الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الهند .. لاعب عالمي جديد في صناعة السيارات

الهند .. لاعب عالمي جديد في صناعة السيارات
29 أغسطس 2007 21:44
في شريعة البحار قاعدة ثابتة لا تتغير مهما مرّ الزمن وتغيّرت الظروف مفادها أن ''السمكة الصغيرة لا تكبر إلا إذا التهمت السمكات الأصغر منها''·· ويبدو أن هذا المبدأ هو الذي يسود عالم الاقتصاد والصناعة اليوم بسبب طبيعة الأسواق التي تزداد فيها الحرب التنافسية ضراوة يوماً بعد يوم·· وتحكم على هذه الحرب الكثير من العوامل الحسّاسة الجديدة التي أزاحت مراكز الثقل الصناعية العالمية بشكل حاسم باتجاه الدول التي تنعم بامتلاكها للكفاءات والخبرات الهندسية الرفيعة ذات الأجور المنخفضة· وكان للكثير من الشركات المتوسطة والكبيرة ذات الطموحات المحدودة في دول العالم النامي أن تعي هذه الحقيقة بقوة، وأن تنطلق من معطيات هذا الواقع الجديد، مدفوعة بإمكاناتها الكبيرة على تقديم منتجات أفضل بتكاليف وأسعار أقل· وربما كانت مجموعة ''تاتا'' الهندية واحدة من أشهر هذه الشركات على الإطلاق· وقبل أن تقفز إلى أذهان صنّاع القرار في ''تاتا'' فكرة اقتحام عالم صناعة السيارات بما ينطوي عليه من عوائد ربحية وتشغيلية هائلة لو أحسن استغلاله، كانت قد استحوذت في عام 2000 على شركة ''تيتلي تي'' البريطانية المتخصصة بتعليب وتجارة الشاي لتلتهم بعد ذلك مجموعة ''كوروس بي إل سي'' لصناعة الفولاذ فضلاً عن الاستحواذ على باقة من المجموعات والشركات العالمية ذات التخصصات الإنتاجية والخدمية المتنوعة بما فيها شركات الاتصالات وإنتاج السوفتوير والحديد والفولاذ والبلاستيك وغيرها· والآن، تتجه ''تاتا'' للاستحواذ على شركتين بريطانيتين شهيرتين عالمياً في صناعة السيارات هما ''جاكوار'' و''لاند روفر''، ويقول تقرير بقلم المحللين إريك بيلمان وستيفن باور نشرته صحيفة ''ذي وول ستريت جورنال'' إن شركة ''تاتا موتورز''، وهي فرع مجموعة ''تاتا'' المتخصص بصناعة السيارات، وبعد أشهر من الدراسات والمتابعات، يبدو أنها عقدت العزم على الاستحواذ على جاكوار ولاند روفر، وهي الآن بصدد تقديم عرض دسم لشركة فورد التي تمتلكهما لشرائهما معاً في صفقة واحدة· وكان راتان تاتا الرئيس والمدير العام لمجموعة ''تاتا'' أعرب الجمعة الماضي في حوار مع شبكة ''سي إن إن'' الأميركية عن اهتمامه الكبير بإتمام هذه الصفقة في أقرب وقت، وإذا قُدّر لمجموعة ''تاتا'' أن تقدم العرض الأفضل من الذي ستقدمه منافساتها من الشركات الأخرى التي يرجّح أن تكون أميركية، فإن ذلك سيوفر لها الفرص الثمينة لامتلاك الأسرار التكنولوجية المهمة، ويؤمن لها الشبكات التصنيعية القاعدية اللازمة لإثبات وجودها في الأسواق العالمية كلاعب أساسي في صناعة السيارات، فضلاً عن أن ذلك سوف يدعّم من قدراتها الذاتية للسيطرة على السوق الهندية المحلية التي تنطوي على عوائد ربحية ضخمة· ويضاف إلى كل ذلك أن استحواذ ''تاتا'' على هاتين الشركتين والذي يقدّر أن يكلفها مليار دولار (وفقاً لتقرير ذي وول ستريت جورنال)، سوف يفتح أمامها آفاقاً واسعة نحو تنويع المنتجات التي تنافس فيها فيما وراء البحار، وينقل التقرير عن جيجار شاه خبير شؤون الاستحواذ في مومباي قوله في معرض التعقيب على هذه الأخبار ''تدخل هذه الصفقة في إطار الخطة الطموح التي تعتمدها شركة تاتا للاستحواذ على المزيد من التكنولوجيات الصناعية المتطورة تمهيداً لاختراق الأسواق العالمية كافة من دون استثناء، وفي كل واحد من مجالات العمل والإنتاج التي تنشط فيها تاتا، نجدها وهي تسعى بعزم للتحلل من القوى الخفيّة التي تشدّها إلى الأسواق الهندية لأنها تدرك أن الاعتماد على السوق المحلية وحدها ينطوي على الكثير من المجازفات السياسية والاقتصادية''· ويقدم المحللان دليلاً على صحة هذا الطرح؛ ومن ذلك مثلاً أن من غير المحتمل أن تتمكن ''تاتا'' من بيع الكثير من السيارات الفاخرة من طرازي جاكوار ولاند روفر داخل السوق الهندية، إلا أن جيجار شاه يعتقد أنه سيكون في وسعها استخدام التكنولوجيات، والأسرار التي سيوفرها الاستحواذ على الشركتين البريطانيتين، وتوظيفها في تطوير إنتاجها من السيارات والشاحنات الهندية، وبالطبع، لن يغيب عن بال النافذين في شركة ''تاتا'' إن الاستحواذ على هاتين الشركتين سوف يفتح أمامها منافذ جديدة لتوزيع السيارات الهندية التي تحمل اسمها في الأسواق العالمية· وكانت شركة ''تاتا للفولاذ'' تمكنت في شهر فبراير الماضي من ربح معركة الاستحواذ على ''مجموعة كوروس'' البريطانية لصناعة الفولاذ مقابل 13 مليار دولار، ولعل الغريب في الأمر أن مجموعة ''تاتا'' لا تستثني أي نشاط اقتصادي أو تجاري من أجندة اهتماماتها على الإطلاق، ومن ذك مثلاً أنها اشترت العام الماضي شركة سلسلة ''مقاهي الساعة الثامنة'' في الولايات المتحدة بمبلغ 220 مليون دولار، كما تمكنت من الاستحواذ على شركة دايو الكورية لصناعة السيارات في عام 2004 مقابل 102 مليون دولار، وتعود أول عملية استحواذ ضخمة لشركة تاتا لعام 2000 والتي اشترت بموجبها مجموعة ''تيتلي تي'' البريطانية لتجارة وتعليب الشاي· وبالطبع، ليست ''تاتا'' الشركة الوحيدة التي أبدت اهتمامها بصفقة الاستحواذ على جاكوار ولاند روفر، بل إن العديد من الشركات الأميركية أبدت اهتمامها بها وخاصة شركة ''سيربيروس كابيتال مانجمنت'' التي استحوذت مؤخراً على شركة ''كرايسلر''، وأيضاً شركة ''جيه بي مورجان تشيز أند كومباني'' التي يقودها الرئيس السابق لشركة فورد ذو الأصل اللبناني جاك ناصر، وشركة ''ريبلوود القابضة''· وتكمن أسباب رغبة فورد ببيع جاكوار ولاند روفر في ارتفاع تكاليف التشغيل والتصنيع في مصانع الشركتين في المملكة المتحدة بالإضافة للتكاليف الباهظة الجديدة التي يتطلبها التزامهما بالتشريعات والقوانين الأوروبية التي ينتظر العمل بها في عام 2008 فيما يتعلق بمعدلات انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون من السيارات الجديدة، ويتطلب الالتزام بهذه القوانين إجراء عمليات تعديل بالغة التعقيد على كافة التكنولوجيات الداخلة في صناعتها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©