فول الصويا منجم الحليب البديل

فول الصويا نبتة صينية الأصل بدأت زراعتها قبل 5000 سنة على يد الإمبراطور ''شنغنانغ'' مؤسس الزراعة الصينية، ثم أدخلتها الإرساليات الفرنسية لأوروبا عام 1740 فنمت بنجاح في الحدائق النباتية لباريس· وفي سنة 1804 وصلت لأميركا مع المهاجرين الصينيين لتصبح من أهم المحاصيل في منتصف القرن العشرين· وبين ليلة وضحاها ومع توالي الدراسات التي تؤكّد الفوائد الصحيّة الجمّة لهذه الحبوب، تحوّلت نبتة الصويا إلى نجم غذائي، وأصبحت الشغل الشاغل للباحثين الذين تباروا في إظهار فوائدها في مختلف أشكالها المتوافرة في الأسواق، لتأخذ شهرة واسعة في المجال الإعلامي وتتحول إلى موضة جديدة في عالم المأكولات والمشروبات عندما أدخلتها العديد من المطاعم العالمية إلى قائمة تحضير أكلاتها لتشجيع النباتيين وطالبي الصحة على الإقبال دون تردد إلى طاولات طعامهم بدعوى أنها آمنة حتى على الأطفال الرضع· انتشرت الصويا في شرق آسيا ومنها انتقلت إلى بقية أنحاء العالم كبديل صحي بعد ظهور مساوئ الاعتماد على اللحوم في نظامنا الغذائي، فالأطفال المصابون بالحساسية من الحليب أصبحوا يتغذون على حليب الصويا، أمّا ''التوفو'' أو لحم الصويا، فدخل في مختلف الوجبات من (البورجر) إلى الفلافل!· وتعتبر مادة ''الايزوفلافون'' من المواد الرئيسة الفعّالة في الصويا، فهي هرمون نباتي من مضادات الأكسدة ذات الفعالية الكبيرة في منع تكوّن أمراض القلب والسرطانات على اختلافها، كما تحتوي مادة ''البيتاكاروتين'' المضادة للأكسدة· إضافة إلى أن 38 بالمئة من الصويا مكون من بروتين نباتي سهل الهضم والامتصاص، وهي كمية تعادل نصف البروتين الموجود في اللحوم والأسماك، وثلاثة أضعاف بروتين البيض وعشرة أضعاف بروتين الحليب· غير أن باحثين نباتيين حملوا على كبسولات الصويا ومنتجاتها ورأوا أن نتائج الأبحاث السريرية حولها لا تزال غير كافية، لكنهم لم يقلّلوا من أهميتها كغذاء واعتبروا أن زيادة الحصة اليومية منها في النظام الغذائي أمر طيب، ومع ذلك تؤكد نتائج الدراسات فاعلية الصويا لاتقاء ومكافحة مرض سرطان الثدي حيث إن تناول الصويا من شأنه تقليل احتمالات الإصابة به· وأظهرت دراسة أجراها باحثون في جامعة بوسطن أنّ الصويا تقلل خطر إصابة الرجال بسرطان البروستات، حيث لوحظ وجوده بمعدلات منخفضة لدى الآسيويين الذين يستهلكون كميات كبيرة من منتجات الصويا، ما دفع الباحثين لدراسة آثار تلك الأطعمة على إصابات السرطان· كما وجدوا أن الصويا مفيدة في علاج المصابين بمرض السكري من الدرجة الثانية وعلاج الزهايمر وضغط الدم وزيادة فاعلية الأدوية· فوائد لبن الصويا حليب الصويا سائل شبيه باللبن، يستخرج عند طحن فول الصويا ثم يتم مزجه بالماء وتدعيمه بالكالسيوم كبديل للألبان وبخاصة للأشخاص الحريصين على إبقاء معدلات الكولسترول في الدم بمعدلاته الطبيعية، ولأن لبن الصويا خال من الكولسترول ونسبة الدهون المشبعة فيه أقل مقارنة بلبن البقر، يعتبر غذاء مثاليا للنباتيين والمرأة النباتية الحامل، نظرا لغناه بالفيتامينات والمعادن والبروتينات المتكاملة غذائياً لاحتوائه على كافة الأحماض الأمينية التي يحتاجها الجسم لبناء سلسلة البروتينات· وحليب فول الصويا من الأغذية التي تحتوي على كمية كبيرة من ''البيوتين''، وهو أحد المغذيات الهامة التي تشبه الفيتامينات، ومن المواد الطبيعية التي تحتوي على ''البيوتين'' الثوم و''الجنسنج'' الأميركي والشوفان والشعير والأفوكادو وبذور القطن والذرة والسمسم، ولكن فول الصويا أغناها جميعا بمادة ''البيوتين''· وللإفادة من استعمال فول الصويا تؤخذ منه أربع ملاعق طعام يومياً أو يمكن شراء مستحضر ''البيوتين'' الذي يوجد جاهزاً في محلات الأغذية التكميلية بجرعة 6 ملجم يوميا، كما يمكن الحصول عليه من منتجات الصويا كالحليب والجبن أو ما يسمى ''التوفو''، المتوفر في السوبر ماركت ومحلات الأغذية الطبيعية والصحية، إلا أنه لا ينصح بأكله نيئا لتسببه بعسر الهضم· خطر على الذكور فول الصويا مفيد جدا للنساء في سن اليأس، ونظراً لدوره في المحافظة على الكثافة المعدنية للعظام عند السيدات اللاتي تجاوزن مرحلة اليأس فهو يساعد على خفض الكولسترول بنسبة 10 بالمئة شرط تناوله يوميا على شكل طعام أو شرب حليبه، كما انه غني بهرمون الاستروجين الذي تفقده المرأة في مرحلة سن اليأس· إلا أن باحثين آخرين وجدوا أن فول الصويا ربما تكون له صلة بالعقم لدى الرجال، إذ يحتوي على هرمون الاستروجين الأنثوي الذي تتسبب كميات كبيرة منه في إضعاف الحيوانات المنوية، فما لا يعلمه أغلب الرجال أن فول الصويا موجود في كثير من الأغذية التي يتناولونها يوميا مثل البيتزا، فإذا كانوا يعانون بالفعل من مشكلة تتعلق بذلك فعليهم التقليل من تناوله بكثرة· كما تم التحذير من تأثير فول الصويا على الأطفال الذكور حيث يشكل نسبة عالية في الأغذية الجاهزة لأنه أرخص ويحتوي على تركيز أعلى من هرمون الاستروجين مقارنة بالأغذية الأخرى· علاج لحساسية الأطفال من ناحية أخرى، يعتبر حليب الصويا بديلاً مثالياً للأطفال المصابين بأنواع خاصة من الأكزيما ''حساسية جلدية''، إلى جانب الأطفال الرضع الذين يتناولونه عبر الزجاجة حيث يسبب لهم حليب البقر القيء والإسهال والمغص والأكزيما، وفي هذه الحالة يأتي حليب الصويا ليكون بديلا عن حليب البقر· خاصة وأنه يمكن تحضيره منزليا بإضافة 150 غراما من دقيق الصويا مع لتر ونصف من الماء ليسخن ببطء في وعاء مع التحريك المستمر حتى وصوله لدرجة الغليان، ومن ثم تخفض الحرارة تدريجياً مع الاستمرار في التحريك لمدة 20 دقيقة، ويمكن إضافة مادة لتحسين طعمه كعصير البرتقال أو العسل عندما يكون المستحلب بارداً و يمكن إضافة العسل أيضاً· غير أن هناك فئات قليلة من الناس لديها تحسس ضد الصويا ومشتقاته وعلاجهم الوحيد هو الامتناع عن تناوله·