جيل جديد من الشركات النفطية العملاقة في الإمارات

شهدت الإمارات خلال السنتين الماضيتين ظهور جيل جديد من الشركات الكبيرة التي تمكنت من اختراق الأسواق العالمية للاستحواذ على شركات أجنبية كبرى بدعم من مستثمرين إماراتيين بشكل أساسي، وباتت تنافس كبريات الشركات النفطية العالمية، وذكر تقرير تنشره مجلة ''ميد'' في عددها الصادر اليوم أن شركات جديدة مثل ''آبار'' و''طاقة'' و''دانة غاز'' و''رأس الخيمة للبترول'' أصبحت ذات قدرة عالية على المنافسة العالمية· وعمدت هذه الشركات، بما استطاعت تأمينه من سيولة من خلال الإصدار الأولي لأسهمها، إلى إنفاق قسم من رؤوس أموالها لتنفيذ جملة من عمليات الاستحواذ على أصول شركات منافسة خلال السنتين الماضيتين، وتتطلع الآن لزيادة محافظها المالية السائلة من خلال جولة جديدة من إصدارات الاكتتاب الأولي· وتقول ''ميد'' إن شركة ''آبار للبترول'' والتي تعد أول شركة نفط يتم إدراجها في سوق أبوظبي للأوراق المالية، تتطلع حاليا لزيادة قيمة السندات القابلة للتحويل والتي تبلغ مليار دولار من أجل تنفيذ جملة من مشاريع الاستحواذ في منطقة الخليج، وتميل الشركة إلى تعزيز أصولها من خلال طفرة السيولة التي تشهدها الأسواق، وكانت ''آبار للبترول'' قد تأسست عام 2005 بعد الاستحواذ على شركة ''بيرل إنيرجي'' السنغافورية مما هيأ لها منصّة جاهزة للانطلاق في سوق شرق آسيا· ويمكن لهذه التوجهات والاستراتيجيات أن تقدم فكرة واضحة عن الاهتمام الكبير الذي توليه الشركات النفطية الإماراتية للانتشار في الأسواق العالمية، وتعتزم شركة ''آبار'' في المرحلة المقبلة تطوير طواقمها الإدارية والفنية واستغلال قدراتها الذاتية على التشغيل التي اكتسبتها عقب الاستحواذ على شركة ''بيرل إنيرجي'' تمهيداً للانتشار في مناطق جغرافية جديدة· وتقول ''ميد'' إن هذا يعني أن الشركة عازمة على التوسع وتحقيق النمو على المستوى التنظيمي الداخلي، وأيضاً من خلال الاستحواذ على أصول شركات أخرى، وتنقل المجلة عن ريتشارد لورينتس نائب رئيس شركة آبار قوله ''تتمتع شركة بيرل بوضعية متميزة على مستوى الإنتاج والاستكشاف في جنوب شرق آسيا، وسوف نركّز اهتماماتنا الآن على أفريقيا والشرق الأوسط''· أما فيما يتعلق بشركة ''طاقة'' التي تمتلك مؤسسة مياه وكهرباء أبوظبي ''أدويا'' الغالبية العظمى من أصولها، قد أنفقت مليارات الدولارات لتعزيز أصولها في أسواق الطاقة الأوروبية واحتلال مكانة مرموقة في أسواق أميركا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا) والقطاع التابع للمملكة المتحدة من بحر الشمال· ومع إطلاق برنامج لإصدار سندات قرض بمبلغ 9 مليارات دولار في الربع الأخير من العام الجاري، تتطلع ''طاقة'' إلى تنفيذ عدد كبير من المشاريع الجديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية وتعزيز قدرتها الذاتية على الاستحواذ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أنها تهتم الآن بالاستثمار في مشاريع مدّ خطوط أنابيب النفط والغاز، وفي بناء منشآت معالجة الغاز الطبيعي المسال، وتوليد الطاقة الكهربائية في أوروبا وجنوب آسيا· وفي منتصف شهر أغسطس الماضي، أعلنت ''طاقة'' عن إبرام صفقة بقيمة ملياري دولار استحوذت بموجبها على شركة ''نورثروك ريسورسيز'' الكندية، وهي شركة متخصصة في استكشاف آبار النفط والغاز، وتستهدف من إبرام هذه الصفقة بناء منشآت تضمن إنتاج 100 ألف برميل في اليوم من نفط الحقول المكتشفة في كندا· ويبرز طموح ''طاقة'' من خلال تصريح أدلى به بيتر باركر هوميك المدير التنفيذي للشركة، حيث قال ''يكمن هدفنا في القفز من موقع شركة ذات الأصول التي تبلغ 16 مليار دولار، إلى الشركة ذات الـ 20 مليار دولار خلال الاثني عشر شهرا المقبلة، وربما تقفز قيمة هذه الأصول إلى 40 مليارا أو حتى 60 مليارا بحلول عام ·''2012 ومن بين الشركات الإماراتية الجديدة ذات الإمكانات التي يحسب لها حساب في سوق الطاقة، شركة ''رأس الخيمة للبترول'' التي تستعد لطرح إصدارات الاكتتاب الأولي من أجل تعزيز محفظتها السائلة، وكانت هذه الشركة الفتيّة تقدمت في بداية العام الجاري بعرض لشراء أصول شركة ''جلف كيستون'' ذات النشاط الواسع في الجزائر، وتعد الآن مثالاً عن الاهتمام الكبير الذي توليه الشركات النفطية الإماراتية بالانتشار في أسواق شمال أفريقيا· وتذكر ''ميد'' أيضاً أن شركة ''ليوا للطاقة'' عمدت لتأسيس شراكة مع شركة ''أوكسيدنتال بتروليوم'' الأميركية لتنفيذ مشاريع مشتركة في ليبيا، وفي عام 2006 استحوذت شركة ''رأس الخيمة للبترول'' على حصّة من شركة ''آنزون إنيرجي'' الأسترالية وأتبعتها هذا العام بعرض لشراء أصول شركة ''إنداجو بتروليوم'' العمانية وبعض أصولها الأخرى في الإمارات بمبلغ 375 مليون دولار، وبالرغم من إخفاقها في الاستحواذ على شركة ''جلف كيستون''، إلا أنها تعتزم استثمار 400 مليون دولار في استحواذات أخرى في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط· ويتضح من كل هذه الأمثلة، الطموح الكبير الذي يميز استراتيجيات الشركات الإماراتية لاختراق الأسواق العالمية للطاقة من خلال سياسة الاستحواذ والمشاركة في الصفقات الكبرى·