الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرولة ميدان للذاكرة وأرجوحة للنسيان

الرولة ميدان للذاكرة وأرجوحة للنسيان
23 مارس 2008 01:54
ما إن تصل إلى مشارفها حتى يطالعك شعارها الرقيق: ''ابتسم·· أنت في الشارقة''، هذه المدينة التي كانت تحتضن على أرضها أقدم شجرة في المنطقة، تميزت بأغصانها الكثيفة وظلالها الوارفة التي لفتت انتباه المارين واحتضنتهم ليتفيأوا ظلها هرباً من أشعة الشمس· احتلت شجرة ''الرولة'' مكانة عالية لدى الناس، فقد كانت ملاذهم ومخبأ حكاياتهم وأحاديثهم التي يتداولونها وهم جالسون تحتها· كتب عنها الكثير من المهتمين بالتراث والحياة الاجتماعية في الماضي، وقيلت فيها قصائد عشق كثيرة، لعل أبرزها قصيدة الشيخ صقر القاسمي الذي كان حاكماً للشارقة من (1951/1966) ويقول فيها: يا رولة في ذراها النفس سارحة مني عليك سلام المدنف الشاكي لا زلت في خاطري والشوق يلعب بي وبين عيني لن ينفك مرآك الآن لم يبق من الرولة/ الشجرة سوى الاسم والذكريات وميدان يحمل اسمها في الشارقة ويبقيها حية في الذاكرة، لكن، ورغم مرور عشرات السنين على قطعها إلا أنها لا تزال تعيش في قلوب وضمائر أهل المنطقة وسكانها، فتلك الأغصان الكثيفة كانت في يوم من الأيام أعمدة تنصب عليها حبال أراجيح الأطفال أثناء تجمعهم في الأعياد والمناسبات· وهي شاهدة على أفراحهم و''تهانيهم'' وضحكاتهم التي كانت تطير مع (20 أرجوحة) تطير هي الأخرى في الأعالي· ناهيك عن ظلالها الكثيفة التي كانت تحتضن الجميع كما الأم الحنون التي تحتضن أبناءها بلهفة وشوق ومحبة، وتحميهم من لفحات الشمس الحارقة وهبوب الريح· موطن الأسرار والصفقات يقول عبيد راشد بن صندل- باحث في مجال التراث: ''تعتبر شجرة الرولة موطن الأسرار والحكايات، وملتقى حلقات التشاور، ومكانا لعقد الصفقات التجارية بين التجار، ومصدر إلهام الكثير من الشعراء، ومفتاح للذاكرة، كما كانت ملتقى لأهل الشارقة والإمارات في الأعياد وسباق الخيول· وتمتد جذورها في وجدان الناس، فكم مسافر أنهكته الرحلة يتمنى الوصول إليها ليلتقط أنفاسه تحت ظلالها· وكم شاعر كتب فيها قصائد حب، وكم أقيمت تحت ظلالها الكثيفة الألعاب الشعبية والأهازيج· وكم قدمت إليها العائلات مصطحبة أطفالها من جميع مدن الدولة للالتقاء تحتها، حيث كانت ظلالها تفترش مساحة تقرب من 400 قدم تزدان بالحبيبات الحمراء التي تظهر من بعيد وكأنها ثريات جميلة تزين الشجرة''· يضيف بن صندل: ''قامت حكومة الشارقة بتطوير الميدان الذي كانت توجد فيه شجرة الرولة، وتسميته باسمها، حيث بدئ العمل في رصف الميدان الجديد عام (1976)، وأقيم نصب الرولة التذكاري (مجسم نحاسي تم تصميمه على شكل الرولة كرمز لها)· وقد شيد بأمر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي وجه بأن يكون على شكل مستطيل وتبلغ مساحته (256 ألف قدم مربع) ويقع بين شارعي العروبة والزهراء، وتم تزويده بأعمدة إنارة، وغرست على جانبية (30 شجرة رولة) ووضع تصميمه المهندس كارلوس مارينات، وانتهى العمل عام (1982) ليكون بعدها معلماً سياحياً يقصده الزوار والسياح· أحداث مهمة وشهد ميدان الرولة العديد من الأحداث من أهمها كما يقول بن صندل: جنازة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأول مهرجان للطفولة، كما كان مكانا لعروض المهارات البدنية للذين يسحبون السيارات بأسنانهم، وعروض المصارعة وقوة العضلات، أما الصقارون فكانوا يتجمعون في الميدان مع صقورهم المدربة ويقدمون بعض العروض من خلال رمي بنادقهم في الهواء والتقاطها بعد ذلك في أجواء كرنفالية، كما أصبح الميدان خلال السنوات الماضية مقصد المتسوقين في ''مهرجان رمضان الشارقة''· هذه هي شجرة الرولة التي تغنى بها الشاعر الإماراتي خلف حمد ثاني في قصيدته: دمعة على الرولة بدمع سال أزمانا أنا أبكيك يا رولة الأغصان نشوانا وأبكي رقصة العصفور وأحباباً وخلانا وأبكي فيك أصحاباً أهازيجاً وريحانا صحيح أن الجميع ذهبوا، البسطاء والتجار والباعة والأطفال، وكذلك الأحداث والأحاديث، لكن الرولة ستظل في وجدان كل من استظل بظلها، وخط حرفا على غصنها، وأمسك جذعها، أو مر من جوارها وتفيأ ظلها·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©