الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الله والملائكة وأولو العلم يشهدون بوحدانيته وعدله

5 فبراير 2015 23:45
أحمد محمد (القاهرة) لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، قدم عليه حبران من أحبار أهل الشام، فلما أبصرا المدينة، قال أحدهما لصاحبه ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان، فلما دخلا على النبي عرفاه بالصفة والنعت، فقالا له أنت محمد؟ قال نعم، قالا وأنت أحمد، قال نعم، قالا إنا نسألك عن شهادة، فإن أنت أخبرتنا بها آمنا بك وصدقناك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاني، فقالا أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله، فأنزل الله تعالى: «شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم»، «سورة آل عمران الآية 18»، فأسلم الرجلان وصدَّقا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس رضي الله عنهما، خلق الله الأرواح قبل الأجساد بأربعة آلاف سنة، وخلق الأرزاق قبل الأرواح بأربعة آلاف سنة، فشهد بنفسه لنفسه قبل أن يخلق الخلق حين كان ولم تكن سماء ولا أرض ولا بر ولا بحر فقال «شهد الله أنه لا إله إلا هو»، وقال سعيد بن جبير إنه كان حول الكعبة ثلاث مئة وستون صنما لكل حي من أحياء العرب صنم أو صنمان، فلما نزلت هذه الآية أصبحت الأصنام قد خرت ساجدة لله. خصوصية عظيمة للعلماء قال ابن كثير، شهد الله تعالى وكفى به شهيدا، وهو أصدق الشاهدين وأعدلهم، وأصدق القائلين «أنه لا إله إلا هو» المتفرد بالإلهية لجميع الخلائق، وأن الجميع عبيده وخلقه، والفقراء إليه، وهو الغني عما سواه كما قال تعالى: «لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا»، «النساء 166 الآية»، ثم قرن شهادة ملائكته وأولي العلم بشهادته، وهذه خصوصية عظيمة للعلماء في هذا المقام. قال صاحب المنار، صرح كثير من المفسرين بأن شهادة الله هنا من باب الاستعارة، لأن ما نصبه من الدلائل في الآفاق وفي الأنفس على توحيده وما أوحاه إلى أنبيائه في ذلك يشبه شهادة الشاهد بالشيء في إظهاره وإثباته، وكذلك شهادة الملائكة عبارة عن إقرارهم بذلك وإيمانهم به، وجعلها من باب عموم المجاز، وشهادة أولي العلم عبارة عن إيمانهم به. وإن الشهادة بالشيء هي الإخبار به عن علم بالمشاهدة الحسية أو المعنوية وهي الحجة والدليل، وشهادة الله في كتابه مؤيدة بالبراهين التي قرنها بها وبالآيات على صدق الرسل، وشهادة الملائكة للأنبياء مقرونة بعلم ضروري هو عند الأنبياء أقوى من جميع اليقينيات البديهية، وبتلك الدلائل التي أمروا بأن يحتجوا بها على الناس، وشهادة أولي العلم تقرن عادة بالدلائل والحجج، لأن العالم بالشيء لا تعوزه الحجة عليه. عين العدل وقائما بالقسط معناه أنه - تعالى- شهد هذه الشهادة قائما بالقسط وهو العدل في الدين والشريعة، وفي الكون والطبيعة، كذلك كانت أحكامه في العبادات والآداب والأعمال مبينة على أساس العدل بين القوى الروحية والبدنية وبين الناس بعضهم مع بعض، فقد أمر بذكره وشكره لترقية الروح وتزكيته، وأباح الطيبات والزينة لحفظ البدن وتربيته، ونهى عن الغلو في الدين والإسراف في الدنيا وذلك عين العدل، فهذا هو القسط في العبادات والأعمال الدنيوية. قال القرطبي، في هذه الآية دليل على فضل العلم وشرف العلماء وفضلهم، فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن اسم العلماء، وقال في شرف العلم لنبيه صلى الله عليه وسلم «وقل رب زدني علما» .
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©