة ، ليدور بينهما حوار يبدأ بالحديث عن الضبط والربط العسكري وتبدأ الشخصية الأولى الجندي بالحديث عن خاله الضابط الشهيد، ويسترجع الماضي حينما كان الجميع يجلس الى المذياع ليسمع إذاعة صوت العرب، وخطاب الزعيم جمال عبد الناصر ليصل الأداء الى نقطة التصاعد الأولى، حيث الحديث عن الخوف والأمومة، ويحكي كل منهما عن أمه وتربيته في مقارنة صنعت المفارقة والمسؤولية، ويستكملان الحوار الاسترجاعي عن الذكريات حيث والد الجندي ''مراديه'' كان يعمل ناطورا واحترق جسده بسبب شهامته في اطفاء حريق، ووالد الضابط كان مطربا، ويعشق الحديث بلغة المحتلين، حتى الضابط نفسه كان يحلم بأن يكون ممثلا مشهورا·! وياتي الضابط بالعود ويعزف مستمتعا وطالبا من الجندي الجلوس معه، إلا أن الجندي يصعد برج المراقبة فيكتشف قدوم العدو، فينزل الى الضابط الذي استقر في المرحاض، ناصحا الجندي بأنها تهيؤات، الى أن يأتي العدو ويدخل الجزيرة فيسقط الضابط صريعا وينهار دون مقدمات، والجندي يصعد الى برج المراقبة مستنهضا سكان جزيرته للدفاع عنها، لكن السقوط قد حدث· اتفاق النقاد واتفقت ملاحظات الجمهور والنقاد على أن الشباب لم ينجح في الأداء الداخلي ولم يستطع العزف على الوجدان، على الرغم من ان العمل سياسي، وأن الممثلين قدما قراءة للحوار، كما أن تصاعد الحدث لم يتم· وطالب النقاد المخرج عيسى كايد بضرورة قراءة جغرافية المسرح لوضع الممثل بحركة صحيحة طبقا لنقاط الضعف والقوة، كما أن ملابس الضابط والعسكري لم تكن تامة الالتزام، وان النص خطابي، والتأكيد على ضرورة الابتعاد عن النصوص القديمة، كما شملت الملاحظات افتقاد الموسيقى العسكرية، وعدم وجود أصوات طيور النورس والبحر، اضافة لكثرة الفعل الماضي الذي يقدم السرد، وقلة الفعل المضارع للفاعلية والتواصل بين الجمهور والممثل· الندوة السادسة و قال الناقد المسرحي كريم التميمي الذي أدار الندوة التطبيقية السادسة، والتي أقيمت عقب العرض بحضور مؤلف العمل سالم الحتاوي والمخرج عيسى كايد: إن أصعب الأعمال التي تعتمد في تقديمها على شخص أو اثنين، مما يجعل نجاح العمل يعتمد على جاذبية الممثل · من جانبه أوضح المخرج عيسى كايد أن النص تم تقديمه بأداء رائع، مشيرا الى ان الملاحظات التي أبداها النقاد يقع فيها المحترفون، بينما الورشة الفنية أخرجت شبابا يقفون للمرة الأولى على خشبة المسرح، بينما أوضح الناقد حكيم عنكر أن المخرج استخدم الإضاءة العرضية بغاية كشف المشاعر الداخلية، لكنه اصطدم بسوء وضع حركة الممثل· بدوره قال سالم الحتاوي كاتب العمل: إن الأوطان تغتصب وتستباح وأن الهجوم على العالم صار حقا مشروعا تحت مسمى الإرهاب، لافتا الى أن العرب يبحثون عن شماعة الأخطاء وهم يدعون أن ما يجري نتاج العولمة، بينما هو نتاج التخلي عن أسباب قوتهم· وأشار الى أن الخلل ليس في القوة الغاشمة، ولكنه فينا نحن، حيث فشلنا في إثبات أننا موجودون، فنحن العرب نمتلك ماضيا بلا حاضر· كاريكاتيرية قال عمرغباش رئيس اللجنة المنظمة للمهرجان: إن المخرج عيسى كايد حذف عمداً جزءاً مهماً من النص حيث إن الضابط في العروض السابقة كان ثملاً مما يبرر انهياره وتخاذله، خلافا لما جرى في هذا العرض فقد بترت التوطئة الخاصة بانهيار الضابط عندما جاء العدو، منوها الى أن الأداء يحتاج مزيدا من العمق وسرعة الإيقاع، وأن تكون شخصيات العمل انسانية أكثر من كونها كاريكاتيرية· بورتيا في دبي·· اليوم يلتقي رواد مهرجان دبي لمسرح الشباب مساء اليوم الثلاثاء وعلى مسرح جمعية دبي للفنون بالعرض المسرحي ''بورتيا '' المأخوذ عن رائعة وليام شكسبير ''تاجر البندقية ''، ومن إعداد وإخراج منال بن عمرو، وتمثيل لمياء عبد الحميد ''بورتيا''، وطارق المنصوري ''بسانيو''، وحسين احمد جواد ''شايلوك''، وأحمد يوسف ''القاضي''، وعلي سراج ''الحارس''، ويضم الطاقم الفني موزة محكوم للأزياء والملابس، وزاهر هاني للصوت ، وسالم العسيري ''إضاءة''، وطارق خميس ''مدير إنتاج ، ومحمد الزرعوني ''تنفيذ الديكور".