الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلاقات الأميركية-الروسية... تعاون متواصل في ضبط التسلح

العلاقات الأميركية-الروسية... تعاون متواصل في ضبط التسلح
1 سبتمبر 2007 22:26
في الساعة الخامسة وأربع وثلاثين دقيقة من يوم الأربعاء الماضي، وفي مجمع عسكري يقع شمال شرق العاصمة موسكو، كان هناك ثلاثة من الرجال يجلسون أمام صناديق معدنية صغيرة مزينة بأزرار بلاستيكية حمراء· وكان كل زر من تلك الأزرار متصلاً بكابل يخرج متلوياً عبر فتحة في جدار إلى الغابة التي يقع فيها المجمع· وبناء على أمر من ''سيرجي شيفشينكو'' المسؤول الروسي الكبير في ''مديرية تقنيات الصواريخ'' في وكالة الفضاء الروسية ضغط الرجال الثلاثة الجالسون على الأزرار في وقت واحد· في الخارج، وعلى بعد عدة مئات من الياردات، سُمع صوت دوي شديد في الجو، وبدأت الأرض تهتز بعنف· والذي حدث هو أن تلك الأزرار قد أشعلت الوقود الصلب في محرك صاروخ كان قد تم انتزاعه من صاروخ باليستي عابر للقارات من نوع إس·إس- ·25 في أقل من دقيقتين كانت مكونات الصاروخ قد احترقت بالكامل ليكون بذلك آخر مُعِدّة نووية من العصر السوفييتي يتم إعدامها في إطار برنامج يتم تمويله بالكامل من أموال دافعي الضرائب الأميركيين، يعرف باسم برنامج ''نان- لوجار التعاوني لتقليص التهديد''· وهذا البرنامج الذي كان من بنات أفكار السيناتور ''ريتشادر لوجار'' (جمهوري- إنديانا) والسيناتور السابق''سام نان'' (ديمقراطي- جورجيا) تم تطويره ليصبح واحداً من المجالات الرئيسية للتعاون المستمر بين روسيا والولايات المتحدة، حيث احتفل الجانبان بمرور الذكرى الخامسة عشرة على انطلاقه الأسبوع الماضي· والبرامج التي تتم في إطار هذا البرنامج، ساعدت روسيا وغيرها من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق على تقديم بيانات ومعلومات حول المواد الكيماوية والبيولوجية- وغيرها من المعدات اللازمة لإطلاق الصواريخ والمقذوفات الحاملة لها- الموجودة بحوزتها، كما ساعدها على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمينها وتدميرها· وقد تم إنجاز ذلك، على الرغم من أن بعض جوانب البرنامج قد عانت من التأخير ومن المقاومة البيروقراطية، وأن عودة مناخ السرية إلى روسيا مرة ثانية قد جعل المفاوضات حول- والوصول إلى- بعض مواقع تخزين الأسلحة والمعدات أمراً صعباً· على الرغم من تلك المعوقات، فإن البرنامج قد نجح في تفكيك 7000 رأس نووية، علاوة على أن مخازن الصواريخ والقواذف المتحركة، والغواصات، والقاذفات الاستراتيجية التي كانت ضرورية ذات يوم لنشر تلك الصواريخ واستخدامها عند اللزوم، قد تم تدميرها· بالإضافة إلى ذلك، ساعد هذا البرنامج على صيانة اليورانيوم عالي التخصيب المتحصل عليه من مفاعلات الأبحاث، ومحطات القوى النووية، وإعادة خلطه مع مكونات أخرى لجعله من النوع المنخفض التخصيب الذي يصلح للاستخدام في توليد الكهرباء، ولكن ليس كمادة في أداة نووية· وفي وقت يشهد نزاعات دبلوماسية متجددة بين الكريملن والبيت الأبيض، يعد مجال الانتشار النووي من المجالات النادرة التي لا يزال الأميركيون والروس يتفقون بشأنها· فخلال الولاية الثانية لكل من الرئيسين جورج بوش وفلاديمير بوتين، أحصى كل طرف العديد من الشكاوى ضد الطرف الآخر، حيث انتقدت روسيا الولايات المتحدة لاتباعها نهجاً أحادياً في سياستها الخارجية، ولشنها حرباً طائشة على العراق، ولبذلها جهوداً من أجل توسيع ''الناتو'' على حسابها، ولتقديمها الدعم للحركات المعارضة في دول الاتحاد السوفييتي السابقة، ولخطتها الخاصة بإقامة منظومة دفاع صاروخي في بولندا وجمهورية التشيك· من جانبها انتقدت الولايات المتحدة روسيا بسبب تركيزها للسلطة في أيدي الكريملن، وحملات القمع التي تشنها ضد المنشقين، وسيطرتها المتزايدة على وسائل الإعلام الإذاعي في البلاد، واستغلالها لصادرات الطاقة للضغط على الدول المجاورة، كما أبدت انزعاجاً من سياسة روسيا الخارجية بدءاً من دعمها للانفصاليين في جورجيا ومولدوفا، إلى بيعها الأسلحة لكل من فنزويلا وإيران· ويذكر أن مواقف الشعب الروسي ضد حكومته قد ازدادت تصلباً لدرجة دفعت الولايات المتحدة للتشكيك في مدى التزام روسيا بالديمقراطية، والتعددية السياسية، وهو ما رد عليه بوتين من جانبه بتشبيه الولايات المتحدة بالرايخ الثالث· ولكن هناك نمطاً آخر من المواقف كان بارزاً الأسبوع الماضي عندما احتفلت الدولتان بالذكرى الخامسة عشرة لانطلاق برنامج ''نان- لوجار التعاوني لتقليص التهديد''· وتبدو رمزية الاحتفال إذا ما علمنا أن الرجال الثلاثة الذين ضغطوا على الأزرار كانوا هم السيناتور ''لوجار''، والسيناتور السابق ''نان'' و''ويليام جيه بيرنز'' السفير الأميركي لدى روسيا· وقد علق السيد ''شيفشينكو'' على ذلك بأن تلك هي المرة الأولى التي سمحت بها دولته للأميركيين بالمشاركة بهذا المستوى، وقال ''شيفشينكو'' إن البرنامج يمثل نموذجاً للعلاقات الإيجابية بين البلدين، ولما يمكن أن يحققاه من خلال مثل هذه العلاقات· وأثنى السيناتور ''لوجار'' على الجهود التي قامت بها روسيا في إطار البرنامج حتى الآن··· أما ''نان'' فقد عبر في إشارة تعكس مدى الاختلاف الموجود داخل دوائر السياسة الخارجية بخصوص خيارات بوش السياسية عن تشككه في إمكانية نجاح منظومة الدفاع الصاروخي التي تنوي أميركا نشرها في بولندا وجمهورية التشيك، وحث إدارة بلاده على التعاون مع روسيا عند التفكير في تطوير أي درع صاروخية· وكان من بين ما قاله ''نان'' في هذا السياق: ''أعتقد حقاً أننا يجب أن نأخذ مقترحات بوتين في هذا الصدد على محمل الجد''· ويذكر أن ''نان'' يشغل في الوقت الراهن منصب رئيس مجلس الإدارة المشارك لما يعرف باسم ''مبادرة التهديد النووي''، وهي منظمة خاصة تهدف لدعم الجهود الحكومية في مجال عدم الانتشار النووي من خلال تقديم الضمانات الكافية للبرنامج المجانية المساهمة في هذا الجهد· وقال العديد من المشاركين في الحفل إن برنامج ''نان- لوجار'' قد يعاد التفاوض بشأنه مجدداً، وإنه قد يمتد إلى المستقبل، ولكنهم ألمحوا إلى أن روسيا التي كانت تعاني من العسر المادي في الماضي، ثم تمكنت من دفع ديونها، ومراكمة احتياطات نقدية كبيرة بفضل ارتفاع أسعار الغاز والنفط، والتي شهدت صعوداً اقتصادياً في عهد بوتين، قد تطلب منها المساهمة بنصيب أكبر في هذا البرنامج إذا ما تقرر استمراره في المستقبل· وقد أبدى المشاركون في الحفل المذكور ملاحظات على استمرار حالات التهريب النووي التي كان آخرها حالة حدثت العام الماضي عندما حاول روسي عبور حدود بلاده مع جورجيا، وهو يحمل كمية من اليورانيوم عالي التخصيب وهو نوع من المواد المشعة الممنوعة التي كان من الواضح أنه قد تم تهريبها من إحدى المنشآت النووية في روسيا· مراسل ''نيويورك تايمز'' في روسيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©