الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عيسى عباس.. عوالمه موحشة بلغة خضراء

عيسى عباس.. عوالمه موحشة بلغة خضراء
30 أغسطس 2007 00:16
عيسى عباس حسين من الأسماء الشعرية المتوارية في المشهد الشعري الإماراتي، وهذا التواري أو النأي يبرره (عيسى) برغبة ذاتية لإنضاج التجربة، والاستناد على ملمح شعري قوي وواثق من إمكاناته، فقلة النشر ـ والحال هذه ـ قد تكون ظاهرة صحية في بواكير المغامرة الإبداعية، ولكن الشعر يحتاج أيضا للتنفس ومحاورة الآخر، ففي خروج الشعر تخصيب للفراغ النقدي والذوقي بين المُرسل والمُستقبل· يعمل (عيسى) في حقل مهني وعر وقاس، هو حقل التنقيب والمسوحات الأثرية، وهذه الوعورة الجيولوجية تبدو ملموسة وحاضرة في شغله الكتابي، فنادرا ما تخلو قصائده من مفردات المكان الموحش والمعزول والمقبل على كشوفات ولقى مدفونة وغائرة ،(أودية، رمال، عظام، هياكل، حجارة، كهوف، مباخر، قوارير)، وهذه المفردات لا يوردها عيسى في قصائده بصيغتها الجافة والعارية عن التوظيف اللغوي، ذلك أنه يستثمرها في كتابة شعر حي وطقسي، يخرج من الذات الحاضرة ويهاجر في أزمنة سحرية، مجهولة، وقابلة للحوار الشعري بامتياز· و(مهن القسوة) ـ على حد تعبير الشاعر اللبناني بسام حجارـ هو تعبير يبدو لصيقا بالتجربة الراعفة لشعر يكتبه عيسى بتكنيك مندفع ومتمهل في آن، يشبه الريح المخدرة، أو الهواء الثمل من ريق البساتين ! يكتب (عيسى) بكثافة مطواعة، أو ببطء يتوسل الحفر والنحت والتزيين، يضرب الشاعر أزميله في الأرض، ولكنه يزيح أغبرة متراكمة عن المخيلة، إنه يحفر في تربة جافة، ويزرع وعدا لقصيدة خضراء، تأتي من عطش، وسرعان ما تنطّ في غيمة الروح !· هنا قصائد جديدة خصها الشاعر لـ ''الاتحاد الثقافي''، فلنستمع لأصواتها في صحراء الشعر الوارفة : رياح متعبة أنفاسهم رمال أوديتهم الجافة ترطب الحوافر بالحصى نهدأ في السكوت وننتظر· خيولهم السكرى شربت ضباب السهول وخطواتهم الدائخة تاهت في الأثر ! دراق حاملو الهواء الوحشي غاصوا في الهواء والعزلات أناديهم حين يولد الليل كي يحملوني بين أصابعهم ويسقطوني على الورق حبرا حرفا كلمة سوداء أو دراقا لآخر الموسم ميـاه راحاتهم هواء وشيء قليل من جسد امرأة يركبون سفنهم النبيلة ليشاهدوا ضحكة الأغنية تأتيهم المياه البارعة وأجساد من طفوا عليها يجمعون الموت في قوارير ويرحلون كفن يتجولون بصناديقهم يحملون كفن الأحلام لا أحد يراهم سواي معهم أبقى وفيهم ارحل توحـد في الغرفة جسد متوحد فوق سرير خائب تسقط منه الذكريات مثل أرجوحة في مقبرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©