السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شتيمة نور الشريف

1 سبتمبر 2007 22:24
في عام 1982 خرجت من الأسطى حسن أو نور الشريف في ختام فيلم سواق الأتوبيس 3 كلمات فجرت جدلاً كبيراً، بين جمهور السينما ونقادها وعموم المصريين· كانت الكلمات الثلاث في واقع الحال شتيمة كلاسيكية معبأة في صرخة أطلقها سائق الأتوبيس ضد لص سرق بعض ركاب حافلته قبل أن يقفز منها مهرولاً· ولم يكن بين المصريين في ذلك الوقت -بعدما نهب الانفتاحيون حياتهم وآمالهم وانتصارهم في حرب 73- من يمكن أن يختلف كثيرا مع بطل الفيلم، عندما اعتبر اللص يمت بصلة قرابة من الدرجة الأولى للكلاب· ومع ذلك كانت صدمة جارحة أن تنطلق هكذا عبر الشاشة وعلى الملأ، شتيمة من هذا النوع· ولم يمنع شيوعها بين العامة، تفجر جدل ساخن حول ما ينبغي وما لا ينبغي قوله في الأعمال الفنية· لكن بعد أكثر من ربع قرن، يبدو الأمر مختلفا بدرجة مذهلة على أكثر من صعيد· إذ تكفي نظرة سريعة إلى عشرات الأفلام والمسلسلات الأميركية التي تبث على مدار الساعة عبر الفضائيات العربية، وستجدها مملوءة بما لا يحصى من الكلمات بالغة البذاءة والفحش التي ينطق بها الصغار والكبار، الرجال والنساء على حد سواء· صحيح ان المترجمين يحولون كل تلك البذاءات الى العبارة الكلاسيكية ''تباً لك'' أو ''اذهب للجحيم''، إلا أن معانيها صارت مفهومة جدا، حتى بالنسبة لمن حظه من الانجليزية مثل حظ أصحاب تلك الشتائم من الحياء· وربما كانت هذه الأعمال تعكس ثقافة المجتمع الأميركي وأسلوب حياته، لكنها بالتأكيد لا تتناسب أبدا وطبيعة وتقاليد المجتمع العربي الذي هو ليس بالضرورة أكثر أدبا واحتراما من الآخرين، لكنه - في عمومه على الأقل- ليس فاحشا بذيئا في تعاملاته اليومية على نحو ما نرى عند الآخرين· وللأسف أخذت مثل هذه اللغة الجارحة تهل علينا بالعربية عبر مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، حتى بدا وكأنه لا فرار منها· فالجمهور -خاصة العائلات- محاصر ومطحون بين أغان مبتذلة لا تتوقف بعض الفضائيات عن بثها، وموجة أفلام جديدة لا يكاد واحد منها يخلو من تلميحات صريحة أو غير مباشرة رخيصة جدا، وإعلانات تروج بلغة الحارات عن عقاقير خاصة بالجنس· ومع ذلك يبدو الأمر عاديا تماما، فلا أحد يحرك ساكنا·· وهذا هو الأخطر· أقصد أن ''ابن الـ···'' التي نطقها نور الشريف قبل ربع قرن تبدو مقارنة بما يقال الآن مزاح أطفال، ومع ذلك صدمت الناس وهزتهم عام ·1982 فهل يعني ذلك أن المشكلة الآن تكمن في الذوق العام، أم صار حياؤنا أقوى مما يمكن أن يخدشه أحد؟· ahmedomla@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©