الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطة «مرجة»... ورهان الإعمار في أفغانستان

خطة «مرجة»... ورهان الإعمار في أفغانستان
8 مارس 2010 21:09
لقد وضع مسؤولون غربيون وأفغان خطة مشتركة طموحة لإعادة إعمار منطقة مرجة، بما فيها بناء عدد من المدارس الجديدة، وإصلاح قوة الشرطة المحلية، ووضع حد لتجارة المخدرات فيها. وينظر الآن إلى إعادة إعمار مرجة وغيرها من المناطق الأفغانية، باعتبارها عنصراً مهماً للغاية في استراتيجية حلف "الناتو" الجديدة الخاصة بالحرب الأفغانية. وقبل وقت طويل من المعارك التي خاضها الحلف مؤخراً في مرجة، وهي المنطقة التي لم تصلها قواته إلا قريباً جداً، على رغم الحرب التي ظل يخوضها ضد مقاتلي "طالبان"، طوال السنوات التسع الماضية، انهمك عدد من خبراء شؤون الحكم الغربيين في التخطيط لمستقبل هذه المنطقة. ومما يذكر هنا أن متمردي حركة "طالبان" وعصابات الجريمة المنظمة، شاركوا معاً في حكم هذه المنطقة خلال العامين الأخيرين، قبل أن تستردها قوات "الناتو" للتو من قبضتهم. وعلى حد تصريح الجنرال ستانلي ماكريستال، فإن هذه الخطة تعد جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية "السيطرة وإعادة البناء" الجديدة التي تبناها "الناتو" لحربه الجارية في أفغانستان. وفيما لو حققت هذه الخطة نجاحاً، فربما تصبح مرشداً عملياً لكيفية الفوز بالحرب. يذكر أن عدداً محدوداً من المسؤولين الأميركيين والبريطانيين في ولاية هلمند، واصل العمل لبضعة شهور بهدف التخطيط لكيفية تحويل هذه المنطقة إلى شاطئ آمن للسلام والاستقرار والرخاء. ففي هذه الولاية بالذات، سجل تمرد "طالبان" أقصى درجات شراسته، مكبداً بذلك حلف "الناتو" خسائر بشرية باهظة، بوصول عدد القتلى بين صفوفه إلى 408، بينما يزيد عدد القتلى من المدنيين المحليين بأضعاف ذلك الرقم. ويرى المشاركون في الخطة الجديدة أن محاولات إصلاح نظام الحكم في أفغانستان قد فشلت من قبل، غير أن هذه المحاولة مختلفة جداً. ويعود السبب الرئيسي لتجارب الفشل السابقة إلى إهمال الحكومة المركزية في كابول لجهود الإصلاح وإعادة إعمار الولايات والبلديات النائية، خاصة في ولاية هلمند، طوال السنين الماضية. ولكن ما يجعل هذه المحاولة مختلفة عن سابقتها، بروز الإرادة السياسية الواضحة من قمة الهرم القيادي في كابول لدعمها. ففي يوم الثلاثاء الماضي وصل وفد حكومي رفيع المستوى من كابول لمناقشة خطط المشاريع الزراعية البديلة للخشخاش في ولاية هلمند وقراها وضواحيها. ومنذ شهر سبتمبر الماضي، بدا جلياً هذا الاهتمام من جانب كابول بإعادة إعمار هلمند. ففي ذلك الشهر زار وزير الزراعة، محمد آصف رحيمي، ضاحية "نوا" التي نظفتها قوات المارينز الأميركية مؤخراً من متمردي "طالبان"، ووعد بأن يعقب تلك الخطوة الأمنية المهمة بالتنمية وإعادة الإعمار. وقال بيتر هاوكنز، وهو مسؤول بريطاني كان ضمن الوفد المرافق لوزير الزراعة، إنهم صدموا كثيراً لدى وصولهم إلى ضاحية "نوا"، لأنها تكاد تكون خاوية من أي معلم للحياة. وعلى رغم وجود حاكم محلي جيد فيها، إلا أن الإمكانات والموارد تنقصانه، إذ لم يكن له سوى مكتب بنته قوات "الناتو". وعلى إثر عودة ذلك الوفد إلى كابول، توجّه برسالة واضحة إلى مسؤولي الحكومة المركزية بشأن أهمية إعادة الإعمار هناك: إن علينا أن نفعل شيئاً إزاء ذلك الفراغ الذي شهدناه في "نوا" وما جاورها. وتعد منطقة مرجة عموماً مثالاً آخر لذلك الفراغ الذي يوفر المناخ الملائم لعودة زعماء الجريمة المنظمة ومتمردي حركة "طالبان"، الذين طردوا منها للتو. ومن المعروف عن هؤلاء أنهم يفرضون هيمنتهم القصوى على السكان، ويرغمونهم على الانصياع التام لإرادتهم. ذلك ما أكده مارلين هاردينجر، المسؤول بوزارة الخارجية الأميركية، في تصريح صحفي له في هلمند. كما أكد مارلين أن المهمة الأصعب والأكثر إلحاحاً من مهام الحرب الجارية في أفغانستان، هي بناء نظام الحكم الرشيد على المستويين المركزي والإقليمي. ولا تزال هناك مؤشرات على وجود التمرد في أنحاء مختلفة من المنطقة، وإن كانت تقتصر على نطاق ضيق مثل عبوات المتفجرات الناسفة التي توضع أحياناً على جنبات الطرق، وتحدث انفجاراتها بمعدل خمس مرات في اليوم. وفي المجمل فإن التحسن كبير في الوضع الأمني الآن قياساً إلى الوضع أثناء سيطرة عناصر "طالبان" وزعماء الجريمة المنظمة على منطقة مرجة في الماضي. غير أنه لن يكون في وسع المسؤولين الذين توفرت لهم موارد بقيمة 500 مليون دولار لتمويل خطة ومشاريع إعادة الإعمار، معرفة التقدم الذي أحرزوه في هذا المجال، بما في ذلك رضا السكان المحليين عن الخطة، إلا بعد مرور ثلاثة أشهر على بدء تنفيذها. ووفقاً لهاردينجر، فإن من أكبر التحديات وأكثرها حساسية، تحسين وإصلاح الشرطة المحلية، والقضاء على تجارة المخدرات في ولاية هلمند، وخاصة أن ترويج الأفيون يمثل أساساً النشاط الاقتصادي الأخطر في الولاية. وتكمن الحساسية هنا، في أن أقوى الشخصيات الرئيسية في ترويج الأفيون، هي النافذة في جهاز الحكم وقوات الشرطة المحليين. ومن هؤلاء، على سبيل المثال، محمد أخنزاده، الوالي السابق، وقائد شرطته المحلية، عبدالرحمن جان. يذكر أن هذا الأخير أبدى استعداداً للمشاركة في بناء الاقتصاد المحلي الجديد الخالي من الأفيون. كما أظهر جان عزماً على المشاركة في إعادة إعمار مرجة، باستغلال نفوذه عليها، إثر توليه لرئاسة أحد مجالسها المحلية مؤخراً. وعلى العموم فإن خطة إعمار مرجة، شملت مشاركة الأهالي في اتخاذ القرارات المتعلقة بها. وضمن ذلك، عقد عمدة مرجة الجديد، حاجي ضاهر، سلسلة من الاجتماعات مع زعماء العشائر والقادة المحليين. وما زال في الانتظار الكثير من العمل على هذا الطريق. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: أفغانستان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©