الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحبوها يحبها أبناؤكم... واقرأوا يقرأ أطفالكم

أحبوها يحبها أبناؤكم... واقرأوا يقرأ أطفالكم
2 سبتمبر 2007 00:51
لم تكن القراءة بحاجة إلى عناية واهتمام كما هي اليوم، فمع ما شهده العالم من تطور وثورة معلوماتية، تراجع شأن الكتاب والقراءة على نحو واضح، ولم يعد الكتاب -إلا عند فئة قليلة- وسيلة المعرفة والاتصال المثلى أو المرغوبة من الأفراد· لم يعد خير جليس الذي ينهل منه الناس المعرفة ويتحصلون على المعلومات، ولا الصديق وقت الضيق، ولا الأنيس في أوقات الفراغ كما كان الحال في الأيام الخوالي· فقد وفرت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة بدايةً، والانترنت تالياً، وسائل أخرى للحصول على المعلومات بجهد أقل وبوقت أسرع، ناهيك عن طرق ترفيه وتسلية لا تترك مجالاً لأي فراغ، بالإضافة إلى مشاغل الحياة وضرورياتها التي تستنزف جلّ الوقت فلا يبقى متسع للقراءة إلا فيما ندر· لكن الحديث عن تراجع القراءة يزداد خطورة عندما يتعلق بالأطفال والناشئة والأجيال الشابة التي يبدو الكتاب غائباً تقريباً عن اهتماماتها، ولأن العلاقة مع الكتاب والقراءة تتأسس منذ الصغر لا بد من الاهتمام بما يقرأ أطفالنا، ولعل في النماذج الواردة هنا ما يؤكد صدق هذه المقولة· قبل الحديث عن القراءة وعلاقة الطفل بها، والطرق الكفيلة بغرسها في نفوس الأبناء والتلاميذ لا بد - عزيزي المربي- من التعرف إلى مهارات السرد القصصي للأطفال، ولا بد أن يعي الوالدان أن عليهما البدء مع الأطفال في سن مبكرة لما لهذا من أثر بالغ الفاعلية على نموهم الذهني والوجداني· بيوت بلا كتب يقول سعيد أحمد شرف: يعتقد بعض الآباء أن تعليم الأبناء القراءة يبدأ من سن المدرسة، وهذا يعكس الفشل في إدراك السن المناسبة ليقرأ الطفل الكتاب، والواقع أننا يجب أن نبدأ مع الطفل منذ السنة الأولى، قد يبدو الأمر مضحكا، لكنها الحقيقة، فالقراءة قبل أن تكون سلوكاً يفعله الطفل، هي فعل ثقافي يومي، ورغبة يجب أن تزرع في الطفل لكي يكون هناك ارتباط بينه وبين الكتاب· و ليس غريبا أن تدخل بيتاً ولا تجــد به مكتبة أو كتاباً، وربما لا تجد ورقاً أو صحيفة· صحيح أن هذا أمــر مؤسف لكنه موجود في الكثير من البيوت التي تجهل أهمية تنمية القراءة لدى الطفل منذ الصغر · علاقة ممتعة ويجتذب محمد الحواري خيط الحديث قائلا: يبدأ تعليم الطفل القراءة في سن مبكرة، ربما لا يكون الهدف القراءة الفعلية بقدر ما هو معايشة الطفل للكتاب، والتعرف إليه، ولا أقصد كتاباً للقراءة بل كتاباً مصوراً ومليئاً بالرسوم والألوان التي يحبها الطفل وتجذب انتباهه، ومن شأن ذلك أن يشكل مفهوماً إيجابياً في نفس الطفل، ويرسخ في ذهنه أن الكتاب شيء جميل وممتع فينمو وفي أعماقه حب للكتاب ولمتعة القراءة · هــذه ليســت كل الإيجـــــــابيات كما يؤكــــــد الحواري، بل هناك إيجابيات أخرى تتمثل في أن منظر الكتاب يصبح مألوفــــــاً لدى الطفل، فلا ينكره، ولا يشعر بقطيعة معه، ولا بأس في أن يخصص الوالــــــــدان كتــاباً بعينه من أجل التمزيق، فتمـــــــزيق الطفــل للكتاب هنا هو محاولة للتعرف إليه· مكاسب بالجملة وتذهب ريما عودة ـ اختصاصية اجتماعية- إلى أن القراءة للأطفال لها مكاسب عديدة، وتنطلق من المثل الصيني المأثور صورة تغني عن ألف كلمة ، لتقول: الصورة لغة، وأنصح الوالدين منذ البداية بتكريس مبدأ الصورة لدى الطفل، ويمكن أن نحقق ذلك بأن نمسك بصورة، أي صورة، ثم نحدثه عنها حتى لو لم يفهمنا على النحو الذي نريده، فالطفل يفهم على طريقته وضمن معايير الطفولة، و لا ينبغي أن نفرض عليه طريقة فهمنا· إن الطفل في سنته الأولى أو الثانية يستطيع أن يدرك بعض المدلولات من كل صورة، خاصة إذا كانت صورة أشياء قريبة منه حياتياً (قلم، عين، ورقة) وهكذا تنمو بينه وبينها ألفة تجعله يقترب منها أكثر · وتتابع ريما قائلة: قراءة القصص للأطفال، تجعلهم يكتشفون العالم من حولهم، والسرد القصصي والقراءة أسلوبان فاعلان لتنمية الخيال عند الأطفال، وتمكينهم من التعرف إلى بيئتهم، كما أنها تخلق رابطة قوية بين الوالدين والأطفال، وتعزز تأثير الوالدين على الأبناء ، ذلك التأثير الذي سيؤدي في النهاية إلى تنمية حس عميق ومستمر وحب للتعليم والقراءة · الفضل لأخي هل في ما قيل مبالغة؟ الواقع يؤكد صحة ما ذهب إليه الذين تحدثوا سالفاً، والتجربة تثبت أن القراءة في الصغر كالنقش في الحجر، فهذا سالم واحد من محبي القراءة وعشاق الكتاب، يقول: أعشق القراءة، وأجد ضالتي بين الكتب ووسط المجلات وداخل المكتبات ومعارض الكتب، ويرجع الفضل في ذلك لأخي الكبير الذي تفتحت عيناي على مكتبته الكبيرة وهو ساهر في مكتبه يقرأ بنهم، فقد كان يصطحبني وأنا في الخامسة من عمري إلى معارض الكتب، وكوّن لي ولأشقائي مكتبة صغيرة لي ننهل منها مختلف أنواع المعرفة· وهكذا عشقت القراءة منذ الصغر، ولكي أنمي هوايتي في القراءة أهداني والدي مكتبة لأضع فيها كتبي، وهي تحوي ما يقارب المائة قصة· سالم ابن السابعة الذي يفوز على إخوته في المسابقات الشعرية ومسابقات المعلومات التي تجري بينهم، يؤكد أنه كان يراقب أخاه وهو يقرأ معجباً به، ويقول: لا يزال صدى صوته وهو يقرأ القصائد الشعرية يرن في أذني · عاشقة للقراءة أما الطالبة المتفوقة فاطمة يعقوب فتقول: منذ كنت في مرحلة الروضة كنت أعشق تصفح الكتب، وتشد انتباهي الصور والرسومات، وكانت والدتي تمدني بالكثير من الكتب والصور، وبسبب اهتمامها هذا تعلقت أكثر بالكتاب في المرحلة الابتدائية، وأصبحت أعشق قراءة الكتب في مكتبة المدرسة، وعند العودة إلى البيت كنت أستمتع بقراءة بعض القصص، بعد أداء فروضي المدرسية، ومن شدة حبي للقراءة كنت أقرأ القصص لأخوتي بصوت عال· القراءة أعظم ثروة يمكن أن يمتلكها الإنسان، وفي هذا المعنى قال أحد الحكماء: قد تكون عندك ثروة ضخمة لا تساويها ثروة أخرى، تملأ بها الكثير من الخزائن، ولكنك لن تكون أبداً أغنى مني، فقد كانت لي أم اعتادت أن تقرأ لي · مثلث ذهبي وبعد، إذا كانت القراءة ثروة، كيف ينظر المختصون في اللغة العربية إلى هذه المسألة؟ تقول دلال فارس سمارة معلمة اللغة العربية بمدرسة الآفاق النموذجية: إن في أعناقنا أمانة كبيرة تقتضي أن نعيد للقراءة جمهورها العريض، ورونقها العريق، فقد كانت أول رسالة من الخالق عزَّ وجلَّ لأهل الأرض ((اقرأ باسم ربك الذي خلق))· ونحن في ميدان التربية والتعليم يقع على كاهلنا الجزء الأكبر من المسؤولية في إعداد جيل يقرأ، وعلينا أن نمد جسور التعاون بيننا وأولياء الأمور لتتضافر الجهود لميلاد قارئ أو قارئة المستقبل، فالطفل بطبعه ملول لذا يجب أن نتبع معه أسلوب الترغيب والتشويق، وذلك من خلال اختيار النص المناسب لعمره وميوله، مع مراعاة وضوح الخط وحجم الكلمات في القصة أو النص المقروء، والاستعانة بالصور الجذابة التي توضح الكتابة وخصوصا لصغار التلاميذ، مما يزيد رغبتهم في القراءة ولا يشعرهم بالملل، بالإضافة إلى اختيار المواضيع التي تشد الطفل للقراءة وتدور في فلك اهتماماته، وحبذا لو اتبعت أساليب معينة في التشجيع على القراءة كإثارة المنافسة بين التلاميذ بتنظيم مسابقات لأوائل المطالعين وتكريم الفائزين · وترى دلال أن القصص المكونة من أجزاء تجذب الطفل أكثر، ولهذا يمكن تقسيم القصة إلى أجزاء أثناء القراءة بحيث ينتهي كل جزء منها بسؤال أو حدث مثير يجد الطفل جوابه أو بقيته في الجزء التالي، مما يثير الدافعية لدى الطفل لقراءة الجزء الثاني والثالث ومتابعة القراءة، وبالإمكان توظيف المقروء لتثبيت مهارات لغوية معينة من خلال أوراق عمل ترفق مع القصة، يحلها التلميذ أو التلميذة بأساليب مشوقة أيضا كالرسم والتلوين ، وهذه المبادئ تتبناها مدرسة الآفاق النموذجية في مشروع المثلث الذهبي التي تسجل فيه التلميذة حصيلة قراءاتها من خلال جواز السفر الثقافي · كونوا لهم قدوة المدرس أحمد السيد يلفت الانتباه إلى نقطة مفصلية ومهمة، وهي القدوة التي ينبغي أن يقدمها الأب أو الأم للطفل لكي ينشأ قارئاً، فقبل كل شيء - يقول السيد- يجب أن تحب الكتابة لكي تجعل طفلك يحبها، أي كن أنت قارئاً أمام طفلك، فأنت بالنسبة له القدوة والمثل، امسك بالكتاب أمامه ودعه يراك تقرأ، وحبذا لو رأى الطفل كل أفراد الأسرة يخصصون وقتا للقراءة معاً، فهذا الأمر سيجعله أكثر حبا لها · ويضيف السيد فائدة أخرى للقراءة إلى جانب المعرفة والمتعة وتحصيل المعارف والخبرات وتنمية الشخصية، هذه الفائدة تتمثل في أن الكتاب أو القصة يمكن أن يسعف في مواقف كثيرة في تواصل الوالد مع طفله، وفتح حوار معه حول الكثير من الأمور التي يريد الوالد أن يحدث الطفل فيها لكنه لا يجد مفتاحاً لبدء الحديث، عندها قد تكون قراءة قصص أو مواقف من السيرة وسيلة مناسبة وناجحة لإيصال المراد·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©