الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البصرة بعد الانسحاب البريطاني... ساحة لحرب الميليشيات الشيعية

البصرة بعد الانسحاب البريطاني... ساحة لحرب الميليشيات الشيعية
29 أغسطس 2007 01:06
أعلن مصدر أمني عراقي كبير أن آخر مفرزة من القوات البريطانية التي كانت متمركزة في وسط مدينة البصرة الواقعة في جنوب العراق، ستغادر قبل حلول يوم الجمعة، مضيفاً أن هناك صفقة قد أبرمت مع قادة ''جيش المهدي'' التابع لمقتدى الصدر، من أجل تأمين رحيل هذه القوة· وبانسحابهم إلى قاعدة تقع خارج البصرة، فإن البريطانيين سيتركون تلك المدينة الإقليمية المهمة لتعاني ويلات حرب داخلية، تدور رحاها راهناً بين الفصائل الشيعية المتناحرة، ويبدو أن ''ميليشيا الصدر'' هي التي تنتصر فيها· وأدلى مصدر عراقي مسؤول رفض الإفصاح عن اسمه بسبب حساسية الوضع بتصريح قال فيه: ''بنهاية شهر أغسطس لن يكون هناك وجود للقوات البريطانية في القصر أو في مركز التنسيق المشترك اللذين سينتقلان إلى أيدي الحكومة العراقية··· وأعتقد أن أفضل شيء يفعله البريطانيون هو أن يرحلوا، لأنهم لم يفعلوا شيئاً من أجل إيقاف المليشيات التي ولدت في الأساس من رحم الاحتلال''· وقد أكد متحدث عسكري بريطاني في البصرة انسحاب المفرزة البريطانية المذكورة من مركز التنسيق الإقليمي المشترك، وهو الموقع الذي كانت تشغله قوة الواجب الأمني البريطانية العراقية يوم السبت الماضي، ولكنه امتنع عن تحديد موعد انسحاب 500 جندي بريطاني يتمركزون الآن في مجمع يضم أربعة قصور رئاسية من عهد صدام حسين تطل على شط العرب· وكان البريطانيون قد توصلوا إلى اتفاقية مع السلطات العراقية تم بموجبها نقل 24 سجيناً من مقاتلي ''جيش المهدي'' من سجن بريطاني إلى آخر عراقي، وذلك قبل أن يتم الإفراج عن نصفهم بواسطة محكمة عراقية لعدم كفاية الأدلة المقدمة ضدهم من الجانب البريطاني، ويتم الإفراج عن النصف الثاني بعد ذلك بكفالة كما يقول محام مقرب من الصدر، يُدعى ''يحيى الطائي''، حضر اجتماعاً بين السلطات العراقية وممثلين من قادة مليشيا المهدي يوم الجمعة الماضي، وذلك في محاولة لتهدئة المليشيات خلال عملية التسليم الرمزية للغاية للقصور إلى العراقيين· وتفيد الأنباء أن البريطانيين لم يعلقوا على أي ترتيبات اتخذها العراقيون· القوة المنسحبة ستنضم إلى 5000 جندي بريطاني يتمركزون في الوقت الراهن في قاعدة ''الشيبة'' الجوية التي تقع على بعد 10 أميال إلى الشمال الغربي من المدينة التي تضم أيضاً مقر القنصليتين الأميركية والبريطانية· وبخلاف القوات الأميركية الموجودة في مدن ومواقع أخرى في العراق، فإن بريطانيا عملت على تقليص قواتها بشكل تدريجي منذ مايو 2003 عندما بلغ عددهم 18 ألف جندي· وقال المسؤول العراقي إن القصور التي تسلمتها السلطات العراقية سيتم تسليمها للقوة العراقية المرسلة من بغداد، وليس لما يعرف بالسلطة الإقليمية المثيرة للجدل المنخرطة في صراع القوى بين الأحزاب السياسية الشيعية المتنافسة· وسوف تتكون القوة المرسلة من بغداد، والتي يبلغ قوامها 3000 جندي من كتيبتي جيش وعناصر من وحدة المغاوير التابعة لوزارة الداخلية· ويُشار في هذا السياق إلى أن ''جيش المهدي''، الذي يبلغ قوامه وفق أحد التقديرات 17 ألف مقاتل في البصرة موزعين على 40 سرية، وقواته تعتبر الأقوى مقارنة بقوات الشرطة المخترقة من قبل المليشيات، كما أنه يتمتع بنفوذ على قطاعات مهمة مثل الصحة والتعليم وتوزيع الطاقة، والموانئ· وعلى الرغم من أن البصرة، وهي مدينة وميناء ذات أهمية اقتصادية في محافظة تضم بعضاً من أكبر مستودعات النفط في العالم، تعتبر إلى حد كبير أكثر هدوءاً وأقل عنفاً من بغداد، فإنها تشهد معركة محدودة النطاق وشرسة في الوقت نفسه بين ''جيش المهدي'' والعديد من المليشيات المنافسة نشرت الخوف والرعب بين معظم سكان المدينة الذين يبلغ تعدادهم 1,8 مليون نسمة· ويقول أحد المسؤولين المحليين إن المدينة قد شهدت 5000 حادث اغتيال خلال العامين الماضيين فقط، وإن القصور التي سيخليها البريطانيون كانت هدفاً لهجمات بالصواريخ وقذائف الهاون من جانب المليشيات قبل أن تتقلص خلال الأيام العشرة الماضية بسبب المفاوضات التي كانت تجري بين السلطات العراقية وبين ممثلي المليشيات· تعليقاً على ذلك قال مصدر أمني عراقي: ''إن القبض على رجال ميليشيا المهدي لم يوقف الصواريخ، كما أن الصواريخ لم تؤد إلى هزيمة البريطانيين، ولذلك كان من الواجب علينا أن نبحث عن حل بديل يؤدي إلى تهدئة الموقف بعض الشيء''· وقد رفضت قيادة القوات البريطانية في البصرة الموافقة على طلب الصحفيين لإجراء مقابلات معها، كما رفض الميجور''رائد'' مايك شيرر المتحدث باسمها التعليق على ما إذا كانت قيادته كانت على علم، أو مشاركة في صفقة الإفراج عن السجناء التابعين للمليشيات في مقابل تعليق الهجمات على مواقعها أم لا· وقال مسؤول عراقي إن الإفراج عن مقاتلي ''جيش المهدي'' وعدم وجود عذر للمليشيات كي تشن هجوماً على مجمع القصور سيمنحان الفريق ''موهان حفيظ'' رئيس مركز العمليات بالبصرة، والذي تم تعيينه في هذا المنصب بواسطة رئيس الوزراء نوري المالكي فرصة كافية لتحقيق الاستقرار في المحافظة· ولكن مركز التنسيق الإقليمي المشترك الذي غادره البريطانيون السبت الماضي، كان مسرحاً لموجة من النهب يوم الأحد بحسب مسؤولين أمنيين· إلى ذلك قال أحد قادة ''جيش المهدي في المدينة: ''إننا سنقلص هجماتنا ضد البريطانيين، وسوف تتوقف عنها تماماً إذا ما أفرجوا عن سجنائنا''· ولكن زميلاً له، كان حاضراً للاجتماع، ويبدو أنه أعلى منه رتبة، رد عليه بالقول: ''إن المقاومة ضد البريطانيين ستستمر إلى أن يغادر آخر جندي منهم البصرة''· ومما يلاحظ أن مجمل الهجمات التي يتم شنها ضد القوات البريطانية قد تزايد على الرغم من التخفيض التدريجي لهذه القوات هذا العام، حيث يشار إلى أن 41 جندياً قد لقوا مصرعهم هذا العام مقارنة بـ29 عام ·2006 وعقب الانسحاب البريطاني، ساد شعور بالابتهاج ونشوة النصر على البريطانيين، ففي ميدان ''العروسة'' الواقع في مركز المدينة تم إعادة تسمية أحد الشوارع على اسم أحد مقاتلي ''جيش المهدي''، الذي لقي مصرعه في الاشتباك مع البريطانيين· وقال لي رجل ملتح وهو قائد لإحدى سرايا جيش المهدي: ''إنه واحد من رجالي وأحد أبطال جيش الإمام المهدي الشجعان ولقد أكرمنا الله بهذا النصر الذي حققناه على قوات الاحتلال''· مراسل كريستيان ساينس مونيتور في البصرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©