الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

في اليوم الرابع لمهرجان أيام الشارقة المسرحية

في اليوم الرابع لمهرجان أيام الشارقة المسرحية
22 مارس 2008 03:17
يكتشف المتابع لأعمال محمد العامري أن المختبر المسرحي الذي يشتغل فيه منذ مدة، وتجوس فيه الشرارات الذهنية والتخيلية للعامري، هو مختبر ما زال ينتج الكثير من الوعود المفرحة والبشارات المتفتحة على الألق والموهبة والتفرد· ومن ذلك أن أعماله بجملة اقتراحات مسرحية مبتكرة وفريدة في سياق ما هو مطروح في المشهد المسرحي المحلي، حتى باتت هذه المقترحات سمة وحالة ومناخاً ترتبط جميعها بما يقدمه العامري في إطار ورشة ممتدة من التجارب اللافتة، والأعمال التي تستجلب من قوة الفكرة وشفافية النص، كل طاقات الخيال السينوغرافي، والتعبير المشهدي، والطقس الإخراجي· وعمل (وهبص) الذي شهده جمهور كبير مساء أمس الأول في (قاعة معهد الشارقة المسرحي)، لم يخرج عن إطار هذه الورشة التجريبية الممتدة للعامري، والتي توقع البعض أن يخفت ألقها، وأن تشهد تراجعاً في الدورة الحالية للمهرجان، ولكن العامري أثبت أنه ما زال يحتفظ بالكثير من المفاجآت المدهشة والتنويعات الثرية على مستوى الطرح والمضمون، وعلى مستوى الافتتان والهوس اللذين لا يعرفان حدوداً نهائية للتجريب، ولا يستسلمان لغاية أو مطلب أو كوابح معطلة للرؤية والرؤيا معاً · يبدأ عرض (وهبص) لعبته المدوخة مع المتفرج من خلال شاشة من القماش الأبيض المنسدل على كامل أفق الخشبة، وبمصاحبة مؤثرات صوتية مواكبة لغرابة السينوغرافيا، نرى أسماء وصور المشاركين في العرض وهي تهبط مثل تترات السينما، وفي لقطة فيلمية بالأبيض والأسود نرى على الشاشة سيارة غامضة متوقفة قرب أحد الأرصفة وصاحبها ينثر بطاقات ورقية على الشارع، وفجأة تختفي السيارة من المشهد، وترتفع القماشة البيضاء حتى مستوى الركبة، حيث نرى أقداماً تتحرك في مقدمة الخشبة بالقرب من رصيف يفترشه أصحاب مهن مختلفة نتعرف إلى اثنين منهم، أحدهما الممثل مرعي الحليان الذي يلعب دور بائع الكتب، والآخر الممثل ناجي جمعة يلعب دور ماسح الأحذية، وينضم لهما بعد ذلك الممثل ( جمعة علي) في دور المكوجي، وعندما تعبر امرأة جميلة وسط هؤلاء الباعة تسقط محفظتها الحمراء المريبة قرب بائع الكتب، ولا تشعر بذلك وتمضي في سبيلها، المحفظة الحمراء للمرأة، تتحول وبكل البطاقات التعريفية التي تحتويها إلى هاجس كبير يسيطر على العمل كله، وخصوصا على الشخصيات الثلاث الرئيسية في العمل (بائع الكتب وماسح الأحذية والمكوجي) الذين تجابههم مواقف وصراعات وتأملات وخلافات ومحطات كثيرة في طريق البحث عن صاحبة المحفظة· فالمرأة المحاطة بهالة من الغواية والفتنة والغموض، تتحول هي ومحفظتها إلى عصب المسرحية ومحورها الأساس، لأنها تجر معها خيوطاً كثيرة من الألغاز والتساؤلات حول الشخوص المرتبطين بها· تلاحق كلمة أو لقب ( وهبص) المرأة الفاتنة، وتتفتح مع هذا اللقب الغامض التأويلات والرموز التي تشير كلها إلى الخلل الاجتماعي والفوارق الطبقية بين من هم (فوق) ومن هم (تحت)· ونرى أحلام البسطاء وهي تتحول إلى مشاريع تعانق الوهم، وتتبخر في النسيان والإهمال، تماما مثل أصحابها المتبخرين بدورهم في فضاء قاحل ومشوش ومهتز· حفل عمل (وهبص) بابتكارات احترافية على مستوى السينوغرافيا والديكور الجريء المتصاعد على ثلاثة مستويات يصل أعلاها إلى قمة الخشبة، ترمز هذه المستويات إلى طبقات المجتمع الثلاث (الفقيرة والوسطى والراقية)، ولولا بعض المشاكل والهنّات المتعلقة بالإضاءة فإن ترشيحات جائزة السينوغرافيا في المهرجان ستذهب للعامري من دون شك·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©